بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

تنشر ” بوابة الدولة ” حلقات متخصصة من خواطر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي

-

"الحمد لله" في خواطر الشعرواي


000

أعد الحلقات : محمد المصري

ذكر الله سبحانه وتعالى كلمتا " الحمد لله " فى القرآن  الكريم  21 مرةفى سورالقرآن كله  البالغة 114 سورة تبدأ بسورة الفاتحة وتنتهىبسورة  الناس ..  منها خمس مرات فى بداية أول سور الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر .

وكلمتا  "الحمد لله " فى فواتح هذه السور الخمس لها دلالات خاصة وتفسيرات مختلفة ترتبط بالسورة كما يقول شيخنا فقيه القرن العشرين محمد متولى الشعراوى فى خواطره عن القرآن الكريم  . 

ويسعد موقع  "بوابة الدولة الإخبارية " أن يقدم للقارئ العزيز سلسلة منالحلقات عن كلمتا  "الحمد لله" فى خواطر الشيخ الشعراوى " اعددتها لما تمثلة  لنا جميعا من اسرار وفيوضات ربانية كان يفتح الله بها على الشيخ الشعراوى ونريد ان يشاركنا القارئ فى هذه الفيوضات. 

وستتضمن هذه الحلقات مقدمة عامة عن كلمتي الحمد لله قدم بها الشيخ الشعراوى خواطره ثم نستعرض كلمتا الحمد لله فى  بداية السورالخمس .. وعلى الله قصد السبيل .

يقول الشيخ الشعراوى :  إن كلمتى الحمد لله، ساوى الله بهما بين البشر جميعا، فلو أنه ترك الحمد بلا تحديد، لتفاوتت درجات الحمد بين الناس بتفاوت قدراتهم على التعبير. فهذا أمي لا يقرأ ولا يكتب لا يستطيع أن يجد الكلمات التي يحمد بها الله. وهذا عالم له قدرة على التعبير يستطيع ان يأتي بصيغة الحمد بما أوتي من علم وبلاغة. وهكذا تتفاوت درجات البشر في الحمد.. طبقا لقدرتهم في منازل الدنيا.
ولكن الحق تبارك وتعالى شاء عدله أن يسوي بين عباده جميعا في صيغة الحمد له.. فيعلمنا في أول كلماته في القرآن الكريم.. أن نقول {الحمد للَّهِ} ليعطي الفرصة المتساوية لكل عبيده بحيث يستوي المتعلم وغير المتعلم في عطاء الحمد ومن أوتي البلاغة ومن لا يحسن الكلام.
ولذلك  يؤكد الشعراوى  : إننا نحمد الله سبحانه وتعالى على أنه علمنا كيف نحمده وليظل العبد دائما حامدا. ويظل الله دائما محمودا.. فالله سبحانه وتعالى قبل أن يخلقنا خلق لنا موجبات الحمد من النعم، فخلق لنا السماوات والارض وأوجد لنا الماء والهواء. ووضع في الأرض أقواتها الى يوم القيامة.

 وهذه نعمة يستحق الحمد عليها لأنه جل جلاله جعل النعمة تسبق الوجود الانساني، فعندما خلق الانسان كانت النعمة موجودة تستقبله. بل ان الله جل جلاله قبل أن يخلق آدم أبا البشر جميعا سبقته الجنة التي عاش فيها لا يتعب ولا يشقى. فقد خلق فوجد ما يأكله وما يشربه وما يقيم حياته وما يتمتع به موجودا وجاهزا ومعدا قبل الخلق.. وحينما نزل آدم وحواء الى الأرض كانت النعمة قد سبقتهما. فوجدا ما يأكلانه.

وما يشر بأنه، وما يقيم حياتهما.. ولو أن النعمة لم تسبق الوجود الانساني وخلقت بعده لهلك الانسان وهو ينتظر مجيء النعمة.

ويستعرض الشيخ الشعراوى النعم التى أنعم الله بها على الأنسان منذ انيخلق فى رحم أمه فيقول:
ان العطاء الالهي للانسان يعطيه النعمة بمجرد أن يخلق في رحم أمه فيجد رحما مستعدا لاستقباله وغذاء يكفيه طول مدة الحمل. فاذا خرج الى الدنيا يضع الله في صدر أمه لبنا ينزل وقت أن يجوع ويمتنع وقت أن يشبع. وينتهي تماما عندما تتوقف فترة الرضاعة. ويجد أبا وأما يوفران له مقومات حياته حتى يستطيع أن يعول نفسه.. وكل هذا يحدث قبل ان يصل الانسان إلى مرحلة التكليف وقبل أن يستطيع ان ينطق: {الحمد للَّهِ}.
وهكذا نرى أن النعمة تسبق الْمُنْعَمَ عليه دائما.. فالانسانَ حيث يقول (الحمد لله) فلأن موجبات الحمد وهي النعمة موجودة في الكون قبل الوجود الانساني.
والله سبحانه وتعالى خلق لنا في هذا الكون أشياء تعطي الانسان بغير قدرة منه ودون خضوع له، والإنسان عاجز عن أن يقدم لنفسه هذه النعم التي يقدمها الحق تبارك وتعالى له بلا جهد.
فالشمس تعطي الدفء والحياة للارض بلا مقابل وبلا فعل من البشر، والمطر ينزل من السماء دون ان يكون لك جهد فيه أو قدرة على إنزاله. والهواء موجود حولك في كل مكان تتنفس منه دون جهد منك ولا قدرة. والأرض تعطيك الثمر بمجرد أن تبذر فيها الحب وتسقيه.. فالزرع ينبت بقدرة الله.. والليل والنهار يتعاقبان حتى تستطيع أن تنام لترتاح، وأن تسعى لحياتك.. لا أنت أتيت بضوء النهار، ولا أنت الذي صنعت ظلمة الليل، ولكنك تأخذ الراحة في الليل والعمل في النهار بقدرة الله دون أن تفعل شيئا.
كل هذه الاشياء لم يخلقها الانسان، ولكنه خلق ليجدها في الكون تعطيه بلا مقابل ولا جهد منه. ألا تستحق أن نقول الحمد لله على نعمة تسخير الكون لخدمة الانسان؟ إنها تقتضي وجوب الحمد.
وآيات الله سبحانه وتعالى في كونه تستوجب الحمد.. فالحياة التي وهبها الله لنا، والآيات التي أودعها في كونه لتدلنا على أن لهذا الكون خالقاً عظيماً. فالكون بشمسه وقمره ونجومه وأرضه وكل ما فيه مما يفوق قدرة الانسان.. ولا يستطيع أحد أن يدعيه لنفسه. فلا أحد مهما بلغ علمه يستطيع أن يدعي أنه خلق الشمس أو أوجد النجوم أو وضع الأرض أو وضع قوانين الكون أو أعطى غلافها الجوي.. أو خلق نفسه أو خلق غيره .

ويشير الشعراوى إلى أن هذه الآيات كلها أعطتنا الدليل على وجود قوة عظمى، وهي التي أوجدت وهي التي خلقت.. وهذه الآيات ليست ساكنة، لتجعلنا في سكونها ننساها، بل هي متحركة لتلفتنا الي خالق هذا الكون العظيم.
فالشمس تشرق في الصباح فتذكرنا باعجاز الخلق، وتغيب في المساء لتذكرنا بعظمة الخالق.. وتعاقب الليل والنهار يحدث أمامنا كل يوم علمنا نلتفت ونفيق.. والمطر ينزل من السماء ليذكرنا بألوهية من أنزله.. والزرع يخرج من الأرض يسقي بماء واحد. ومع ذلك فإن كل نوع له لون وله شكل وله مذاق وله رائحة، وله تكوين يختلف عن الآخر، ويأتي الحصاد فيختفي الثمر والزرع.. ويأتي موسم الزراعة فيعود من جديد.
كل شيء في هذا الكون متحرك ليذكرنا اذا نسينا، ويعلمنا أن هناك خالقاً عظيماً.
ونستطيع أن نمضي في ذلك بلا نهاية فنعم الله لا تعد ولا تحصى.. وكل واحدة منها تدلنا على وجود الحق سبحانه وتعالى، وتعطينا الدليل الايماني على ان لهذا الكون خالقاً مبدعاً.. وانه لا أحد يستطيع أن يدعي أنه خلق الكون أو خلق ما فيه.. فالقضية محسومة لله.. و{الحمد للَّهِ} لأنه وضع في نفوسنا الإيمان الفطري ثم أيده بإيمان عقلي بآياته في كونه.  

البقية الحلقة القادمة ان شاء الله.. 

0000

00