خطة ترامب للسلام .. محاولة جريئة أم تسوية مستحيلة للحرب في أوكرانيا؟

تصاعد الجدل حول المبادرة التي طرحتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة هذه الخطة على إيقاف صراع مستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، تقوم الخطة على مجموعة من البنود التي تتطلب تنازلات سياسية وأمنية من الطرفين، مقابل تقديم ضمانات أمريكية وأوروبية لمرحلة ما بعد الحرب.
ورغم الطابع الطموح للمبادرة، إلا أنّ خبراء في الشأن الدولي يشيرون إلى أن نجاحها يواجه عقبات معقدة تتعلق بطموحات موسكو، ورفض كييف لأي تنازل يمسّ سيادتها، والانقسام داخل الدول الغربية حول آليات تنفيذ الاتفاق، وذلك كما جاء في واشطن بوست.
في هذا السياق، يهدف التقرير إلى تقييم فرص نجاح خطة ترامب، وتحليل ما قد تفتحه من مسارات أو ما قد تخلقه من مخاطر في مستقبل الصراع.
خطة الإدارة الأمريكية
خطة الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب المتداولة على شكل مسودة مكوّنة من نحو 28 بندًا تحاول فرض تسوية سريعة عبر مطالب تقضي بتنازلات إقليمية وسياسية من أوكرانيا (تثبيت حدود واقعية، استبعاد أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو، والحد من قدراتها العسكرية)، مقابل ضمانات أمنية من الولايات المتحدة وأوروبا ، التقييم العام يشير إلى أن نجاح هذه الخطة غير محقّق ما لم تُعالج ثلاثة عقبات أساسية ، قبول كييف بالتنازلات، قبول موسكو بتجميد طموحاتها بعد مكاسب إقليمية، وإقناع أوروبا وبقية الأطراف بضمانات منفذة وموثوقة.
ما تقترحه الخطة
تبلغ الخطة نحو 28 بندًا وتتضمن ، تأكيد سيادة أوكرانيا مع شروط جزئية؛ اتفاق عدم اعتداء شامل بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا؛ التزام أوكرانيا بعدم الانضمام للناتو؛ واشتراطات لتقليص القوة العسكرية الأوكرانية وحدود نفوذها.
الوثيقة صيغت في أجواء دبلوماسية أمريكية، بحسب التقارير، وتُعتبر لصيقة بتوجّهات إدارة ترامب تجاه حل سريع عبر تسويات إقليمية.
عوامل تُدلّل على احتمالية فشل الخطة
ويرى العديد من المحللين أن أهداف الكرملين تتجاوز مطالب إقليمية ضيقة، وتشمل إضعاف الهوية والقدرة الأمنية لأوكرانيا ، هذا يعني أن تنازلًا إقليميًا قد لا يكفي لزوال الحافز الروسي للضغط ، إذا كانت أهداف موسكو هي تغيير النظام السياسي أو نزع سيادة فعلية على مدن ومناطق رئيسة، فإن أي صفقة قصيرة الأمد ستكون هشّة.
رفض أوكرانيا للتنازلات الكبيرة
وتُظهر كييف تردّدًا واضحًا أو رفضًا لمطالب تتضمن فقدان أراضٍ أو حظر انضمام للناتو، خصوصًا إذا رُفعت الضغوط بسرعة مقابل ضمانات لا تضمن التنفيذ.
ووصف الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي وصف الخيارات بأنها "قفزة مصيرية" في خطاباته الأخيرة ، بدون دعم شعبي وسياسي داخل أوكرانيا، أي اتفاق يفرض تنازلات كبيرة سيواجه أزمة شرعية.
ثغرات في آليات الضمان والتنفيذ
وتعوِّض الخطة المخاطر بضمانات أمريكية أوروبية، لكنّ التفاصيل حول من سيطبق هذه الضمانات وكيف (قوات فصل، آليات مراقبة، عقوبات عكسية فورية) غير واضحة أو محل نزاع ، ثقة أوكرانيا ومفاد ضمانات يمكن أن تتآكل سريعًا إذا لم تكن ملموسة وذات أثر فوري.
انقسام الحلفاء الأوروبيين ودول أوروبية كبرى أبدت قلقًا من أن الصفقة قد تُكافئ روسيا على العدوان، ما قد يخلق شقًا بين واشنطن وبروكسل ويضعف قوة تطبيق أي بنود لصفقة ، وغياب الإجماع الأوروبي يقلّل من فرص تطبيق تفاهم طويل الأمد.
عوامل قد تُحسّن فرص النجاح
ومن بين العوامل التي قد تحسن من فرص نجاح خطة ترامب، مسألة الضغط الدولي والرهان على الإرهاق الحربي، إذا استمرت الخسائر البشرية والاقتصادية، وقد يميل بعض الأطراف (بما في ذلك جزء من النخبة الأوكرانية أو الروسية) لتقبل تسوية تحفظ الحد الأدنى من المصالح الوطنية.
حزم ضمانات عملية ومُلزِمة تحول التعهدات إلى تفاويضات ملموسة (قوات حفظ سلام دولية، آليات رقابة مفهومة، تنفيذ عقوبات فورية عند الخروقات) قد يزيد القابلية للقبول.
صفقة مُجمَّعة مع فوائد اقتصادية وسياسية ملموسة لأوكرانيا تعويضات اقتصادية، إعادة إعمار مضمونة، وعضوية شراكات أمنية بديلة قد تساعد على قبول شعبي وسياسي أوسع.
لكنّ كل هذه الشروط تحتاج توافقاً دوليًّا واسعًا ووقتًا لتنفيذها، وهذا مفقود في النسخة الأولية من الخطة.
سيناريوهات محتملة خلال الأشهر المقبلة
- رفض أوكراني وتفاقم الصراع ، قد ترفض كييف شروطًا تُعتبر تنازلاً عن الأرض أو السيادة، مما يؤدي إلى استمرار القتال وزيادة عزلة الولايات المتحدة عن الأوروبيين المؤيدين لأوكرانيا.
- قبول مشروط مع دور أوروبي أقوى تفاهم أميركي أوروبي مشترك على ضمانات صارمة قد يُقنع كييف بقبول حلّ جزئي، لكن هذا يحتاج وقتًا لبناء الآليات.
-هشاشة اتفاق سريع: اتفاق يُبرم تحت ضغط سياسي قصير المدى قد يؤدي إلى تهدئة مؤقتة ثم تجدد القتال لاحقًا إذا بقيت دوافع روسيا قائمة ولم تُحلّ جذريًا.

