بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : البنك الدولى .. ومؤامرة تخريب التعليم فى مصر

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد
-

التصريح الذى أدلى به ستيفان جيمبرت المدير الإقليمى للبنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي مؤخرا عن التعليم المصرى يؤكد مدى التدخل من قبل هذا الكيان المالى فى تفاصيل ذلك القطاع الإستراتيجى الذى يرسم خريطة المستقبل للوطن ، حيث أكد جيمبرت تقديره للجهود المبذولة من قِبل وزارة التربية والتعليم فى مصر فى تنفيذ خطط تطوير المنظومة التعليمية.
وأكد «جيمبرت»، أن البنك الدولي حريص على مواصلة دعم برامج التعاون والشراكة مع مصر، بما يعزز مسيرة الإصلاح التعليمي ويرفع جودة الخدمات المقدمة للطلاب والمعلمين.
وقد يثير هذا التدخل تساؤلات البعض عن علاقة تلك الجهة المالية العالمية المانحة للقروض بالتعليم فى مصر خاصة وأن هذا الأمر جديدا على العملية التعليمية المحلية ، ولكن قد تزول علامات الإستفهام حين نعود إلى الرابع من شهر إبريل عام ٢٠١٨ و هو اليوم الذى تحررت فيه شهادة الوفاة للتعليم المصرى الحقيقى حيث أن هذا اليوم شهد ركوع مصر أمام البنك الدولى وتسليمه مفاتيح التعليم المصرى ليفرض هيمنته وشروطه المحجفة وذلك مقابل قرض هزيل تبلغ قيمته ٥٠٠ مليون دولار حيث تم فى هذا اليوم المشئوم توقيع إتفاقية القرض والذى يعد إعلانا رسميا لتحكم البنك فى تعليم أبناء الوطن.
ولا شك أن هذا الخنوع أدى إلى فرض هيمنة البنك على التعليم المصرى والذى كانت نتيجته هذا التراجع التام فى مستوى الخدمة التعليمية خاصة فى المدارس الحكومية وظهور سلوكيات شاذة من آن لآخر فى جميع المدارس ناهيك عن أعمال العنف والتجاوز اللأخلاقى الذى وصل إلى حد تعدى التلاميذ على المعلم ليس فقط بالألفاظ بل وبالأيدى أيضا.
وتتمثل خطورة هيمنة البنك الدولي على التعليم المصري فى تواكل الحكومة على التمويل الخارجى وتراجع الإنفاق الحكومى على تلك المنظومة الحيوية.
كما أن هذا الأمر يؤدى إلى ضعف سيادة القرار الوطنى على التعليم حيث أن الهيمنة المالية تؤدى إلى تحويل بوصلة أهداف النظام التعليمي لتتوافق مع أولويات البنك الدولى وليس بالضرورة مع احتياجات المجتمع المحلى أو رؤيته المستقبلية ، فضلا عن أن تقليص الإنفاق الحكومى يشجع البنك الدولى على خفض الإنفاق العام على التعليم ، ونتيجة ذلك شهدت العملية التعليمية تفاقم مشاكل نقص المعلمين والفصول الدراسية.
وأدت سيطرة البنك الدولى على التعليم فى مصر إلى توجيه المناهج لتلبية متطلبات سوق العمل من وجهة نظر القطاع الخاص الذى يلقى كل الدعم بل ويحصل على الإمتيازات فى الوقت الذى يكبل القطاع العام بكل القيود من أجل إسقاطه وتعرضه للخسائر ، وهذا الأمر تسبب فى تقليل التركيز الحكومى على التعليم الشامل والمتوازن الذى يشمل العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وأصبحت مصر رهينة لسياسات البنك الدولى وتوجيهاته ، وأصبح أيضا من الصعب أن يتم تغيير مسارها التعليمي دون الحصول على دعم خارجى.
وقد يعلم الكثيرون أن المؤسسات المالية الدولية يسيطر عليها كيانات معادية على رأسها الكيان الصهيونى الذى بالطبع لا يهدف إلى تحقيق الرقى للتعليم فى مصر بل كل همه البحث عن وسائل لتخريب هذه القطاع الحيوى خاصة وأن التاريخ الأسود لهذا الكيان الوضيع يؤكد على القيام بإغتيال العديد من علماء ونوابغ مصر الذين برزوا فى شتى المجالات وبخاصة فى المجال النووى ، ويعلم هذا الكيان أن عدد
الخبراء والعلماء المصريين فى العلوم التطبيقية يبلغ ٨٦٠ ألف بينهم ١٨٨٣ عالم نووى فى مختلف المراكز العلمية على مستوى العالم وجميعهم من خريجى المدارس الحكومية وذلك طبقا لما أعلنه إتحاد المصريين فى الخارج.
ووقعت مصر فى هذا الفخ المشبوه وقبلت الحكومة بكل خنوع هذا القرض الذى كان بمثابة لىّ لذراع الدولة حيث أن القرض كان يقابله شروط لابد من تنفيذها للموافقة على القرض وسال لعاب الحكومة على تلك الحفنة من الدولارات متجاهلة أن هذه الشروط تضع التعليم تحت مقصلة الأعداء الذين تمكنوا من فرض تلك الشروط والتى تتعلق بعدم الإعتماد على الخبرات التعليمية بحجة تشجيع الشباب على تبوأ المناصب الإدارية العليا ولكن فى حقيقة الأمر كل ما يرغب فيه البنك الدولى هو إبعاد خبراء التعليم الحقيقيين عن الإدارة وحذفهم تماما من المشهد ، متجاهلين أن التعليم أمن قومى وهو حجر الأساس فى خلق أجيال واعية غير مغيبة تستطيع قيادة الأمة نحو مستقبل مشرق ينجو بالوطن من مخاطر الجهل والتخلف.

كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى