التعليم خلف الأسوار.. مراكز الإصلاح والتأهيل تعيد بناء النزلاء

تشهد مراكز الإصلاح والتأهيل تطورا ملحوظا في منظومة العمل داخلها، في إطار توجه الدولة نحو ترسيخ مفهوم العقوبة الإصلاحية، والاهتمام بإعادة تأهيل النزلاء ودمجهم في المجتمع كأفراد صالحين قادرين على بدء حياة جديدة عقب انتهاء فترة العقوبة.
ويأتي هذا التطور انعكاسا لرؤية شاملة تستهدف الارتقاء بأوضاع النزلاء الإنسانية والاجتماعية والتعليمية، بما يحقق التوازن بين تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان.
من محو الأمية إلى الدكتوراه داخل مراكز الإصلاح والتأهيل
ويولي قطاع الحماية المجتمعية اهتماما خاصا بملف التعليم داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، باعتباره أحد أهم أدوات إعادة التأهيل وبناء الإنسان، حيث يتم توفير فرص تعليمية متكاملة للنزلاء بمختلف فئاتهم.
ويشمل ذلك محو أمية النزلاء غير المتعلمين، من خلال برامج تعليمية منظمة تسهم في تمكينهم من القراءة والكتابة، بما يساعدهم على الاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنهم.
ولا يقتصر الاهتمام التعليمي على محو الأمية فقط، بل يمتد ليشمل النزلاء الحاصلين على مراحل تعليمية مختلفة، حيث يتم إتاحة الفرصة أمامهم لاستكمال تعليمهم في المراحل الدراسية المتنوعة، سواء التعليم الأساسي أو الثانوي أو الجامعي، وفقا للضوابط المعمول بها.
ويتم ذلك داخل فصول دراسية مجهزة، تضم أدوات تعليمية مناسبة، ويشرف عليها معلمون متخصصون لضمان جودة العملية التعليمية.
مراكز الإصلاح تتيح استكمال الدراسة العليا
وفي إطار دعم الطموح العلمي للنزلاء، تتيح مراكز الإصلاح والتأهيل استكمال الدراسة العليا، حيث نجح عدد من النزلاء في الحصول على درجات علمية متقدمة، من بينها الماجستير والدكتوراه، وهو ما يعكس جدية المنظومة التعليمية داخل هذه المراكز، وقدرتها على تحويل فترة العقوبة إلى فرصة حقيقية للتطوير الذاتي وبناء المستقبل.
مراكز الإصلاح والتأهيل تطبق فلسفة العقوبة الإصلاحية ودمج النزلاء
كما تحرص مراكز الإصلاح والتأهيل على تنمية الوعي الثقافي والمعرفي للنزلاء، من خلال إتاحة مكتبات ضخمة تضم آلاف الكتب والمراجع في مختلف المجالات العلمية والأدبية والدينية والثقافية.
وتعد هذه المكتبات متنفسا فكريا للنزلاء، حيث يقضون بها أوقاتا طويلة في القراءة والاطلاع، بما يسهم في توسيع مداركهم وصقل شخصياتهم.
ويأتي هذا الاهتمام الشامل بالتعليم والثقافة داخل مراكز الإصلاح والتأهيل في إطار سياسة وزارة الداخلية الهادفة إلى تعزيز دور الحماية المجتمعية، وتحويل هذه المراكز إلى مؤسسات إصلاحية متكاملة، تسهم في إعداد النزيل للعودة إلى المجتمع بصورة إيجابية، وتدعم جهود الدولة في بناء الإنسان وتحقيق الاستقرار المجتمعي.

