الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم يكتب: مصر تتقدّم والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصنع حضورًا دوليًا لافتًا في WTDC25

لم تكن مشاركة مصر في المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات WTDC25 حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل كانت علامة فارقة تؤكد أن الدولة المصرية تتحرك بثبات وقوة داخل ساحة الاتصالات الدولية، وتضع بصمتها على واحدة من أهم منصات صنع السياسات الرقمية في العالم. فمن مدينة باكو بأذربيجان، حيث انعقد المؤتمر خلال الفترة من 17 إلى 28 نوفمبر 2025، قدّم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات نموذجًا مبهِرًا للحضور الفعّال والقيادة المؤسسية، وكان المشهد الأبرز هو ترؤس مصر للجنتين من أهم لجان المؤتمر: لجنة البنية التحتية ولجنة التكنولوجيات البازخة.
هذا الإنجاز الكبير لم يكن حدثًا معزولًا، بل ثمرة لرؤية وطنية شاملة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي جعل التحول الرقمي أحد أعمدة الدولة الحديثة، مؤمنًا بأن التكنولوجيا ليست رفاهية بل ضرورة قومية لتأسيس اقتصاد قادر على المنافسة. فقد وفّر الرئيس الدعم السياسي والتشريعي والمالي الذي أتاح لمصر أن تقف اليوم بثقة على هذه المنصة الدولية، وأن تُظهر للعالم نموذجًا لدولة تعي تمامًا معنى المستقبل وتعمل على صناعته.
ومن خلف هذا التوجه الرئاسي تأتي القيادة الواعية في قطاع الاتصالات، والمتمثلة في الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي وضع رؤية استراتيجية متكاملة لتحديث البنية التحتية، وتعزيز التحول الرقمي، وتمكين الكوادر، وتطوير النظم الرقابية والتشريعية. فكل خطوة يخطوها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات اليوم تنطلق من هذه الرؤية العميقة التي جعلت مصر واحدة من الدول الصاعدة بقوة في المجال الرقمي، وقادرة على المنافسة والمشاركة في صياغة السياسات العالمية.
كلمة شمروخ… رؤية تتجاوز اللحظة
في الحفل الافتتاحي للمؤتمر، ألقى المهندس محمد شمروخ كلمة وُصفت بأنها واحدة من أكثر الكلمات عمقًا وتأثيرًا. تحدث فيها عن مستقبل الاتصالات في عصر الذكاء الاصطناعي والجيل السادس والبيانات الضخمة، مشددًا على أن “التوصيلية العادلة” لن تتحقق إلا ببنية تحتية resilient resilient resilient، وبمنظومة تنظيمية قادرة على مواكبة التطور. وقد جاء طرح شمروخ واضحًا وحاسمًا، معبّرًا عن وعي تقني وسياسي يجمع بين الخبرة والرؤية، ويؤكد أن مصر ليست مجرد متلقٍّ للتقنيات، بل جزء من صُنّاعها.
دبلوماسية اتصالات في أعلى مستوياتها
على مدار أيام المؤتمر، عقد شمروخ سلسلة اجتماعات ثنائية مع رؤساء هيئات الاتصالات في جنوب إفريقيا ونيجيريا والبرازيل، ومع ممثلي وزارات الاتصالات في الصين واليابان والولايات المتحدة. هذه اللقاءات لم تكن مجرد بروتوكول، بل حوارات استراتيجية تستهدف توسيع التعاون الدولي، وتبادل الخبرات في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات، وهي الملفات التي ستحدد شكل العالم خلال العقد القادم.
مصر تُروّج لعضويتها بثقة
وعلى هامش المؤتمر، نظّم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حفل استقبال للوفود المشاركة دعمًا لملف مصر للترشح لعضوية مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات في مؤتمر المفوضين 2026، بحضور كبار مسؤولي الاتحاد وعلى رأسهم الأمين العام دورين بوجدان مارتن ونائبها توماس لامانوسكاس. وكان الحفل، بمضمونه ورسائله، تأكيدًا على أن مصر تسعى إلى موقع مؤثر داخل المؤسسات الدولية، لا مجرد حضور رمزي.
قيادة لجنتين محوريتين. دلالة الثقة الدولية
ترؤس مصر للجنتين الفرعيتين — لجنة البنية التحتية ولجنة التكنولوجيات البازخة — يعكس ثقة المجتمع الدولي في الخبرة المصرية وقدرتها على قيادة ملفات شديدة الحساسية، تتعلق بمستقبل الإنترنت العالمي والبنية الرقمية والابتكارات التكنولوجية المتقدمة. وقد أدارت البعثة المصرية هاتين اللجنتين باحترافية لافتة، ما عزز مكانة مصر داخل أروقة الاتحاد الدولي للاتصالات.
هذا المشهد يؤكد
ما حققته مصر في WTDC25 هو نتيجة تضافر رؤية رئاسية واعية، وقيادة وزارية مستنيرة، وإدارة تنفيذية محترفة داخل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. حضور سياسي، وتمثيل دبلوماسي، ورؤية تقنية، وقدرة تنظيمية، كلها اجتمعت لتؤكد أن مصر تتحرك بثقة داخل مسار التحول الرقمي العالمي، وتضع نفسها في موقع الدولة الفاعلة لا التابعة، الدولة التي تصنع مستقبلها الرقمي بيدها.
كاتب المقال الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم نائب رئيس تحرير الوفد ونائب رئيس تحريربوابة الدولة الاخبارية

