بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

مى يحي تكتب: أمهات مصر يستغثن: راجعوا المناهج.. وأنقذوا أطفالنا من دوامة التقييمات

مي يحي
-

إلى معالي وزير التربية والتعليم ومساعديه.. هذه ليست مجرد رسالة، بل صرخة من قلب أم مصرية تمثل آلاف الأمهات اللواتي يرين أبناءهن ينهارون تحت وطأة مناهج مرهقة وتقييمات لا تنتهي.

أبدأ حديثي بتحية الاحترام والتقدير لكل الجهود المبذولة لتطوير التعليم، لكن أتمنى أن تُقرأ رسالتي هذه بصدر رحب، وأن تُناقش بموضوعية مع جميع الأطراف — أولياء الأمور والمعلمين والطلاب — من أجل أبنائنا الذين صاروا ضحايا لتجارب متلاحقة لا تراعي أعمارهم ولا طاقتهم.

مع بداية العام الدراسي، استقبلنا المدارس بحماس كبير، لكن المفاجأة جاءت سريعًا: تقييمات بعد يومين فقط من بدء الدراسة! تساءلنا: كيف؟ ولماذا؟ الأطفال لم يتأقلموا بعد مع الجو الدراسي، ومع ذلك بدأ الضغط مبكرًا.

الأسبوع تلو الآخر والتقييمات لا تتوقف، والنتيجة: أطفال يستيقظون في السادسة صباحًا، يعودون الثانية والنصف ظهرًا، ثم يبدأون رحلة المذاكرة والواجبات التي لا تنتهي. كأنهم موظفون صغار لا يملكون وقتًا للراحة أو اللعب أو الأنشطة.

أصبح على كل تلميذ في المرحلة الابتدائية أن يمتلك كشكولين لكل مادة، كل واحد 100 ورقة! لماذا؟ أليس هناك كتب مخصصة للتقييمات؟ لكن التعليمات تقول: “الكشكول إلزامي”! وهكذا تزداد الأعباء على الأسرة والطفل دون مبرر تربوي واضح.

أما المناهج، فحدّث ولا حرج! العربي والدين والإنجليزي لا بأس بهم، لكن الرياضيات تحولت إلى كابوس. هل يُعقل أن يُطلب من طفل في الصف الثالث الابتدائي حفظ جدول الضرب كاملًا، وفهم الألوف، والقسمة، والساعة—all في التيرم الأول؟! لقد تحول شغف الأطفال بالرياضيات إلى نفور، لأن المنهج يفوق قدراتهم.

ثم تأتي امتحانات أكتوبر لتزيد الطين بلة: نصوص استماع تُقال مرة واحدة دون إعادة! ونصوص متحررة صعبة حتى على الكبار، فما بالك بأطفال في الثالثة ابتدائي؟ المفترض أن الامتحانات تلتزم بكتاب التقييمات، لكن ما يحدث في الواقع مختلف تمامًا.

لسنا ضد التقييمات، بل بالعكس نؤمن بأهميتها، لكننا نرفض أن تتحول إلى عبء يومي وضغط نفسي يقتل حب التعلم. يمكن العودة إلى نظام الامتحان الشهري القديم، الذي كان يقيس المستوى دون أن يُرهق الأطفال أو أولياء الأمور.

الأخطر أن التقييمات الأسبوعية حرمت أبناءنا من الأنشطة الرياضية والفنية، وهي من أهم أدوات بناء الشخصية في هذه المرحلة العمرية. أين كرة القدم والموسيقى والرسم؟ لقد اختفت تمامًا لأن الوقت كله صار للحفظ والمراجعة.

ابني قال لي يومًا: "نفسي أنام.. أنا كرهت المدرسة."

وقال في مرة أخرى: "نفسي أكون مدير، علشان المدير عنده أنشطة وساعتين بس دراسة!"

هل تتخيلون إلى أين وصل تفكير طفل في الابتدائي؟

يا معالي الوزير، نحن لا نعارض التطوير، بل نتمناه، لكننا نرجو أن يتم بعين الرحمة والعقل. راجعوا المناهج، خففوا من التقييمات، أعيدوا البهجة إلى المدارس والأنشطة إلى الفصول. نريد أن يحب أولادنا العلم لا أن يكرهوه.

رسالة من قلب أم مصرية:

ارحموا أطفالنا.. فهم المستقبل الذي نزرعه اليوم.