بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : نعــم .. أكتب بضمير وطنى حتى وإن كان واقعنا السياسى بات مريبا .

محمود الشاذلى
-

يقينا .. التجربه الحزبيه باتت فى مهب الريح ، وواقعنا السياسى بات على المحك ، والتفاعل النيابى مرورا بالإنتخابات البرلمانيه بات يكتنفه الغموض ، ويسيطر عليه اللامعقول واللامفهوم ، واللامنطقى ، لاأقول بذلك على سبيل المجاز ، إنما إنطلاقا من رصد دقيق لواقع مؤلم عايشته وأتعايشه عن قرب كبرلمانى وكممارس للعمل السياسى قبل أن أكون محلل سياسى وكاتب صحفى متخصص فى الشئون السياسيه والبرلمانيه والأحزاب .

نعــم .. المال السياسى الفاسد والملايين باتوا لايتحكمون فى مقاعد البرلمان وفقط ، بل فى كل شيىء وأى شيىء بالحياه ، سياسى كان أو مجتمعى ولاعزاء للشعب ، تواكب مع ذلك الواسطه والمحسوبيه والعلاقات الأمر الذى معه كان من الطبيعى أن نجد نائبا بالشيوخ وإبنه نائبا بالنواب ، وآخرى نائبه بالنواب وأبوها نائبا بالشيوخ ، ومرشحا فى دائره ، وزوجته مرشحه فى دائره اخرى وكلاهما وجميعهم ينتمون إلى الأحزاب التى إحتكرت واقعنا السياسى والبرلمان ، ولاعزاء للشعب ، من أجل ذلك بات الحديث عن الإنتخابات البرلمانيه أو تناول مجرياتها أمر مؤلم بحق لأنه يصدر الخوف على الوطن الذى تلاشى فيه الشعب ، وإندحر ، وأصبح خادما عند نفر من البهوات لايدركون خطورة إنعزالهم عن واقع المجتمع .

تملكنى الإحساس بالإرتياح الشديد ليقينى أن الوطن يسير خطوات حقيقيه لتعظيم الإراده الشعبيه إنطلاقا من إختيار المرشحين للإنتخابات البرلمانيه ، تحقيقا لرغبة القياده السياسيه ، والتأكيد على رفض المال السياسى الفاسد ، لكن سرعان ماتبدد ذلك كله حين أدركت مايحدث فى واقعنا السياسى والمجتمعى ، حيث وجدت الإختيارات لاعلاقه لها بالشعبيه ، كما إنتابنى حاله من الإنزعاج الشديد حيث ارى سحقا للتجربه الحزبيه وتدميرا لها بالكليه ، تجلى ذلك فى تقزيم جميع الاحزاب فى القلب منهم الأحزاب التاريخيه ، حتى فقدت الحاضنه الشعبيه ، ووجدنا رؤساء الأحزاب يعظمون الصمت فتلاشى الإبداع ، وإفتقدت أصحاب الرؤيه والمفكرين ، وتقزمت تلك الأحزاب حتى اصبحت ديكور تبتهج بتعيين رئيسها بالبرلمان ، لأنهم أضعف من أن يلتحموا مع الجماهير ، فى نفس الوقت تم تدشين ثلاثة أو أربعة أحزاب هم المسيطرون على المشهد السياسى ، ويمارسون السياسه من الغرف المكيفه والأحياء الراقيه ، ولايعرف احدا فيهم كيف يعيش المواطن المصرى البسيط ، أو يدرك معاناته لأنه لاعلاقة لهم به طوال عمره الوظيفى .

قولا واحدا .. رائع أن تعج الحياه السياسيه بمشاركة قامات عظيمه حتى ولو كان نهجهم فى السابق إعطاء ظهرهم للسياسه ، شريطة ألا يقوموا بتعظيم نهج المغالبه لا المشاركه ، والإنفراد بكل شيىء وأى شيىء ، رغم إفتقادهم للخبره ، وعدم معرفتهم بدهاليز السياسه ومناورات الساسه ، وسحق كل الساسه القدامى ، لأن عدم تواصل الأجيال حتى فى السياسه سينتهى بنا إلى كارثه حقيقيه ، لأننا سنظل حقل تجارب .

أطرح ذلك بضمير وطنى متمسكا بتعظيم الحقيقه ، إنطلاقا من تقديرى وإحترامى لكل من يبذل جهدا للنهوض بالوطن الغالى ، وكل من يسمع النصيحه لتصويب الخلل ، وعلاج الأخطاء ، وكل من يعى أهمية إحتضان الشعب صاحب الحق الأصيل فى هذا البلد ، وكل من يدرك أهمية جبر خاطر المنكسرين من البسطاء والمهمشين ورقيقى الحال الذين يعيشون حياه لاحياه ، ولايشعر بهم أحد .

أطرح عصارة عطائى ، إنطلاقا من خبرة السنين ، وتجارب حقيقيه ، ومعايشه لآخر الساسه المحترمين بالوطن فى القلب منهم زعيم الوفد فى زمن الشموخ فؤاد باشا سراج الدين الذى تعلمت منه السياسه وجها لوجه وتربيت على يديه ، زاهدا ليس فى الترشح وفقط بل حتى فى الإهتمام بهذا الواقع السياسى والحزبى والبرلمانى الذى بات مريبا ، لإدراكى أن الشعب بات خادما ، فى زمن سحق فيه كل الأحزاب وهمش من فيها ، وأصبح قادته كل همهم مقاعد بالبرلمان ينطلق بعيدا عن الإراده الشعبيه ، ليقينهم أنه تم سحق الإراده الشعبيه ، وأصبح لدينا أحزاب تعد على أصابع اليد الواحده تضم طبقة البهوات ، ولامكان أو مجال فيها لأى فرد من أبناء الشعب .

يبقى الشكر لرب العالمين سبحانه على نعمة الزهد فى المشاركه فى الإنتخابات البرلمانيه ترشيحا ، وتصويتا ، بعد ان تردى الحال وإنحدر ، بل إنه من الصعب أن يقنعنى أحد ا كائنا من كان أن البرلمان القادم يعبر عن آمال الشعب وطموحاته ، لأنه تم رسم معالمه ، وتحديد نوابه من المنتجعات ، ومقرات الأحزاب فى الأحياء الراقيه ، عبر آليات عجيبه وغريبه تقوم على المحاصصه بين ثلاثة أو أربعة احزاب ، إنطلاقا من فئات معينه ليس فيها أحدا يسكن قريبا من القرى ، أوالنجوع ، أو المدن الريفيه ، أو حتى بالقرب من الشعب ، وتهميش الإراده الشعبيه التى لم تعد منطلقا للإتيان بنائب لذا لن نجد هذا النائب معبرا عن آمال الشعب وطموحات ، حفظ الله مصرنا الحبيبه .. حفظ الله الوطن الغالى .