بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

دكتورة حنان فتحى: تكتب لبوابة الدولة الاخبارية - الاستدامة ومستقبل الشركات

-

لا يزال مفهوم الاستدامة او التنمية المستدامة من المفاهيم التى تحظى باهتمام كبير، حيث يحرص الجميع على الاستفادة من التطورات التى يشهدها عالم اليوم، فحينما يتحدث العالم عن ديمومة التنمية وضمان استمراريتها، ينتقل هذا المفهوم إلى القطاع الخاص الذى يسعى دوما إلى تعظيم ارباحه وديمومة أداءه، فانتقل إلى عالم الاعمال مفهوم الاستدامة ذلك المفهوم الذى يرجع في تعريفه إلى "لجنة برونتلاند" عام 1987، حيث عرفت الاستدامة بأنها :"الأنشطة الاقتصادية التي تلبي حاجات الجيل الحالي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم"، وفقا لهذا التعريف ينصرف الفهم إلى اخذ البعد البيئى في الاعتبار، ويعنى ذلك أن الشركات يجب أن تأخذ المعايير البيئية في الحسبان في عملياتها وأنشطتها، وهو ما تبنته الامم المتحدة في اتفاقية باريس عام 2015، حينما توصل قادة العالم إلى إدراج قضايا البيئة، سواء المياه أو الطاقة أو التغير المناخي، وكذلك القضايا الاجتماعية مثل الخدمات الصحية والتعليم، في مفهوم الاستدامة، وإدراج القطاع الخاص في هذا المفهوم. وفى هذا الخصوص، تم التوصل إلى ثلاثة معايير كمية لقياس مدى التزام الشركات بها والتى اطلق عليها الاعتماد البيئي والاجتماعي، وهى: حجم استخدامها للطاقة، وتعاملها مع النفايات (سواء الخطيرة منها أو غيرها)، والتلوث واستخدامها للموارد الطبيعية والحيوانية.  والواقع أن الهدف من الالتزام بهذه المعايير الثلاثة إنما يأتى انطلاقا من سعى الشركات إلى تحقيق اهدافهم الربحية دون اهمال مستقبلهم في ضمان الاستمرارية والتنافسية، حيث يدرك اصحاب هذه الشركات أن النجاح لا يرتبط فقط بتحقيق الارباح السريعة قصيرة المدى، وإنما الاهم هو الارباح طويلة المدى التى تعطى الشركة القدرة على الديمومة والاستمرار.  ومن نافلة القول إن الحديث عن الاستدامة ودمجها في خطط الشركات يظل نجاحه مرهونا ببعدين آخرين مهمين: الاول يتعلق بالبعد الاجتماعى او ما يطلق عليه المسئولية الاجتماعية للشركات سواء تمثلت هذه المسئولية في علاقتها بموظيفهم وصحتهم وتدريبهم او علاقتهم بمحيطهم المجتمعى. أما الامر الثانى فهو ما اطلق عليه الحوكمة والتى تركز بشكل كبير على شفافية الشركة، سواء من ناحية الإفصاحات أو الإجراءات المحاسبية، إضافة إلى عدم استخدام نفودها السياسي في المنافسة مع الشركات الأخرى. تلك المنظومة ثلاثية الابعاد تمثل الاستراتيجية الاكثر انتشارا بين الشركات الكبرى الرامية إلى الحفاظ على ما حققته من نجاحات، وهو ما يمكن ان تعتبره الشركات المصرية الناهضة خارطة طريق واجب الالتزام بها سعيا لتعظيم الارباح والحفاظ على المقدرات. 


د. حنان فتحى 
رئيسة وحدة الدراسات الاقتصادية والمالية 
بمركز الحوار للدراسات السياسية والاعلامية