محمد خليفة يكتب:أجور منتهية الصلاحية

تحولات اقتصادية سريعة وتهديدات من مختلف الاتجاهات، تصبح الأجور الثابتة إحدى القضايا الرئيسية التي تواجه العاملين في شتى القطاعات وخاصة القطاع الاعلامى رغم الجهود المستمرة للتعامل مع التضخم وزيادة الأسعار، فإن الأجور لم تعد كافية لتلبية احتياجات الأفراد في هذا السياق، يصبح من الضروري ليس فقط فحص الأسباب وراء هذه الأجور المنتهية الصلاحية، ولكن أيضًا وضع خطط واستراتيجيات فاعلة لتحسين الوضع ومن هنا تأتي الحاجة إلى التخطيط السليم، إدارة المخاطر، وتحقيق نماذج ربحية مبتكرة، لا سيما في المؤسسات الإعلامية التي تواجه تحديات مالية متزايدة.
فالأجور الثابتة تواجه عدة عوامل تساهم في تآكل قيمتها بمرور الوقت منها ارتفاع التكاليف المعيشية: في ظل الزيادة المستمرة في أسعار السلع والخدمات الأساسية تجد الأجور الثابتة صعوبة في مواكبة هذه الزيادة مما يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للعاملين، وتغيرات سوق العمل: مع ظهور تقنيات جديدة وصناعات مبتكرة تتحول بعض الوظائف التقليدية إلى وظائف أقل ربحية بينما تبقى الأجور دون تعديل مناسب، والفجوة بين العرض والطلب: في العديد من الصناعات، تتفاوت الأجور بناءً على المهارات المطلوبة ومع استمرار السوق في التحول يصبح من الضروري تحديث الأجور بما يتناسب مع الطلب الفعلي على مهارات معينة.
من أجل معالجة هذه الأزمة يجب على الحكومات والشركات وضع خطط استراتيجية واضحة لتحسين الوضع. يشمل هذا: تعديل الأجور بشكل دوري، مع وضع آلية دورية لمراجعة الأجور بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية السائدة هذه المراجعة يجب أن تتم وفقًا لمؤشرات التضخم وارتفاع الأسعار وليس فقط بناءً على ربحية الشركات أو السياسات الحكومية، مع تطبيق نظام الأجور العادلة: اى أن يشتمل النظام على معايير شاملة لضمان حصول العمال على أجور تتناسب مع مؤهلاتهم وأدائهم يمكن تطبيق هذا النظام في الشركات الكبرى والمؤسسات الحكومية على حد سواء مع التركيز على القضاء على الفوارق الكبيرة في الأجور بين القطاعات المختلفة، وذلك من خلال الاستثمار في تدريب العاملين وتطوير مهاراتهم يمكن تحفيزهم للحصول على وظائف أعلى أجرًا يعمل ذلك على تعزيز قدرتهم على التكيف مع التغيرات السريعة في سوق العمل ويعزز من قدرتهم على المنافسة في الاقتصاد العالمي.
وهنا لابد من دور فعال لإدارة المخاطر في معالجة الأجور الثابتة، بمعنى إن تعديل الأجور وتطوير السياسات الاقتصادية ليس بالأمر السهل وقد يحمل في طياته مجموعة من المخاطر التي يجب التعامل معها بحذر من أبرز هذه المخاطر: مخاطر التضخم ، وزيادة الأجور يمكن أن تؤدي إلى تضخم مفرط إذا لم تكن هناك سياسات اقتصادية موازية مثل تحسين الإنتاجية أو زيادة المعروض من السلع والخدمات، اختلالات سوق العمل: من الممكن أن يؤدي رفع الأجور في قطاع واحد إلى زيادة غير متوازنة في الطلب على بعض المهارات مما يؤدي إلى تفاوت كبير في الأجور بين القطاعات، تقليص القوى العاملة: في بعض الحالات قد يؤدي رفع الأجور إلى تقليص حجم القوى العاملة بسبب ارتفاع التكاليف التشغيلية، ما يعرض الشركات لتحديات كبيرة.
لذلك، يجب أن تكون كل خطوة في تعديل الأجور مدروسة بدقة، ويجب أن تتضمن استراتيجيات لإدارة هذه المخاطر بأقل ضرر ممكن.
استراتيجيات مؤسسات الإعلام في مواجهة الأجور المنتهية الصلاحية: حيث يكون تأثير الأجور الثابتة أكثر وضوحا، حيث أن العاملين في هذا القطاع غالبا ما يواجهون تحديات أكبر في ظل المنافسة العالمية والتحديات المالية التي تواجهها الشركات الإعلامية لكن الاستراتيجيات الذكية قد تسهم في تخفيف الأثر، مع تبني نماذج ربحية جديدة تعتمد على التنوع في مصادر الدخل.
فالأجور المنتهية الصلاحية ليست مجرد مسألة اقتصادية بل هي انعكاس لمشاكل هيكلية في السوق خاصة في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي من خلال التخطيط الاستراتيجي الدقيق إدارة المخاطر وتطبيق نماذج ربحية مبتكرة، يمكن للشركات وخاصة المؤسسات الإعلامية أن تتجاوز هذه التحديات وتحقق تقدما يضمن حياة أفضل للعاملين يجب أن يتم تبني هذه الاستراتيجيات بشكل مرن ومتكامل لتوفير حلول مستدامة لزيادة الأجور وتحقيق العدالة الاقتصادية.
كاتب المقال: محمد خليفة... مستشار التطوير المؤسسي وإدارة المخاطر.

