بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

التنوع البيولوجى والمسئولية المشتركة

-







بقلم د حنان فتحى رئيس وحدة الدراسات المالية والاقتصادية -مركز الحوار للدراسات السياسية والاعلامية


فى خضم ما واجهته الدولة المصرية من تحديات وصعوبات على مدار الاعوام الماضية، مثلت رؤية 2030 نقطة الانطلاق نحو بناء المستقبل، وفى القلب من تلك الرؤية كانت قضية التنمية المستدامة التى حظيت باهتمام كبير، وارتباطا بها جاء استضافة مصر للمؤتمر الرابع عشر لاتفاقية الامم المتحدة للتنوع البيولوجى فى منتصف نوفمبر الجارى ليؤكد على مدى الاهتمام الذى توليه الدولة لقضية البيئة فى أبعادها المختلفة، إذ حرصت الدولة المصرية على ادراج البعد البيئى فى جميع المجالات والقطاعات، وهو ما اكسبها مكانة متميزة تجلت فى  استضافة هذا المؤتمر لتصبح أول دولة عربية وثانى دولة افريقية تستضيف هذا الحدث الذى يُعد احد اكبر مؤتمرات الامم المتحدة فى مجال التنوع البيولوجى على المستوى الدولى.

ومن المهم هنا ان نشير إلى نقطة غاية فى الاهمية وهى أن الاهتمام الحكومى بقضية البيئة بصفة عام والتنوع البيولوجى بوجه خاص برز منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضى حينما تم إعداد استراتيجية وطنية وخطة عمل قومية فى مجال التنوع البيولوجى (1997-2017) وذلك بمشاركة جميع المؤسسات والاجهزة والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية فضلا عن مشاركة الباحثين والمتخصصين. ويُذكر ان هذه الخطة قد تم اعتمادها فى مؤتمر موسع تم تنظيمه بهذا الخصوص عام 1998. وفى السياق ذاته، تم وضع الخطة الوطنية للعمل البيئى فى مصر (2002-2017) بمشاركة حكومية وأهلية وشعبية واسعة.

والحقيقة ان الاهتمام المصرى بقضية التنوع البيولوجى يرجع إلى قديم العهود، منذ ان فطن القدماء المصريون إلى أهمية ما تتمتع به مصر من ثراء فى مواردها الطبيعية والتراثية ذات القيمة البشرية العالية، فكان ثمة حرصا شديدا للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية والموارد التراثية، ذلك الحرص الذى سجلته جدران المعايد الفرعونية القديمة، إدراكا منهم بأن التنوع البيولوجى هو عماد الحياة البشرية، وأساس الانشطة الانتاجية والتنموية المختلفة بدءا من الزراعة، مرورا بالانتاج الحيوانى بمختلف صوره واشكاله، وصولا إلى مختلف المجالات المعيشية كالصناعة والسياحة وغيرها.

وما نود ان نخلص إليه هو أن استضافة مصر لهذا المؤتمر الدولى المهم تؤكد على استعادتها لدورها الريادى، ومكانتها الاقليمية والدولية، إذ يوجه انظار العالم كله لها كدولة استعادت استقرارها الأمنى، وحققت نجاحها الاقتصادى، واستكملت نهوضها الاجتماعى، وحافظت على تنوعها البيولوجى من خلال دمج مفاهيمه فى القطاعات التنموية المختلفة. ولضمان نجاح هذا المؤتمر فى أن الاتيان بالثمار المرجوة فى ضوء ما نواجهه اليوم من ضغوطات مستمرة على مواردنا الطبيعية نتيجة الاستخدامات الجائرة لهذه الموارد والتى نتج عنها فقدان كثير من التنوع البيولوجى والتراث الثقافى، أصبحنا فى حاجة ماسة إلى معالجة جديدة لحماية هذا التنوع البيولوجى، أخذا فى الحسبان أن مسألة الحماية ليست مسئولية وزارة البيئة فحسب، وإنما هى قضية مجتمعية تشابكية، تتحملها جميع الجهات والقطاعات المختلفة، بما يستلزم تكاتف الجهود وتضافرها.