المستشار محمد سليم يكتب: من هم الرجال الذين يحمون الأوطان؟

الأوطان ليست مجرد خرائط وأعلام، وليست شعارات تتردد على المنابر. الأوطان قلوب الناس، أحلامهم، وكرامتهم. وحمايتها مسؤولية الجميع، كل حسب دوره، وكل حسب مكانه في الحياة.
الرجال الذين يحمون الأوطان ليسوا محصورين في ساحات المعارك أو الصفوف العسكرية. الجندي والقائد في المعركة يحمي الوطن بسلاحه، والمدرس في الفصل يغرس القيم والمعرفة في عقول الأجيال، والطبيب في الوحدة الصحية ينقذ الأرواح ويصون صحة الوطن. الصحفي حين يكتب الحقيقة، يكشف الزيف ويثبت الحرية. المهندس داخل المصنع والفلاح في الحقول يبنيان ويزرعان الخير الذي يعيشه الجميع، وأستاذ الدستور والقانون يعلمنا العدالة، ويذكّرنا بحقوقنا وواجباتنا، بينما العامل البسيط يسهر على تفاصيل الحياة اليومية التي يستهين بها الكثيرون.
لكن حماية الوطن لا تقف عند هذا الحد. القضاة الذين يصدرون البراءة للمظلومين، هم حراس العدل وروح النزاهة. من يحمون الانتخابات ويضمنون سيرها بشفافية، هم حماة الديمقراطية وضمان استمرار الحقوق. خطباء المساجد الذين يزرعون قيم الخير والأخلاق في النفوس، وأجهزة الرقابة التي تحارب الفساد وتكشف الممارسات الظالمة، كل هؤلاء رجال الوطن، وكل واحد منهم يشارك في بناءه وحمايته، كلٌ في مجاله.
الأوطان تحتاج اليوم إلى هؤلاء الرجال أكثر من أي وقت مضى. ليس كل من يرفع السلاح يحمي الوطن، وليس كل من يحمل قلمًا أو يُلقي خطبة يفعل الخير. الوطن يحتاج إلى من يضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، إلى من يختار الصدق والشجاعة على الكسل والخيانة، إلى من يفهم أن التضحية ليست شعارات تُكتب، بل أفعال تُمارس يوميًا، بصبر، بإيمان، ووعي.
في النهاية، حماية الأوطان رسالة أخلاقية قبل أن تكون مهمة سياسية أو عسكرية. هي التزام بالعدل، بالعلم، بالعمل، وبالحق. والرجال الذين يحمون الأوطان هم كل من يضحّي من أجل الخير، كل جندي، وقائد، ومدرس، وطبيب، وصحفي، ومهندس، وفلاح، وأستاذ، وعامل بسيط، وقاضٍ، وخطيب مسجد، ومراقب للفساد، ومن يضمن سير الانتخابات، وكل من يعيش الوطن في قلبه قبل أن يعيش على أرضه.
هؤلاء الرجال هم صمام أمان الأمة، وعماد كل أمل، وروح كل وطن. وهم الدليل الحي على أن الأوطان لا تحمى إلا بالرجال الذين يختارون الوفاء على كل شيء، والحق فوق كل اعتبار، والمستقبل فوق كل مصلحة شخصية.

