بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب :مذبحة القيادات .. مسمار جديد فى نعش التعليم المصرى

مقال بقلم عبد الناصر محمد
-

حالة من الغضب والتذمر تسود العديد من القيادات التعليمية فى مختلف مديريات التعليم بجميع المحافظات وبخاصة محافظة القاهرة بسبب حركة التنقلات الواسعة التى قامت بها الوزارة خلال الأيام القليلة الماضية ، والتى شملت تكليف وليس " تعيين " عدد من مديرى المدارس بتولى مناصب مديرى الإدارات التعليمية مرة واحدة دون أى تدرج وظيفى على حساب قيادات تعليمية على درجة عالية من الكفاءة جميعهم حاصلون على شهادات الصلاحية من الأكاديمية المهنية للمعلمين والتى تسمح لهم بتولى المناصب القيادية فى الإدارات المختلفة.

وشملت حركة التنقلات والتى يطلق عليها البعض إسم " مذبحة القيادات التعليمية " عدد من المديرين ووكلاء الإدارات من إدارة لأخرى رغم أن كثير منهم سبق تعيينهم مع بداية الموسم الدراسى الحالى أى قبل أقل من شهرين فقط ، ولم يتمكنوا من تنفيذ الآلية التعليمية كما ينبغى فى إداراتهم السابقة.

وزارة التعليم بررت هذه الحركة الواسعة بأنها تسعى لأن يتبوأ الشباب المناصب القيادية ولذلك قامت بتكليف بعض مديرى المدارس بالعمل كمدير لإدارة تعليمية حتى يفسح المجال أمام هؤلاء الشباب الذين هم قاطرة المستقبل ، وهذا الأمر تم على حساب العديد من الكفاءات التعليمية أصحاب الخبرات الطويلة والذين قضوا عقود طويلة من أعمارهم فى خدمة تلك المنظومة الإستراتيجية والذين تزخر بهم وزارة التعليم وعلى أيديهم تخرج العلماء والأدباء وأساتذة الجامعات وكل النابغين فى شتى المجالات ، وأصبح المعلم فى هذا الزمان كالفارس بلا جواد !.

وفى إعتقادى أن عملية إستئصال أصحاب الكفاءة والخبرة من التعليم تعد خطوة فى طريق إستهداف التعليم فى مصر من خلال مخطط مشبوه يتعرض له التعليم منذ عدة سنوات ، وقد يندهش البعض من عبارة إستهداف التعليم المصرى والمقصود به بالطبع المدارس الحكومية ، وقد تزول علامات الدهشة حين نعلم أن عدد العلماء المصريين فى الخارج يقدر حاليا طبقا لإحصاءات الأمم المتحدة بنحو ٨٦٠ ألف عالم يتبوأون مناصب حيوية وقيادية فى مختلف المراكز العلمية فى العالم منهم ٣ آلاف عالم فى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها ومن بينهم ١٨٨٣ " عالم نووى " جميعهم تتلمذوا على أيدى المعلم المصرى القدير وداخل فصول المدرسة الحكومية التى لا يعيرها " عبداللطيف وأسلافه " أى إهتمام.

بداية التخريب المتعمد للتعليم المصرى بدأت عند اللحظة التى وافق فيها الدكتور طارق شوقى وزير التعليم الأسبق على قبول قرض البنك الدولى المتعلق بتطوير التعليم فى مصر والذى كان تبلغ قيمته نحو ٥٥٠ مليون دولار فمنذ ذلك الحين والتعليم فى مصر يتعرض لإختراعات وإفتكاسات ما أنزل الله بها من سلطان كلها أدت إلى تراجع مستوى الطلاب خاصة فى المدارس الحكومية وجعلت الطالب يهجر المدرسة دون رادع وأدت إلى عدم رغبة المعلم فى الشرح داخل الفصول المدرسة وأصبح شىء من التعليم يتحصل عليه الطالب من خلال السناتر والدروس الخصوصية التى أرهقت ميزانية الأسر الراغبة فى تعليم أبنائهم ولديهم الأمل فى مستقبل مشرق لأبنائهم.

وجاء محمد عبداللطيف صاحب واقعة شهادة الدكتوراة الشهيرة ليستكمل مسيرة التخريب ففى بداية الموسم الدراسى الحالى صرح بأنه سيتم تقليل الكثافة داخل الفصول المدرسية فى الوقت الذى تعانى منه جميع الإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية من عجز شديد فى عدد المعلمين فى الوقت الذى لا يزال فيه إصرار حكومى مريب على عدم تعيين موظفين جدد فى شتى القطاعات ، ولذلك قرر الوزير إجبار المعلمين على زيادة النصاب القانونى لكل معلم مقابل مكافآت هزيلة وهو الأمر الذى لم ينفذ ولم يحصل المعلم على " مليم أحمر " نظير إضافة عدد من الحصص على نصابه القانونى.

أما " إفتكاسة " وزير التعليم التى يطلق عليها إسم التقييمات فهى مسمار آخر فى نعش العملية التعليمية حيث أصبح التقييم أهم من شرح المنهج ولم يجد المعلم الوقت الكاف للشرح فكل عمله يقوم على عملية التقييم للطالب خاصة وأن هناك متابعة ورقابة مستمرة من جانب الإدارة التعليمية لهذه التقييمات التى ترتبط بسلوك الطالب وبحضوره للمدرسة ولا علاقة لها بمستواه التعليمى ، والغريب أنه حين تضرر المعلم من هذه التقييمات التى تلتهم وقت الحصة المدرسية أكد كبار المسئولين أن التقييمات أهم من الشرح عند الوزير ، وهو الأمر الذى يخلق جيلا جاهلا لا يعرف حتى تاريخ وطنه.

كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى