الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : إطلاله على الإنتخابات البرلمانيه حتى لاينعتنى التاريخ بالخذلان .

كثيرا إنتابنى إحساس بعدم تناول الإنتخابات البرلمانيه ككاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والاحزاب ، وكمحلل سياسى ، ونائب بالبرلمان ، لأن ذلك لاشك سيوجع قلبى ، ويؤلم نفسى نظرا لما يتوافر لدى من حقائق ، وماأتعايشه من متناقضات ، وماأسجله من هزل ، والتفاعل معها إنطلاقا من كونى مواطن يتعايش أحوال الشعب ، وبرلمانى يؤلمه ماوصل إليه حال البرلمان ، والنواب المحتملين ، شاكرا رب العالمين سبحانه لأن التاريخ سجل بكل فخر أننى كنت نائبا بإراده شعبيه منزهة من أى محاباه ، لكنه القدر الذى فرض أن يكون لى رؤيه إنطلاقا من حس وطنى ورغبه حقيقيه أن يكون وطننا الغالى أعظم الأوطان ، وهذا لن يتأتى إلا بطرح الحقائق بمصداقيه وشفافيه ، فكانت تلك الإطلاله على الإنتخابات البرلمانيه حتى لاينعتنى التاريخ بالخذلان .
أوجع قلبى ماأدركته في الأيام القليله الماضيه من واقع سياسى ملتبس ، وذلك على خلفية إختيارات مرشحى أحزاب التحالف الوطنى خاصة مايتعلق بالقائمه المطلقه التي تتم عبر تصدير صورة خادعه بأن هناك تعظيم للإراده الشعبيه بدعوة قامات برلمانيه سابقه كنت أحدهم ليكونوا ضمن المرشحين بحزب " حماة الوطن " ، وإذا بالحقيقه المره أن تلك القامات ليسوا إلا للأسف الشديد مجرد أدوات لرفع سقف قيمة الملايين المراد تحصيلها من المراد ترشيحهم من رجال المال والأعمال ، فى سابقه لم يشهدها التاريخ ، وتصرف يعكس مستوى تفكير قادة تلك الأحزاب الذين هبطوا على العمل السياسى بالباراشوت دون أى خبره ، أو خلفيه ، أو حتى ممارسه سياسيه حقيقيه سابقه ، وبات من الطبيعى تقديم التهنئه لكل من يتم إختياره لأنه بذلك يكون قد نال شرف الحصول على عضوية البرلمان ، حتى أننى تمنيت أن لو كنت مواطنا بسيطا لايعرف شيئا عن أي شيىء ، مرجع ذلك حبى لوطنى وأن يكون أعظم الأوطان ، وأننا نستحق كشعب أن ننال الإحترام ، وندرك أننا في حسابات تلك الأحزاب ، الذين يجب أن ينتبه قادتها أن ممارستهم للسياسه ، يجب أن تنطلق من الإحساس بالشعب وليس ترتيب مواقع نيابيه للوجاهة الإجتماعيه ، التي لايجب ان يقترب منها أحدا من الشعب حتى ولو كان يتمتع بشعبيه حقيقيه .
أكتب بضمير وطنى في لحظات فارقه في عمر الوطن ، حيث يتم تدشين أمر الإنتخابات البرلمانيه ، متمنيا أن يدرك مضامينها المهيمنين والمسيطرين على المشهد الإنتخابى في الأحزاب الثلاثه المسماه بأحزاب التحالف ، مراهنا على أن كلماتى سيكون لها صدى لأننى أخاطب قامات مجتمعيه رفيعه ذا تاريخ مشرف ، وأن الساسه ، وقادة الأحزاب ، والشخصيات العامه شخصيات لها عظيم التقدير والإحترام ، حتى الساسه الجدد من الهواه الذين جعلونى أخجل ليس أمام نفسى وفقط بل أمام الجميع عند تناول واقعنا السياسى والإنتخابى ، تأثرا بما أدركته من هزل شاب الأداء والعمليه الإنتخابيه برمتها ، ومع ذلك لهم كل الإحترام والتقدير .
كثيرا ألتقى بهؤلاء الكرام من القاده الحزبيين الجدد ، أو بينى وبينهم حوارات مستمره ، ونقاشات عديده ، عندما أقترب قليلا من أحدهم أراه مغموما رغم حالة التفاؤل التى يبديها فى العلانيه ، بل وأجده يقول بعكس ماقد يكون قد قال به منذ لحظات فى نقاش دار فى الغرف المغلقه حول قضية معينه ، بل إنه أحيانا ما يعترف بأنه مضطر أن يشارك أملا في بناء الوطن ، وأنا معه وأحييه على ذلك شريطة إحداث مراجعه حقيقيه لضبط الأداء ، تلك الروح وجدتها عند المواطن الذى تملكه إحساس أنه لاقيمة له في المعادله الإنتخابيه ، وليس له أي دور .
شاء القدر أن أتعايش مع هذا الإحساس تأثرا بسحق إرادة بلدتى بسيون ذا التاريخ البرلماني المشرف ، حيث همشتها أحزاب التحالف ولم يتم الدفع بأحد أبنائها للترشح بمجلس الشيوخ ، وما يتم بشأن الدفع بمرشحين لمجلس النواب عبر المال السياسى الفاسد ودفع الملايين ، هذا بوضوح طبقا لما تواتر من دوائر وماأكده شهود العيان ، ومنهم القيمه الكبيره الدكتور حسام بدراوى الذى صرح وبالنص بأن " سعر كرسي البرلمان وصل 70 مليون جنيه .. والانتخابات أصبحت مدفعوة الثمن لمن يملك أكثر " ، وكذلك تواتر هذا المبدأ وإن إختلف سعر كرسى البرلمان من دائره لدائره كما هو معلن بكل بجاحه ووقاحه ، إلى الدرجه التى معها بات يعرفه القاصى والدانى دون نفى ، أو حتى ردع لمن يقول بذلك ، الأمر الذى معه جعل ذلك فى حكم المؤكد ، ، وبالتالى لن يكون لأى مواطن قيمه لدى من يأتي نائبا بهذه الطريقه ، وبالتالي أيضا لايعتبر أن للدوائر ممثلا بالبرلمان جاء عبر القائمه ، يضاف إلى ذلك بالنسبه أن النظام العجيب فى تشكيل الدوائر بالنسبه للمقاعد الفرديه حيث وضع بعض البلدان على المحك بالضبط كما حدث لبلدتى بسيون ، التى باتت مهدده بألا يكون لها نائبا بالبرلمان أيضا لإعتبارات كثيره منها أن عدد الناخبين بكفرالزيات التي هي أحد مكونات الدائره الإنتخابيه يفوق عدد الناخبين ببلدتى بسيون بكثير ، يضاف إلى ذلك تلك الحاله من الإحباط التي إنتابت الناس فأثرت سلبا على التعاطى مع المرشحين رغم أن فيهم شخصيات جديره بالإحترام .
خلاصة القول .. أدرك أن ماأطرحه يأتي في أجواء تحمل كثيرا من المتناقضات ، ومن الصعب إحداث تغيير أو إجراء تعديل يضبط الإيقاع ، لكنه الواجب الوطنى الذى يفرض أن يكون لى رؤيه طالما أستطيع ، لعلها تساهم بأى نسبه في إنقاذ مايمكن إنقاذه ، وتنبيه من يعتقدون أننا لم نبلغ سن الرشد السياسى ، وكتب علينا الذله والمسكنه ، وفرض علينا أن نلوذ بالصمت ونقبل بمن يختاروه لنا طبقا لنهجهم وإرادتهم ، ومؤلم أن أنحاز إلى صفوف المتفرجين الذين يشاهدون مشهد إنتخابى عبثى في صمت ، رغم اليقين ان تبعات هذا المشهد ستطالنى مجتمعيا وكل أحبابى ، يبقى الرهان على العقلاء ، والفاهمين ، وأصحاب التاريخ الوطنى المشرف ، الذين يتصدرون المشهد ويقودون تلك الأحزاب فهل ينتبهون ؟ على أية حال قلت مالدى حتى لاينعتنى التاريخ بالخذلان .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .