عبد الحليم قنديل: حرب أوكرانيا كشفت عن صعود الصين كقوة عظمى حقيقية

أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، الأستاذ عبد الحليم قنديل، أن العالم لا يتجه نحو نظام دولي جديد، بل يعيش بالفعل في ظله، مشيرًا إلى أن الأحداث الكبرى الأخيرة مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا لم تكن سوى "كاشفة" لهذا التحول العميق الذي جرى على مدار العقود الماضية.
وفي تحليله خلال برنامج "ستوديو إكسترا"، قال قنديل إن العالم العربي وإفريقيا كانا غائبين عن هذه التغيرات الجذرية، مضيفًا: "منذ عشرات السنوات، تجري تغيرات على خرائط العالم في موازين القوى الاقتصادية، العسكرية، والتكنولوجية، ونحن لم نكن طرفًا فيها". وأوضح أن الأزمة الأوكرانية كانت بمثابة "ورقة عباد الشمس" التي كشفت حقيقة النظام العالمي الذي تشكل بالفعل، وليس نقطة بدايته.
وشدد قنديل على أن الصين هي القوة العظمى الأبرز في هذا النظام الجديد، قائلًا: "حققت الصين في 40 عامًا ما حققه الغرب كله في خمسة قرون". واستعرض دلائل هذا التفوق في ثلاثة مجالات رئيسية: اقتصاديًا: أصبحت الصين "سيدة التجارة" العالمية، حيث تحقق فائضًا تجاريًا مع كل مناطق العالم تقريبًا، بما فيها الولايات المتحدة. كما تراجعت هيمنة الدولار في التعاملات التجارية العالمية من 77% إلى 57% حاليًا وتكنولوجيًا: أظهرت جائحة كورونا تفوقًا صينيًا مذهلًا، حيث بنت الصين مستشفيات في ساعات واستخدمت الروبوتات الطبية، في حين كانت الولايات المتحدة "الضحية الأولى للوباء عالميًا" وعسكريًا: على الرغم من أن الميزانية العسكرية الأمريكية تتجاوز نظيرتها الصينية بأضعاف، فإن التكلفة الباهظة للأسلحة الأمريكية وانتشار 800 قاعدة عسكرية أمريكية حول العالم يستهلكان هذه الميزانية، بينما تطور الصين أسلحتها بتكلفة أقل وبسرعة فائقة.
وأشار قنديل إلى أن الولايات المتحدة تعاني من "خوف غريزي من السقوط من فوق عرش العالم"، وأن قوتها لم تكن تقتصر على السلاح فقط، بل على "قوة الخيال" المتمثلة في "الحلم الأمريكي"، وهو الحلم الذي "اختفى الآن".
وفيما يتعلق بالقمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي والصيني، توقع قنديل ألا تؤدي إلى حلول جذرية للصراع، بل قد تسفر عن اتفاقات محدودة ومؤقتة، مثل تخفيف الرسوم الجمركية الأمريكية مقابل رفع الحظر الصيني عن تصدير بعض المواد النادرة. وأكد أن الصين، بفضل تجانسها القومي وعدم وجود إرث استعماري لديها، تتقدم بثبات لتثبيت مكانتها كقوة عالمية مؤثرة، وأن زمن الهيمنة الغربية الأحادية قد انتهى.