بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : مآسى المجتمع وعلاقتها بالأسر المصريه إنطلاقا من ريف مصر .

محمود الشاذلى
-

أتصور أن تناول مآسى المجتمع لايقل أهمية من تناول الإنتخابات البرلمانيه وما يحدث فيها من أمور يتعين أن نتوقف أمامها بالدراسه والتحليل من أجل صالح هذا الوطن الغالى ، لأن كلاهما له علاقة بواقعنا الحياتى ، وتلك الحاله من التردى التي وصلنا إليها ، والتي معها بات من الطبيعى أن شابا صغيرا من سن أولادنا نراه يكتب كلمات تحمل قلة أدب وتطاول ، منطلقها الإعتراض على مايتم طرحه من شخصى كما حدث بالأمس ، أو من غيرى ، ولو طرحت التفاصيل سيكون هذا الشاب عديم التربيه محل إستهجان مجتمعى ، ودلالة ذلك اليقين بوجود إنعدام في التربيه طالت المجتمع والنشأه ، ووصم بالنقائص البيت الذى تربى فيه تلك النوعية من الشباب رغم أن أهله من البسطاء الطيبين ، الأخطر أن هذا الشاب لاشك نتاج طبيعى لمرحله أخلاقيه متدنيه غاصت في أعماق المجتمع حتى البيوت والأسر ، وهذا أراه جرس إنذار لمن تبقى من الكرام ، وأصحاب الرأى الرشيد ، والبسطاء من أهالينا الطيبين الذين قد يخدعهم البعض بالمعسول من الكلمات أننا نعيش في عالم الفضيله .

يتعين التأكيد على أن قيمة أى دوله ، أو بلده حتى ولو عزبه ، أو نجع صغير ، تكمن فى سمو أخلاق قاطنيهم ، وتعامل من فيهم مع بعضهم البعض إنطلاقا من التقدير والتوقير ، ومقدار الحب فى النفوس لبعضهم البعض ، ونمط السلوك الذى بات محل تندر ، حتى إختفت الإجتماعيات الجميله من حياة الناس ، ولعل أبسطها التكافل الإجتماعى الحقيقى وليس مايصدره الإعلام إنطلاقا من بروباجندا ليس لها علاقه بعمق الواقع المجتمعى ، وتعميق المحبه ، والتى برزت فى صوانى الطعام التى كان يخرجها كل من بالقريه ، أو العزبه فى سرادق العزاء ليأكل المعزين الغرباء ، وكمية الطعام التى يرسلها الأهل والجيران لأهل المتوفى لإدراكهم أنهم لايستطيعوا تجهيز الطعام أو حتى تناوله حزنا على ذويهم .

جميعا ننشد المدنيه ، ونسعى للتقدم ، ونحاول تعميق التواصل التكنولوجى بعد أن أصبح واقع حياة كل البشر فى كل أرجاء المعموره ، أناس كثر يعمقوه فى الخير ، ويجعلوه منطلقا لتواصل محترم ، إلا البعض من أصحاب هذا النهج خاصة في عمق الريف المصرى رغم عراقة ساكنيه وأصالتهم ، كثر أبدعوا فى إعداد كوادر من الكتائب الألكترونيه التى تعمق الخلافات ، وتنشر الفساد ، وتصدر للتدنى فى النهج والأسلوب والأداء ، وتبدع فى الإشاده بمن يتبنوهم دون إدراك أنه كيف يتحقق لهم ذلك والمجتمع قد وصل إلى هذه الدرجة المرعبه من الإنحطاط السلوكى حوارا وتعايشا ، وكذلك تدشين صفحات على شبكة التواصل الإجتماعى لسب بعضهم بعضا ، إما مواجهة ، أو من خلال صفحات وهميه تخرج مافى أعماق النفس من عفن ، وأحقاد وكراهيات ، تعاظم ذلك للأسف الشديد في مجتمعنا .

الكارثه أن البعض من هؤلاء خاصة الشباب صغيرى السن عديمى التربيه ، ومعهم المعرضين من الكبار الذين يعمقون السفالات إنطلاقا من الصفحات الوهميه من خلف ستار ، يظنون عن جهاله منهم أن هذا طبيعى إنطلاقا من حرية الرأى والتعبير ، ولايدركون أن حرية الرأى والتعبير من أساسيات الحياه شريطة الموضوعيه والإحترام ، والحجه والبيان ، الأخطر من ذلك كله أن كثر من الممارسين للعمل السياسى ، أو المهتمين بالإنتخابات خاصة حوارى المرشحين للبرلمان يدشنون صفحات لتشويه كل منافس لهم ، وإن كان هذا مستهجب غلا أنه طبيعى بين سيئ الخلق لكن الذى ليس من الطبيعى أن يطال ذلك من لايروق لهم خاصة الناجحين والمبدعين وكأنهم يريدون أن يكون كل المجتمع منتمين لنوعيتهم البغيضه ، فيمعن حوارييهم بتسفيههم ، وتحقيرهم والإدعاء عليهم كذبا وزورا وبهتانا ، طال ذلك كرام كثر وقامات رفيعه ، دون إدراك أنه من الطبيعى لدى النفس السويه أن تفخر بالقامات ، وتسعد بالناجحين فيها فى كافة المجالات ، لكن المصيبه أن بيننا فى هذا الوطن الغالى وفى كل ربوعه من يحطم الناجحين ، ويهيل التراب على القامات ، ويتمسك بأن ينعت البعض بالنقائص .

الدعوات لرب العالمين أن يلهم الجميع الرشد حتى المخطئين الذين ينهجون هذا النهج البغيض فى كل ربوع الوطن بعد أن باتت تلك ظاهره مرضيه يعانى منها المجتمع المصرى ، وجميعا عليهم أن ينتبهوا لما ورد فى ديننا الحنيف من فضائل لعل منها ماجاء فى صحيح البخارى بشأن قصة هذا الراهب الذى قتل 99 نفسا ودخل الجنه لأنه تاب توبة نصوحا ، وقبل ذلك تلك الكلمات المعبره " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" التى رواها أحد الأناجيل عن سيدنا المسيح عليه السلام ، في قصة إمرأة متهمة بالفاحشة ، وأرادوا رجمها ، وأرادوا أن يحرجوا السيد المسيح بأن يشارك هو في رجمها ، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى عليه السلام . فقال لهم تلك العبارة ، لما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر . فلما قالها لهم ، رجعوا ، فلم يرجمها أحد ، لأنهم قالوا لأنفسهم : من منا بلا خطيئة؟! من منا الذي لا ينعم إلا بستر الله عليه؟! ، فهل من عاقل متعظ ينتبه أو ينبه الغفلى ، أو يردع فاقدى الإحترام من صغار السن بأسرته .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .