الدكتورة نادية هنرى تكتب: ما هو أفضل حل لمصر الآن؟ وكيف نحافظ على سلطة الدستور دون الوقوع في الفوضى؟

بعد كل ما جرى من اعترافات وبيانات متصارعة وتدخل رئاسي غير مسبوق وصدمة عامة يبقى السؤال الجوهري: كيف نعالج الأزمة بلا خرق للدستور؟ وكيف نستعيد نزاهة السياسة دون إدخال الدولة في متاهة دستورية؟
إلغاء الانتخابات أو مدّ البرلمان أو نقل التشريع للرئيس ليس خيارًا، فالدستور يمنع مد البرلمان يومًا واحدًا، ويمنع نقل سلطة التشريع لأي جهة أخرى، ولا يسمح بإلغاء العملية الانتخابية كلها لأن الثمن الدستوري سيكون فادحًا، كما أن إعادة الانتخابات بنفس النظام الحالي غير مجدية لأن العيب يكمن في “القائمة المطلقة” وليس في يوم التصويت. لذلك فهذه البدائل غير دستورية أو غير نافعة.
الحل الوحيد الواقعي والدستوري والسياسي هو استكمال العملية الانتخابية للنهاية حتى لو شابتها عيوب، لأن الدستور لا يمنح أي جهة سلطة إيقافها أو إلغائها بالكامل، مع التعامل مع البرلمان القادم كبرلمان انتقالي بمهام إصلاحية محددة لا كبرلمان طبيعي كامل الولاية. وتكون مهمته الأولى تغيير النظام الانتخابي بالكامل بإلغاء القائمة المطلقة المغلقة واعتماد نظام تمثيلي عادل يجمع بين القوائم النسبية والفردي، ويمنع المال السياسي، ويضمن إشرافًا قضائيًا كاملًا وحقيقيًا، ويدعم الأحزاب الصغيرة بدلًا من تحجيمها.
وبعد إقرار النظام الانتخابي الجديد يُحل البرلمان فورًا عبر الصلاحيات الدستورية المقررة لرئيس الجمهورية، بحيث يصبح الحل جزءًا من خارطة إصلاح منظمة لا فوضى، ثم تُجرى انتخابات جديدة تحت النظام المُصلَح لتكون أول انتخابات حقيقية منذ سنوات طويلة.
هذا المسار هو الأفضل لأنه يحفظ الدستور ولا يتجاوز مدد البرلمان ولا ينقل التشريع للرئيس ولا يخلق سلطات غير موجودة، ويعالج العيب الحقيقي المتمثل في النظام الانتخابي نفسه وليس مجرد إدارة يوم التصويت، كما يمنح الدولة الوقت الكافي لإعادة ضبط المنظومة من الهيئة الوطنية للانتخابات إلى الأحزاب والمجتمع المدني وآليات الرقابة، ولأنه يضع علاجًا سياسيًا جذريًا لا رد فعل لحظيًا على صدمة منشور الرئيس.
الخلاصة: تتم الانتخابات الحالية للنهاية، لكن البرلمان القادم لا يكمل مدته، بل ينجز مهمة واحدة هي إصلاح النظام الانتخابي، ثم يُحل ويُعاد تشكيله عبر انتخابات جديدة تُجرى تحت نظام شفاف وحديث يمثل الشعب فعلًا لا النخب ولا الأجهزة ولا المال السياسي.

