بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الوحدة الصحية بقرية الحرية 3 ببنى سويف صرحٌ طبيٌّ مهجور ومأساة إنسانية تتفاقم في صمتٍ رسميٍّ مخزٍ”

غلق الوحدة الصحية
أحمد ورشان -

في مشهدٍ يقطر ألمًا ويعكس قسوة الإهمال وغياب الضمير، يعيش أهالي قرية الحرية 3 التابعة لمركز الفشن بمحافظة بني سويف مأساةً إنسانيةً حقيقية، عنوانها العريض "المرض بلا دواء، والاستغاثة بلا مجيب".

الوحدة الصحية الوحيدة في القرية، التي من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول في وجه المرض والموت، تحوّلت إلى مبنى مغلق "بالضبة والمفتاح"، لا ينبض فيه سوى صدى الصمت والخذلان أبوابها موصدة، وأمل الناس فيها مفقود، وكأنها شاهدٌ صامتٌ على جريمة إدارية وإنسانية مكتملة الأركان.

رغم أن الوحدة مُدرجة رسميًا على الورق بوجود ثلاثة أطباء بشريين وثلاثة صيادلة، فإن الواقع أكثر قسوةً من الخيال: لا أطباء، لا علاج، لا إسعافات، لا أمصال، لا حتى خياطة لجرح طفل صغير. فقط أربع موظفات يقمن بالتطعيمات، وكأنهن يُسدلن الستار على مسرحية عبثية عنوانها "سدّ الخانة".

في كل مرة يصرخ فيها مريض، لا يسمعه أحد. في كل مرة تسقط فيها أمٌّ باكية على طفلها المريض، لا تجد من يمدّ لها يد العون. في كل مرة يُنقل فيها مريض على دراجة نارية إلى أقرب مستشفى على بعد عشرات الكيلومترات، تُسجَّل نقطة سوداء جديدة في سجل الإهمال الرسمي.

أهالي القرية، الذين لم يعد في قلوبهم سوى الغضب والخذلان، أرسلوا فاكسًا عاجلًا إلى وزارة الصحة، يناشدون فيه التدخل الفوري لإنقاذ ما تبقى من كرامة الإنسان في قريتهم المنسية. فهل يُعقل أن تظل وحدة صحية مغلقة في وجه المرضى، بينما تُهدر الملايين على مشروعات لا تمسّ حياة الناس اليومية

أين ضمائر المسؤولين؟ أين الرقابة؟ أين الإنسانية أم أن أرواح البسطاء لا تساوي شيئًا في ميزان الأولويات

إن ما يحدث في قرية الحرية 3 ليس مجرد إهمال، بل هو جريمة صامتة تُرتكب كل يوم، ضحاياها من الفقراء الذين لا يملكون سوى الدعاء فهل من مغيث قبل أن تتحوّل هذه القرية إلى مقبرة للأمل