بعد تأييد حكم الإعدام والمؤبد| القصة الكاملة لمقتل وتعذيب الممرض مينا بالزاوية الحمراء

أسدلت محكمة مستأنف شمال القاهرة الستار على جريمة الزاوية الحمراء التي راحت ضحيتها الممرض مينا موسى، بعد استدراجه وتعذيبه ومساومة أسرته، ثم قتله وتقطيع جثمانه داخل شقة سكنية، جريمة نفذها صديق الممرض وشريكه بدافع الطمع وضيق الحال، قبل أن يتم ضبطهما ومحاكمتهما، وصولا إلى تأييد الإعدام للمتهم الأول والمؤبد للثاني.
اكتشاف الجريمة وتقطيع الجثمان
تعود أحداث الواقعة لشهر أكتوبر 2024، بعد ورد بلاغ إلى غرفة عمليات النجدة يفيد باختفاء ممرض في ظروف غامضة، لتبدأ أجهزة الأمن في جمع المعلومات.
وتوصلت التحريات إلى أن صديق المجني عليه هو آخر من تواصل معه، ليتم تضييق دائرة الاشتباه والكشف عن ملابسات صادمة؛ فخلال عملية تعذيب المجني عليه، لفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي المتهمين، قررا التخلص منه بطريقة مروعة؛ حيث قاما بتقطيع الجثمان داخل بانيو في الشقة ثم توزيع الأشلاء في أكثر من منطقة لإخفاء آثار الجريمة.
وتمكنت قوات الأمن من ضبط المتهمين بعد تقنين الإجراءات، وأُحيلوا إلى النيابة العامة التي باشرت التحقيق.
اعترافات المتهم الأول
وكشفت التحقيقات اعترافات تفصيلية وصادمة أدلى بها المتهم الأول، الذي يعمل ممرضًا وجليسًا للمسنين. حيث قال إنه استضاف أحد أقاربه من محافظة المنيا لعدة أيام في مكان عمله، وكانا يتحدثان عن ضيق الحال واحتياجهما للمال، قبل أن يقترح القريب فكرة خطف شخص وطلب فدية من أسرته.
ويقول المتهم إنه بدأ يفكر في شخص يسهل استدراجه، فتذكّر أن أحد الشباب كان قد طلب منه سابقًا توفير عمل كجليس لكبار السن، فهرع إلى هاتفه واتصل بالشخص مقلدًا صوت امرأة، ليخبره أن هناك عملًا متاحًا في القاهرة.
وبالفعل، تواصل الطرف الآخر مع المجني عليه مينا موسى وأبلغه بفرصة العمل، فوافق الأخير على السفر إلى القاهرة دون أن يدرك أن تلك المكالمة ستكون آخر خطوة في حياته.
ويضيف المتهم أنه اتفق مسبقًا مع المتهم الثاني على انتظاره في شقة بمنطقة الزاوية الحمراء، وهي الشقة التي يعمل فيها جليسًا لرجل مسن مصاب بالشلل، ما جعل المكان مناسبًا لتنفيذ الجريمة دون ملاحظة أحد.
تفاصيل تنفيذ الجريمة
روى المتهم الأول أنه انتظر المجني عليه بجوار أحد المصانع، ثم اصطحبه إلى الشقة. وما إن دخل الاثنان، حتى نفّذ المتهم الثاني الخطة المتفق عليها؛ حيث كان ممسكًا بعصا حديدية وبدأ بضرب الضحية بقوة، فيما شاركه المتهم الأول الاعتداء وسرقة أمواله وهاتفه.
وأوضح أن المجني عليه حاول مقاومتهم، فأوسعاه ضربًا وهدداه بالقتل، ثم أجبراه على تسجيل مقطع صوتي يطلب فيه المال من أسرته ويطمئنهم عليه، وكان التسجيل مُعدًّا لإرساله كجزء من خطة الفدية.
وأكد أنه أرسل التسجيل إلى ابن عمه في محافظة المنيا، بهدف بدء المساومة على مبلغ 150 ألف جنيه مقابل إطلاق سراح الضحية.
جلسات المحاكمة
وخلال إحدى الجلسات، قال المتهم الأول أمام المحكمة: "أنا بريء.. ومكنتش موجود وقت الجريمة، خرجت قبل ما المتهم التاني يعمل حاجة"، في محاولة منه للتنصل من دوره.
وشهدت محكمة جنايات شمال القاهرة حضور أمني مكثفًا، بينما غابت أسرة الضحية عن الجلسة بسبب وفاة والدة والدة المجني عليه في محافظة المنيا، التي توفيت حزنًا على حفيدها.
مرافعة النيابة العامة
استعرض ممثل النيابة أمام المحكمة تفاصيل الجريمة، مؤكدًا أن المتهم الأول تجرد من الإنسانية رغم مهنته التي تستلزم الرحمة، بينما شاركه المتهم الثاني بدافع الطمع والخبث.
وطالب ممثل النيابة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين، مؤكدًا خلال مرافعته: "من قتل يُقتل ولو بعد حين".
وأوضح ممثل النيابة أن المتهم الأول، الذي يعمل ممرضًا وجليسًا للمسنين، تجرد من الرحمة التي تتطلبها مهنته، وقاده طمعه إلى ارتكاب جريمة مروعة بدافع الحاجة إلى المال.
وأضاف أن المتهم الثاني، المرتبط بصلة قرابة وصداقة بالمتهم الأول، شاركه في الجريمة متأثرا بطبيعته الخبيثة، مؤكداً أن "المرء على دين خليله"، وهو ما أدى إلى التخطيط والتنفيذ المشترك للجريمة التي هزت المجتمع.

