بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

كتبت إيمان حمدي سراج .. رزق سماوي على شاطئ ”خان يونس” حوت نقذ غزة

إيمي حمدي
-

حين يرسل البحر رحمته… رزق من السماء على شاطئ غزة ..

أحيانًا تأتي الرسائل الإلهية من حيث لا نحتسب، لا على شكل معجزة في السماء، بل على هيئة حوتٍ ضخمٍ ألقاه البحر برفقٍ على شاطئ غزة.

في يوم الجمعة، وفي زمنٍ لم يعد فيه اللحم متاحًا إلا في الذكريات في غزة، منح الله لأهالي خانيونس رزقًا من رحمته. خرج الناس من بيوتهم المتهالكة، من بين الخيام والدخان، ليروا مشهدًا لم يرَ مثله أحد منذ سنين: سمكة عملاقة من نوع قرش الحوت، بطولٍ يتجاوز عشرة أمتار، ووزنٍ يقارب الطنين ، لم يكن مجرد حوت، بل نبضة حياة وسط الجوع ،مشهد الناس حوله كان أشبه بمهرجان بسيط في زمنٍ قاسٍ ، الوجوه الصغيرة تلمع بفرحٍ حقيقي، الرجال يلتقطون أنفاسهم المندهشة، والنساء تهمسن بالحمد والشكر ، الكل يرى في هذا المخلوق الضخم يد الله تمتد من البحر لتطعمهم، لتقول لهم: ما زال في الرحمة متسع، وما زال في الأمل نصيب.

أقول انه رزق الله إلي البحر في وقت القحط

وسط أزمة الغذاء الخانقة وانعدام شبه تام للحوم داخل القطاع منذ عامين بسبب الحصار والحرب، كان ظهور هذا الحوت بمثابة رزقٍ من السماء.

تجمّع الأهالي على الشاطئ في مشهدٍ إنساني مؤثر، بعضهم لم يصدق ما يرى، وآخرون دمعت أعينهم من الفرحة وهم يرددون:

"الحمد لله، الله رزقنا بعد الجوع، كأن الله أرسل لنا طعامنا بيده."

الأطفال بدت على وجوههم ملامح الدهشة والسعادة، إذ لم يتذوق كثير منهم طعم اللحم منذ شهور طويلة. وشارك الصيادون في تقطيع السمكة وتوزيعها على الأهالي بالتساوي، في مشهد يجسد التكافل والتراحم وسط الألم.

و تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو تُظهر ضخامة الحوت والتفاف الناس حوله، معبرين عن انبهارهم بقدرة الله ورحمته.

و قرأت بعض المنشورات التي علّقت قائلة:

"في غزة لا تسقط السماء مطرًا فقط... بل تسقط رزقًا ورحمة."

بينما كتب آخر:

"وفرحة النازحين لا توصف... الحوت أتى كرسالة من الله أن الفرج قريب."

وفي المقابل، أثارت الواقعة جدلاً محدودًا لدى بعض المنظمات البيئية التي نبّهت إلى أن قرش الحوت من الكائنات المهددة بالانقراض، مطالبة بضرورة توثيق الحادث بيئيًا للحفاظ على التنوع البحري في البحر المتوسط.

اود أن أضيف تفاصيل علمية عن رزق الله لأهل غزة

النوع: قرش الحوت Whale Shark

الطول التقريبي: 10 أمتار

الوزن: نحو طنين

الغذاء: العوالق والكائنات المجهرية

العمر المتوقع: قد يصل إلى 120 عامًا

الصفة العامة: مسالم، لا يشكل خطرًا على الإنسان

ويعرف هذا النوع بجلده المنقط بالأبيض والبقع التي تميز ظهره، كما أنه يعتبر من أضخم الكائنات البحرية في العالم.

الحوت هذا، رغم ضخامته، كائن مسالم لا يؤذي أحدًا، يعيش على العوالق الدقيقة، وكأنه في طبيعته فاضل مثلاً للصبر والسكينة. الله أراد أن يذكرنا بأنه يرزق من يشاء بغير حساب .

مشهد رائع تجمع الناس على الشاطئ كأنهم في صلاةٍ جماعية، يوزعون اللحم بينهم بعد حرمانٍ طويل، يتذوقون الطمأنينة قبل الطعام، ويشمون رائحة البحر والحياة.

لم تكن المسألة مجرد صيد، بل مصالحة بين البحر والإنسان، بين الألم والفرج، بين الجوع والرحمة.

شاهدت على مواقع التواصل، إنتشار الصور كالنار في الهشيم:

الناس تبكي من الفرح، وأصوات الشكر تتعالى من غزة إلى العالم ، ربما أراد البحر أن يقول للعالم المتفرج: "هؤلاء لا يحتاجون إلى شفقة، بل إلى عدل... لكن الله لا ينساهم."

من يصدق أن مشهدًا كهذا يمكن أن يهز القلوب في زمن الأخبار القاسية؟

يذكرني مشهد الحوت بأنه آية صامتة تذكّرنا بأن الله لا يغفل عن أحد ، وفي غزة، التي اعتادت الألم، نزلت رحمة الله من البحر ، لتقول لكل قلبٍ موجوع: إن الفرج قد يأتي من طريقٍ لا يخطر على بال .. {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }

و ختاماً أقول ... ربما ينسى العالم هذا الحوت بعد أيام، لكن أهل غزة لن ينسوه أبدًا.

سيبقى في ذاكرتهم ليس ككائنٍ بحري ضخم، بل كذكرى يومٍ لم يجع فيه أحد، يومٍ أرسل الله فيه رزقه على هيئة مخلوقٍ مسالمٍ جاء من عمق البحر ليُعلِّمنا أن الرحمة لا تعرف حدودًا ولا حواجز ، وفي زمنٍ غابت فيه الإنسانية، جاء البحر ليكون أكثر إنسانيةً من كثيرين ، و نتذكر دائما أن الله قادر على كل شيء .