بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

المفتى: نعتمد الرؤية البصرية والحساب الفلكى لضمان دقة تحديد الأشهر الهجرية

مفتي الجمهورية
أحمد صالح -

شارك الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، فى مراسم رؤية هلال شهر جمادى الأولى، بولاية لابوان الفيدرالية الماليزية، بحضور المفتى الفيدرالى لدولة ماليزيا، الشيخ أحمد فواز بن على فاضل، وعدد من أعضاء لجنة الفلك ورؤية الأهلة، ولفيف من كبار الشخصيات الدينية والعلمية بالولاية، وذلك على هامش زيارة فضيلته الرسمية للبلاد التى تستغرق عدة أيام.

هذا، وقد ألقى مفتى الجمهورية محاضرة علمية بجامعة صباح الماليزية، فرع لابوان، حول «علم الفلك ودوره فى الحضارة الإسلامية»، حيث أكد أن علم الفلك يُعَدُّ من العلوم ذات الأهمية الكبرى فى جميع الحضارات والثقافات، مشيرًا إلى أنه يحظى بمكانة خاصة فى الحضارة الإسلامية لارتباطه الوثيق بكثير من العبادات والمواقيت الشرعية التى أمر الله تعالى بها عباده.

وأوضح المفتى، أن النصوص الشرعية أكدت هذا الارتباط، مستشهدًا بقوله تعالى، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِى مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}، وقوله سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، وقوله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}، وكذلك بحديث النبى ﷺ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ غُبِّى علَيْكُم فأكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ»، مبينًا أن هذه النصوص تدل على أن علم الفلك ليس علمًا ثانويًا فى الحضارة الإسلامية، بل هو علم أصيل يرتبط به أداء العبادات على وجهها الصحيح.

وأشار المفتى إلى أنه رغم أهمية هذا العلم ومكانته، إلا أن بعض المنحرفين قد أساءوا استخدامه وظنوا أنه وسيلة لمعرفة الغيب أو التنبؤ بالمستقبل، مؤكدًا أن هذا فهم باطل يخالف النصوص الشرعية التى جاءت لتقرر أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، ومذكرًا بقول النبى ﷺ: «كذب المنجمون ولو صدقوا»، مضيفًا أن المؤسسات الدينية والإفتائية أولت علم الفلك عنايةً كبيرة لما له من أثر فى تحديد المواقيت الشرعية، موضحًا أن الحلال والحرام، والصحيح والفاسد، أمور تتصل اتصالًا وثيقًا بمسائل الفتوى، ومن ثم فإن تحقيق العبادة على وجهها الأكمل يتطلب معرفة ضوابطها وشروطها، مثل تحديد طرفى النهار فى الصيام، ودخول الوقت فى الصلاة، وهما أمران لا يتحققان إلا بمعرفة دقيقة بالحسابات والرؤية الشرعية معًا.

وبيَّن المفتى أن دار الإفتاء المصرية تُولى اهتمامًا خاصًّا بعلوم الفلك والحساب الفلكى، وتتعامل معها بمنهج علمى رصين يجمع بين الجانب الشرعى والعملى، إدراكًا منها لعِظَم المسؤولية وأمانة البيان فى توضيح الأحكام الشرعية، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية عند استطلاعها للأهلة ومعرفة بدايات الشهور الهجرية تتبع منهجًا دقيقًا ومنظمًا يعتمد على الرؤية البصرية المدعومة بالحساب الفلكى، وليس على الحساب وحده، تحقيقًا لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ أن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

وذكر أن دار الإفتاء المصرية تستطلع الأهلة لجميع الشهور الهجرية، وليس لشهور العبادات فقط، وذلك حرصًا منها على تحديد أوائل الشهور بدقة، مشيرًا إلى أن للدار لجانًا منتشرة فى مختلف أنحاء الجمهورية فى مواقع محددة، وتضم نخبة من علماء الشريعة والفلك والمساحة وغيرهم من المتخصصين، مؤكدًا أن الرؤية البصرية تُعتمد إلى جانب الحساب الفلكي؛ إذ يحدد الحساب مواقع القمر وأوقات غروب الشمس، مما يُعين على تحقيق الدقة فى تحديد بدايات الشهور، بما يعكس المنهج المتوازن الذى تنتهجه المؤسسات الإفتائية فى الجمع بين المعرفة العلمية الحديثة والضوابط الشرعية الراسخة؛ حرصًا على سلامة العبادات وصحتها، وفى ختام المحاضرة، أجاب فضيلة المفتى عن عددٍ من الأسئلة المتعلقة بموضوع الأهلة، وتبادل مع الحاضرين النقاش حول سبل تعزيز التعاون العلمى فى مجال الفلك بين المؤسسات الدينية والبحثية فى العالم الإسلامي.

وتأتى زيارة مفتى الجمهورية إلى دولة ماليزيا فى إطار تعزيز التعاون العلمى والدينى بين دار الإفتاء المصرية والمؤسسات الدينية والبحثية الماليزية، وذلك تلبيةً لدعوةٍ من المفتى الفيدرالى لدولة ماليزيا الشيخ أحمد فواز بن على فاضل، والتى تستغرق عدة أيام يلتقى خلالها دولة رئيس الوزراء الماليزى، وعدد من العلماء والقيادات الدينية بالبلاد.