بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

من عمر 3 سنوات.. كيف يحوّل تدريس علوم الدماغ حياة الأطفال إلى الثراء؟

الدراسة-أرشيفية
داليا فوزي -

من المتوقع أن يحقق الطلاب في مدرسة ابتدائية بمدينة دالاس في ولاية تكساس الأمريكية، ينتمي ما لا يقل عن 80% منهم إلى أسر ذات دخل منخفض، دخلا أعلى من أقرانهم المنتميين لأسر من ذوي الدخل المرتفع، على مدار حياتهم، وذلك بفضل التعليم المبكر القائم على علوم الدماغ، بحسب ما أظهرته دراسة أجراها مركز دالاس لصحة الدماغ في جامعة تكساس ومعهد مومنتوس.

وذكرت صحيفة "دالاس مورنينج نيوز" الامريكية في تقرير لها، أن دراسة حالة عملت على تتبع التطور الذي أحرزه 73 خريجا من مدرسة مومنتوس، وهي مدرسة مختبرية خاصة تقدم خدماتها للطلاب بدءا من مرحلة ما قبل الروضة وحتى الصف الخامس في منطقة "أوك كليف". وتمت مقارنة مجموعات الطلبة خلال الفترة من عام 2016 وحتى عام 2018 مع البيانات المحلية بشأن نتائج الطلبة من الأسر ذات الدخل المنخفض وتلك ذات الدخل المرتفع.

ويتولى إدارة مدرسة مومنتوس معهد مومنتوس، وهو مؤسسة غير ربحية، تقدم خدمات صحة نفسية لعدد 5500 طفل وعائلاتهم، سنويا، على يد معالجين نفسيين مرخصين يجيدون لغتين.

ووجدت الدراسة أن 97% من خريجي مدرسة مومنتوس الذين تم تتبع تطورهم، حصلوا على شهادة الثانوية العامة، كما حصل 48% منهم على شهادة جامعية. وبالمقارنة، حصل 91% من الطلاب من ذوي الدخل المرتفع الذين تتبعتهم تقارير معايير المدارس الثانوية التابعة للمركز الوطني لتبادل معلومات الطلاب، على شهادة الثانوية العامة، فيما حصل 31% منهم على شهادة جامعية.

وجاء في التقرير أنه من خلال البيانات التابعة لمعهد التوظيف الأمريكي بشأن متوسط ​​الدخل مدى الحياة على حسب المستوى التعليمي، يتوقع الباحثون أن يجني طلاب مومنتوس - الذين تم تتبع تطورهم حتى مستوى البكالوريوس - ما يتراوح بين 3ر1 مليون دولار و7ر2 مليون دولار على مدار حياتهم، ليصل إجمالي دخلهم السنوي إلى 157 مليون دولار.

وأفاد التقرير بأن هذه التوقعات جاءت أعلى بنسبة 26% و9% من أقران طلاب المدرسة من الأسر ذات الدخل المنخفض ومن تلك ذات الدخل المرتفع على المستوى المحلي، على التوالي.

والسؤال هو، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ تقول الدكتورة جيسيكا جوميز، المديرة التنفيذية لمعهد مومنتوس، إن مدرسة مومنتوس تُركز على صحة الدماغ، وتقوم بتدريس علوم الأعصاب واستراتيجيات الصحة النفسية المناسبة لكل سن، بدءا من عمر الثالثة، بحسب ما أوردته الصحيفة الأمريكية.

ويتعلم الطلاب بشأن تراكيب الدماغ، وينفذون مشاريع حول كيفية عمل الدماغ بحلول الصف الرابع والخامس، بحسب ما يوضحه الدكتور أندرو إس. نيفين، أستاذ الأبحاث والمدير الافتتاحي لـ "مشروع برينوميكس" في "مركز صحة الدماغ" بجامعة تكساس في دالاس.

ويشير الدكتور نيفين إلى أن جميع الفصول الدراسية في مومنتوس تقوم بعرض رسوم توضيحية لكيفية عمل الدماغ، ويتعلم الطلاب مهارات تتعلق بالتنظيم الاجتماعي والعاطفي.

وتقول الدراسة، التي قادتها فرق البحث التابعة لجوميز ونيفين، إن تعليم الطلاب علوم الأعصاب والصحة النفسية من سن الثالثة وحتى العاشرة، يساعدهم على التفكير في كيفية تأثير صحة الدماغ على خياراتهم طوال حياتهم.

وأوضحت جوميز أن دراسة الدماغ تساعد الطلبة على إدراك كيفية تأثير العواطف والتوتر على التعلم، مضيفة أنه عندما يعرف الطلاب كيفية عمل دماغهم، فإنهم يمكنهم تنظيم عواطفهم بطريقة أفضل، والسيطرة على التوتر، والحفاظ على دماغهم مستعد للتعلم.

وأفاد نيفين بأن فهم آلية عمل الدماغ يسمح للطلبة أيضا بتحسين قدراتهم المعرفية، مثل معالجة المعلومات واتخاذ القرارات والابتكار، موضحا أنه في عالم يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي، تعد هذه المهارات أساسية للتعليم والقوى العاملة.

وقال نيفين: "إذا لم يكن المرء لديه القدرة على تجميع المعلومات بطريقة أفضل من الذكاء الاصطناعي، فلن يحصل على وظيفة في هذا العالم".

وعلى صعيد متصل، قالت الدكتورة جينيفر كيتيل، وهي باحثة مشاركة في مرحلة ما بعد الدكتوراه بقسم علم النفس في جامعة إلينوي بشيكاغو، إن التعلم الاجتماعي والعاطفي يعزز الوظائف التنفيذية مثل ضبط النفس والتفكير المرن، وهي مهارات ستظل ضرورية في ظل تطور القوى العاملة.

وأوضحت كيتيل، التي لم تشارك في الدراسة الخاصة بجامعة تكساس: "لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتخذ قرارات أخلاقية".

وأضافت أن جوانب ممارسات التعلم الاجتماعي والعاطفي المتعلقة بإدارة التوتر وتحديد الأهداف أو حل المشكلات، مترسخة في علم الدماغ، لأنها تعمل على تقوية مناطق دماغية محددة مسؤولة بشأن التعلم واتخاذ القرارات.