الهجرة غير الشرعية… حلم الشباب أم هروب من واقع موجع؟

لم تعد الهجرة غير الشرعية مجرد خبر عابر في نشرات الحوادث، بل تحولت إلى حلم مؤجل في عقول آلاف الشباب، وحلم قد ينتهي بجثة مجهولة على شاطئ بعيد أو اسم في قائمة المفقودين.
في القرى والنجوع، لم يعد السؤال: “هتشتغل إيه؟”
بل أصبح: “هتسافر إمتى؟”
واقع ضاغط يصنع الحلم
بطالة، دخل لا يكفي، غلاء معيشة، وشهادات جامعية معلقة على الجدران بلا قيمة حقيقية في سوق العمل.
هذا الواقع دفع كثيرًا من الشباب إلى الإيمان بأن البحر أرحم من البر، وأن الموت غرقًا أهون من حياة بلا أفق.
“مش عايز أبقى غني… أنا عايز أعيش”
جملة تتكرر على ألسنة شباب قرروا المخاطرة بكل شيء.
سماسرة الوهم وسط هذا اليأس، ظهر تجار الأحلام.
سماسرة الهجرة غير الشرعية لا يقدمون وعودًا مكتوبة، فقط كلمات محسوبة: “ناس سافرت وبقت كويسة”
“المركب مضمونة”
“دي آخر مرة”
لكن الحقيقة التي لا تُقال:
لا عقود، لا ضمانات، لا عودة.
أرقام صامتة ودموع حاضرة
تقارير دولية تؤكد أن آلاف الشباب لقوا مصرعهم خلال محاولات الهجرة غير الشرعية خلال السنوات الماضية، بينما تقف أسرهم أمام المجهول:
أم تنتظر مكالمة لا تأتي
زوجة شابة بلا زوج
طفل لا يعرف هل أبوه ميت أم مفقود
الوجع هنا ليس فرديًا… بل مجتمع كامل ينزف.
هل هي جريمة أم نتيجة؟
الهجرة غير الشرعية جريمة بنص القانون، نعم.
لكن السؤال الأهم:
هل نحاسب الضحية فقط، أم نبحث عن الجذور؟
حين يغيب الأمل، يصبح القانون بالنسبة للبعض رفاهية لا يملكونها.
الدولة بين المواجهة والحلول
لا يمكن إنكار الجهود المبذولة من الدولة في:
تشديد العقوبات على سماسرة الهجرة
إطلاق مبادرات تدريب وتشغيل
التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية
لكن التحدي الحقيقي يظل في تحويل هذه الجهود إلى فرص ملموسة يشعر بها الشاب في قريته وبيته.
حلم أم هروب؟
الهجرة غير الشرعية ليست حلمًا…
هي هروب من واقع لم ينجح البعض في احتماله.
وستظل القوارب تمتلئ، ما دام:
العمل حلم ، الكرامة معركة ، الأمل رفاهية
الشباب لا يهربون من وطنهم، هم فقط يبحثون عن حياة تستحق أن تُعاش.
والسؤال الذي يجب أن يُطرح بجرأة: كم شابًا يجب أن يغرق، حتى نعيد تعريف الحلم داخل الوطن؟

