الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : وماذا بعد فيتو الرئيس على إنتخابات النواب .

لاشك أن فيتو الرئيس على إنتخابات النواب كبح جماح المغرضين ، الذين أرادوا السيطره على واقعنا السياسى والإنتخابى ببجاحه إنطلاقا من شعارات جوفاء ، وكلمات معسوله ، وأوقف مايتم على رؤوس الأشهاد من عمليات دعم واضحه وصريحه لمرشحى أحزاب الموالاه وصل إلى درجة التواصل العلنى مع العمد والمشايخ والشخصيات العامه ورؤساء المصالح والهيئات حتى كاد يعترى الجميع الإحباط ، كما جاء بمثابة نجده من السماء لإنقاذ من تقرر التخلص منهم من النواب بطريقه لاعلاقه لها بالصندوق ، الأمر الذى خلق حاله من التعاطف معهم لم تكن فى الحسبان رغم ماتم طرحه من تحفظات بحقهم ، كما زلزل فيتو الرئيس الأرض من تحت أقدام الأحزاب التى عظمت المال السياسى الفاسد ، وفرضت مرشحين بالباراشوت بالقطع حصلوا على عضوية البرلمان قبل الإنتخابات ، لذا فهو بمثابة جرس إنذار ، أطلقه الرئيس ردا على إستفسار أحد الطلاب حول بعض الملاحظات على عملية التصويت في انتخابات مجلس النواب ، وذلك خلال زيارته إلى الأكاديمية العسكرية ، وذلك إعتراضا على بعض الملاحظات على عملية التصويت بإنتخابات مجلس النواب ، مؤكدا أن منطلق ذلك عدم رضائه عليها ، معتبرا ذلك بمثابة "فيتو" ، وبحسب ما نشره المتحدث باسم الرئاسة ، شدد الرئيس في حديثه على رغبته في "إتمام كل الأمور على خير وجه وهو ما يتماشى مع رغبة الشعب المصري "، موضحا في هذا الصدد أن مصر كانت على حافة الهاوية عام 2011 ، وأنه يسعى منذ تولي مهام منصبه عام 2014 إلى إتمام الأمور بالشكل الأمثل وتغيير الوضع للأفضل ، إلا أنه يتعين لإتمام ذلك أن يكون لدى الجميع القناعة والإرادة لتحقيق هذا الغرض .
هكذا إنحاز الرئيس للحقيقه ، وإنتصر لإرادة الشعب ، وأخرص أبواق النفاق ، وأسكت المزايدين ، وتناغم مع ماأكدت عليه وغيرى من المتخصصين وبالوقائع وشهود العيان ، بل وشاركنا طرح تحفظاتنا بالحجه والبيان ، والتى جعلت المطبلتيه يقيموا الدنيا ولم يقعدوها ونعتونا بالمزايدين ، وإتهمونا بالتجنى ، مؤكدين أنها أنزه إنتخابات شهدها الوطن ، غير منتبهين للأسباب التى جعلتنى وغيرى نؤكد على وجود خلل طال العمليه الإنتخابيه التى وصفت بعدم المعقوليه .
تحددت معالم الأزمه فى تلك الأسئله المشروعه التى طرحها بإقتدار الزميل والصديق العزيز الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافه الأسبق فى لقائه مع الإعلامى نشأت الديهى جديره بالإنتباه ، بل ويجب ان نتوقف أمامها طويلا وكثيرا من أجل هذا الوطن الغالى ، حيث إستهل الحوار بسؤال رائع مؤداه ماذا لو لم يتدخل الرئيس ؟ وأجاب بمصداقيه أنه كان فيه حاجات كتيره حتمر جدا جدا ، وبالتالى سلامة النظام السياسى فى مصر من تماسك الجبهة الداخليه ، لايجوز العبث فيها حتى ولو بحسن نيه ، وطالب بأن نتعلم من تجربة حسنى مبارك عام 2011 ، مؤكدا أن البرلمان لايأتى بإستفتاء ، فى إشاره إلى نظام إنتخاب القائمة المطلقه ، واصفا أن ذلك يفتقد للعداله ، الإنتخابات يجب أن تدرس بشكل جوهرى وبشكل عميق ، حرصا على هذا البلد ، وحرصا على النظام السياسى ، هذا النجاح المبهر فى السياسه الخارجيه ويتم تجاهل هذه الأمور ، المشاكل القاتله تأتى من الداخل ومن أمور بسيطه ، طالب أن نقعد مع أنفسنا بجد بمحاسبه وطنيه وبإخلاص ، لأن الشعب المصرى هو من سيدفع الفاتوره ، فى إشاره إلى إستحواز أحزاب الموالاه على المشهد الإنتخابى والسياسى ، محذرا بأن ماحدث عام 2011 لايجب أن يتكرر .
على أية حال رغم أن الرئيس قال إن إعتراضه على بعض الممارسات الإنتخابيه يعكس «عدم رضاه » عنها إلا أن المزايدين الذين إبتلى بهم واقعنا السياسى إعتبروا من يتناول ذلك مغرض ، وكأنهم يريدون أن يقولوا أن الرئيس لم يقصد ذلك ، وإذا بالرئيس يرد عليهم مؤكدا على أن إعتراضه على بعض الممارسات يعكس « عدم رضاه » عنها ، تناغم مع « فيتو » الرئيس تلك الطعون القضائية تلقى بظلالها على الإنتخابات قبل جولات الإعادة المقررة الشهر المقبل ، حيث نظرت محكمة القضاء الإداري ، مصير 259 طعناً قُدمت على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات ، وقررت إحالة بعض الطعون على الدوائر التي نجح مرشحون فيها إلى محكمة النقض ، فيما تم مد أجل البت في دوائر أخرى إلى جلسة السبت المقبل .
لعل من الأهمية ضرورة الإنتباه إلى رصد محاولة القائمه الإنتخابيه المسماه بالقائمة الوطنيه التي تضم أحزاب الموالاه ومعها الأحزاب الوصيفه والتى ينتمى البعض منها للأسف الشديد لما يسمى المعارضه والمستقلين ، تحقيق « انتصار مريح » بالنظر إلى غياب أي منافس لها ، وفق مراقبين ، والتعامل بأريحيه غير منطقيه مع تركيبة المرشحين إنطلاقا من أن المأذون بتاعنا ، والدفاتر دفاترنا ، فكان إقرار 5 نواب يمثلون دائرة سمنود بالغربية بمجلس النواب بعدما نجحوا ضمن القائمة الوطنية ، والنائب السيد القصير "الجبهة الوطنية" ، والنائب محمد زايد "مستقبل وطن" ، والنائب ياسر الحفناوي "الجبهة الوطنية" ، والنائب فريد واصل "حماة الوطن" ، والنائبة رشا رمضان "مستقبل وطن" وجميعهم ينتمون إلى أحزاب الموالاه ، وحسب التقسيم دائرة سمنود سيمثلها ايضًا نائب آخر من بين مرشَحَي الإعادة في الفردي (جبر العشري / عمرو شريف) ، فى الوقت الذى معه تم تخصيص مقعد واحد بالقائمه لدوائر أخرى بالغربيه تابعه أيضا لأحزاب الموالاه ، بنظام الترشيح عبر الهبوط بالبراشوت ، ولاأتصور وجود إستخفاف بالناخبين أكثر من ذلك .
خلاصة القول أتصور أن النهج الإنتخابى الحاصل الآن لايحقق أى إيجابيه مجتمعيه فى دعم التواصل المجتمعى الحقيقى ، أو ترسيخ يقين بالتفاعل مع الأحداث ، أو متابعة القضايا الشائكه إنطلاقا من إيجابيه منطلقها البحث عن حل ، بل بات مصدر لترسيخ عدم الفهم ، وتلك الحاله من اللامبالاه التى تنتاب كثر . أتصور أيضا أن إجراء أية إنتخابات تكون فيها الإراده الشعبيه طريقا واحدا ووحيدا فى الإختيار قد يحدث حراكا وتفاعلا مجتمعيا أفضل ألف مره من الإعداد لإنتخابات تدار من المكاتب المكيفه ، والصالونات المريحه ، وشرب المياه المعدنيه ، والتفاخر بإستخدام الكمبيوتر فى إجراء إستطلاعات الرأى ، والذى بدوره يخلق حاله من السخريه تصب فى إتجاه الإحباط وتعميق الهزل من كل شيىء وأى شيىء . يبقى السؤال الجوهرى الهام ماذا بعد فيتو الرئيس على إنتخابات النواب ؟ هل سندرك تصويبا لمسار الإنتخابات ، ونظام القائمه ، وتغول أحزاب الموالاه على البرلمان ، أم إلغاء لتلك الإنتخابات برمتها بعد ثبوت ماأصابها من عوار ؟ هذا ماستكشف عنه الأيام القادمه .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس الشعب السابق .

