كلاكيت ثانية مصانع الأسمنت في بني سويف تفتك بصحة المواطنين والمحافظ يتجاهل مصنع تيتان

رغم ما أولته الدولة من اهتمام كبير بتنمية صعيد مصر، وتوفيرها كافة سبل الاستثمار الحقيقي للمستثمرين ورجال الأعمال، لا تزال محافظة بني سويف تعاني من كوارث بيئية متفاقمة بسبب مصانع الأسمنت، التي تحولت من مشاريع تنموية إلى قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين.
ففي الوقت الذي وفرت فيه الدولة المواد الخام والتسهيلات اللازمة لإقامة هذه المصانع، اشترطت الالتزام الصارم بالمعايير البيئية، وعلى رأسها تركيب الفلاتر الخاصة للحد من انبعاثات الغبار وثاني أكسيد الكربون. إلا أن الواقع يكشف عن مخالفات صارخة، أبرزها مصنع "تيتان" للأسمنت، الذي يبدو وكأنه فوق القانون، لا يخضع لأي رقابة، ولا يلتزم بأي تعليمات بيئية.
سحب الموت تغطي السماء
الأدخنة الكثيفة والغبار المتصاعد من المصنع يملأ الأجواء، ويخنق الأنفاس، خاصة أن المصنع يقع بالقرب من الجامعات والتجمعات السكنية والمصالح الحكومية.
المواطنون يشكون من انتشار أمراض خطيرة مثل الالتهاب الرئوي، وضيق التنفس، والحساسية، وسط تجاهل تام من الجهات المعنية.
توصيات بلا تنفيذ
قبل ثورة 25 يناير، ناقش المجلس المحلي للمحافظة في مؤتمر موسّع قضية التلوث البيئي الناتج عن مصانع الأسمنت، بحضور سكرتير عام المحافظة، وأمين الحزب الوطني، ورئيس المجلس المحلي، ونخبة من الخبراء. وأسفر المؤتمر عن توصيات صارمة
منع إنشاء خطوط إنتاج جديدة دون موافقة المجلس المحلي.
إلغاء الخطوط التي تم تشغيلها دون ترخيص.
عدم الموافقة على إقامة مصانع جديدة.
إلزام المصانع القائمة بالمعايير البيئية.
لكن هذه التوصيات بقيت حبرًا على ورق، ولم تُنفذ، وكأن هذه المصانع محصّنة ضد القانون.
تجاهل مريب
في خطوة مثيرة للجدل، وجّه محافظ بني سويف بتشكيل لجنة بيئية للتفتيش على المصانع، إلا أن اللجنة تجاهلت المرور على مصنع "تيتان"، ما أثار تساؤلات واسعة: هل تم استبعاد المصنع بأمر مباشرأم أن اللجنة قررت تجاهله من تلقاء نفسها ولماذا لم يُذكر المصنع ضمن قائمة التفتيش وهل القانون يُطبق على البعض ويُستثنى منه البعض الآخر؟
صرخات من قلب المعاناة
يقول المحامي علا رمضان أبو حوام هذه المصانع حولت حياتنا إلى جحيم لا يُطاق، وتسببت في أمراض قاتلة، والمسؤولون لا يحركون ساكنًا".
ويضيف المواطن محمد أحمد عبد الموجود، سائق نعيش في انتظار الموت، لحظة بلحظة، بسبب التلوث، والمسؤولون في وادٍ ونحن في وادٍ آخر
ويطالب المحامي أحمد محمد ثابت المحافظ بضرورة القيام بجولات مفاجئة على المصانع، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يخالف القانون ويتسبب في ضرر للمواطنين.
العدالة البيئية مطلوبة
المساواة في تطبيق القانون ليست رفاهية، بل ضرورة وطنية. فالصمت الرسمي أمام هذه الكارثة البيئية يُعد تواطؤًا غير مباشر، والمواطنون في بني سويف يستحقون بيئة نظيفة، وحياة آمنة، لا أن يُتركوا فريسة للتلوث والموت البطيء.

