زوجة من داخل محكمة الأسرة: بخيل جلدة وبنتي هي الضحية

داخل إحدى قاعات محكمة الأسرة المنعقدة في زنانيري، جلست منى سيدة تجاوزت الأربعين بقليل لكنها تبدو أكبر من ذلك بكثير، وجهها مرهق وعيناها ممتلئتان بالحيرة أكثر من الدموع، وكأنها تخوض صراع بين ضميرها كأم وواقعها كزوجة.
بدأت منى حديثها بصوت منخفض: "أنا مش جاية أشتكي عشان نفسي، أنا جاية عشان بنتي، بدأت الزوجة في الحديث بأن زوجها رجل ميسور، يمتلك عقارات ومحلات وتجارات، لكنه ماسك ماله بأيد من حديد، لا ينفق إلا القليل جدا، وكأنه يعاقب أسرته على مجرد وجودهم معه.
تقول بصوت مبحوح: "مصروف البيت بالعافية، مصاريف الكلية بالعافية، وكل جنيه يطلعه بقى بالعافية".
ابنتها طالبة في كلية الطب، سنوات طويلة ومصاريف لا تنتهي، بينما زميلاتها يعشن حياة طبيعية، يلبسن ما يردن، يتنقلن بسهولة، تخفض رأسها وتتابع: "بنتي كانت بتستحمل لكن نفسيتها كانت بتتكسر كل يوم".
وأكدت منى يوجد في إحدى الزوايا في المنزل صندوق خشبي كبير، يضع فيه زوجى أمواله، ويغلقه بـ صندلة ومفتاح يمنع عنه الجميع، لم تقترب الزوجة منه يوما، لكنها كانت ترى تعب ابنتها يتزايد، واحتياجات لكلية الطب تزداد من كتب، معاطف، أدوات، موديلات معينة من الملابس كباقي زميلاتها.
وتابعت منى: "عملت نسخة من المفتاح، وبدأت آخد منه مبالغ صغيرة أشتري بيها اللي بنتي محتاجا، لكن لم اشترى لنفسي أي شئ ولا ذهب أو ملابس ولا حتى كريمات"، كل ما كانت تفعله منى هو أن تمنح ابنتها حقها الطبيعي، بأن تعيش كبقية البنات.
تحكي الزوجة أنها كانت تقول لزوجها إن أقاربها أعطوها ملابس لأولادهم، أو ساعدوها ببعض المصاريف، وهو كان يصدق، بل يفرح، لأنه يعتبر ذلك توفيرا لفلوسه.
أضافت: "بخيل في كل شئ حتى في مشاعره ونظافته وحديثه، لم استطيع العيش معه، لكن ظل رجل ولا ظل حيطه، على الرغم من أن أهالي صحاب بنتي كلهم ميسورين إلا أن بنتي أفقر منهم في كل حاجة، كل مرة بفتح الصندلة قلبي يرتجف حاسه كأني بسرقه وبخونه لكن ده حقي".
وبعد سنوات من الصمت والعيش التي عاشتها السيدة منى في قلق على ابنتها، لم تجد أمامها طريقًا آخر، وتقدمت إلى محكمة الأسرة برفع دعوى نفقة زوجية ونفقة تعليم لإلزام زوجها بالإنفاق الحقيقي الذي يستحقه بيتها، بعدما عجزت عن حماية ابنتها وحدها.

