بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : واقعنا السياسى وعلاقته بالإخفاق المتزايد للحياه الحزبيه والبرلمانيه .

محمود الشاذلى
-

لعله من المناسب ونحن مازلنا في أجواء الانتخابات حتى إعلانها رسميا أن أتناول بعض الجوانب السياسيه ، إنطلاقا من مسئوليه وطنيه والذى معها يتعين وفورا قيام الأحزاب السياسيه التى خاض مرشحيها الإنتخابات ، وحققت تلك النتائج الكارثيه شعبيا ، وقبلهم أحزاب الموالاه وحوارييهم التى حققت نتائج تبتعد عن المصداقيه ، لأنه لاعلاقه لها بالواقع ، بتشكيل لجان متخصصه من قيادات الأحزاب تقوم بتحليل النتائج ، والبناء عليها ، إستعدادا لإستحقاقات إنتخابيه قادمه ، وقد يكون محليات ، وإجراء مراجعه للإجابه على السؤال الجوهرى ماالذى حدث ؟ وذلك بغية الإصلاح ، وليس لجلد الذات ، شريطة أن يبتعد الجميع عن الهزل ونهج البحث عن شماعه يعلقون عليها فشلهم ، أو مبررا واهيا بالزعم بعدم وجود ضمانات للعمليه الإنتخابيه ، لأنهم طالما وافقوا على خوضها على هذا النحو الذى إرتضوه من ناحية الدعايه ، وآلياتها ، ونظامها ، لاحديث لهم فيما كان يجب أن تكون عليه الانتخابات من ضمانات على حد قول بعضهم .

الحقيقه اليقينيه تشير إلى أن واقع الحال على هذا النحو إن لم يتصدر مشهده عقلاء بتلك الأحزاب ، وإعتراف بالفشل لدى من أخفقوا ، والحديث بصراحه عن الضعف الذى إنتاب بنيان كل الأحزاب بلا إستثناء ، والعمل على جعل الواقع الحزبى والسياسى أكثر فاعليه ، وأعمق في الأداء ، وأقرب إلى المواطن ، سيكون نتيجته مزيدا من التراجع فى الأداء السياسى والمجتمعى ، وإخفاق متزايد في التجربه الحزبيه ، وتلاشى حقيقى للحياه البرلمانيه ، وإنعدام حقيقى أيضا وبصراحه لنموذج النائب الذى يولد من رحم الشعب ، ويأتي بإراده شعبيه حقيقيه وليست ديكوريه مهلبيه .

أطرح ذلك مؤكدا على أن الأحزاب السياسيه جميعها في مأزق خطير ، الأحزاب المحسوبه على السلطه بما إعترى كثر فيها من رحرحه ، وعشق الذات ، وتعاظم الأنا ، نظرا لعدم وجود منافسه حقيقيه ، كان من نتيجتها ضعف شديد في نوعية الأعضاء ، والأداء ، وكذلك الأحزاب المحسوبه على المعارضه والمستقله التي يطلق عليها أنها جميعا صنيعة نظام ، فتقزمت في شخوص المتصدرين لمشهدها خاصة أعضاء البرلمان منه بغرفتيه الذين نالوا الحصانه بلا عناء أو جهد شعبى فأصيبوا بالهزال لإنعدام المنافسه الحقيقيه مع الآخرين ، وهذا المكون الحزبى على هذا النحو ليس في صالح واقعنا السياسى ، ولا المجتمعى ، ولاحتى الدوله ذاتها ، لأن قوة الأحزاب من قوة الدوله وضعفها معول هدم في كيان الدوله ، لذا لابد من الإصلاح .

لعل أولى خطوات الإصلاح الإعتراف صراحة بأن مرجع هذا الوضع الحزبى المتردى ماطال الأحزاب من تهميش ، وتقزيم ، وحصار ، أوصلها إلى مرحلة الإحتضار ، ولعل ما رصده كل المعنيين بالإنتخابات من توهان الناس في الشارع ، والصعوبه الشديده لإقناعهم بأهمية المشاركه فرصة لمنحها قبلة الحياه ، وجعل الواقع الحزبى يتسم بالإحترام ، ويتمخض عن خبرائه دراسات تصب في خانة حل المشكلات والنهوض بالوطن ، وكذلك الإستفاده من الخبرات التي تحتويها تلك الأحزاب ، مع البدء فورا ودون إبطاء بإحداث ترميم سريع لتلك الأحزاب قبل أن يتهاوى بنيانها .

أرى حتمية أن يكون هناك حوار وطنى حقيقى ومحترم بشأن واقعنا السياسى والحزبى ينطلق من رؤية ، ومنهج ، وأطروحات ، إنطلاقا من الموضوعيه والإحترام ، والحجه والبيان ، حوار يفرضه مصلحة الوطن وليس الشو الإعلامى الذى ينتهى بمزيد من التهكم والسخريه والإحباط ، وليس حوار الطرشان ، أو المتلقين ، أو الذى يسبقه زخم شديد ثم يتلاشى ويتقزم حتى ينساه الجميع ، أو الحادث فى الغرف المغلقه بلا إدراك لأى مضامين . أعتقد أنه لايختلف معى حول مضامين ماطرحت وطنى مخلص ، أو راصد لواقعنا من الأجهزه ، أو محلل ينطلق من تحليله من حياديه وشفافيه .

يقينا .. قد يكون ماطرحته مؤلم لأنه يتسم بالصراحه ، لكنه المنطلق الوحيد لتصحيح المسار ، وإقناع الشباب ، وكل أصحاب الفكر والرؤيه والخبرات أن يكونوا فاعلين بتلك الأحزاب ، حتى يستفيد من خبراتهم الوطن ، وهذا النقد الذاتي الذى أحدثته أراه ظاهره صحيه لأن نهايته لاشك رؤية محترمه بحق تلك الأحزاب ، تعظم الإيجابيات ، وتكشف النقاب عن السلبيات ، وهذا يدفعنا إلى حوارات أعمق ، وهذا لن يتأتى أو يكون له نتائج فاعله إلا إذا كان هذا النهج في المراجعه منطلقه فك القيود التي كبلت الأحزاب ، لإنقاذ مايمكن إنقاذه من واقعنا الحزبى والسياسى .