الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : بنات وسيدات مصر فى خطر بسبب مساطيل الشوارع

معاكسة البنات فى الشوارع فى الشوارع والطرق العامة أخذت أبعاد جديدة تنذر بحدوث أزمات ومشاكل قد تؤدى إلى تفتت المجتمع ، فهذه المعاكسة تحولت إلى مشاكسة ثم تطورت إلى تعدى بالألفاظ ثم الأيدى ، وأصبحنا نرى مشاهد كان المجتمع فى أزمنة سابقة يصاب بحالة من الخزى والعار فى حالة حدوث واقعة تطاول فيها الذكر على الأنثى و مثل هذا الموقف يظل يجلب العار لمن يرتكبه بل ولمن يرتبط به بصلة قرابة أو صداقة ، أما الآن فأصبح الولد يتشاجر مع البنت ويستغل ضعفها ويلقنها درسا فى فنون الضرب المبرح رغم أن هذا السلوك لا يتفق مع مفهوم الرجولة والأصول والعادات التى كان عليها المجتمع ، تلك العادات التى كانت تحول دون إعتداء الرجل أو الصبى على إمرأة أو فتاة وحين يحدث نزاع بين طرفين أحدهما أنثى تجد الرجل المدرك لمعنى الرجولة يقول عبارة شهيرة نعرفها جيدا خاصة فى المجتمعات الشعبية وهى .. " أنا مش هارد عليكى عشان إنتى واحدة ست " ثم يذهب للرد على ذويها أما أن نجد بعض الشباب أو الرجال يعتدون بأيديهم على فتيات أو سيدات فهذا عار عليهم لأنهم بهذه الأفعال والسلوكيات الشاذة يحررون بأيديهم شهادة وفاة للقيم والأخلاق والعادات والتقاليد الأصيلة التى كان يتسم به المجتمع فى بر مصر المحروسة.
قبل ثلاثة أيام إشتعلت السوشيال ميديا بواقعة تعرض شاب فى بداية العقد الثانى من عمره لفتاة إبنة الستة عشر ربيعا فى الطريق العام وأمام جميع المارة بأحد الشوارع الكبرى بحى الشرابية وأعتدى عليها بالضرب المبرح فضلا عن سبها بألفاظ يندى لها الجبين ، والغريب فى الأمر أنه لم يكن سابق معرفة بينهما وهو ما ذكره الصبى فى محضر شرطة قسم الشرابية عقب القبض عليه.
وهناك الكثير من الوقائع المماثلة التى يشهدها المجتمع بشكل متكرر خلال السنوات الأخيرة والتى أعتقد أنها ترجع للعديد من الأسباب أهمها سوء تربية هذا الجيل من الشباب وتخلى أرباب الأسر عن الوعظ الدينى والهروب من دور العبادة التى من خلالها كنا نتعلم القيم والأخلاق الحميدة ، فضلاً عن عدم الحرص على الحضور فى المدارس فى الوقت الذى تشجع فيه وزارة التعليم هذا السلوك الشاذ وترفض إتخاذ الإجراءات القانونية ضد الطالب غير الملتزم فى الحضور للمدرسة ، يحدث ذلك فى الوقت الذى فقد الأب دوره فى تربية أولاده فتجده مطحون فى دائرة العمل من أجل توفير إحتياجات أسرته فى ظل الظروف المعيشية الصعبة ، أما الأم فهى إن كانت غير عاملة تجدها مشغولة بأمور أخرى غير تربية أبنائها بالشكل المطلوب فى ظل التوسع والتطور فى عالم الإنترنت أما العاملة فكثير منهن غير متاح لديهن الوقت لتقويم السلوكيات غير الحميدة.
أما أخطر الأسباب التى تجعل الصبية فى حالة غياب وتدفعهم نحو الإتيان بتصرفات شاذة وعجيبة هو إنتشار فيروس الإدمان والتوجه نحو تعاطى المخدرات التى تغيب العقل تماما فى ظل إنتشار الأنواع الخطيرة من المخدرات مثل الآيس والشابو والأستروكس ولا تجعل الفتى فى حالة إدراك لما يقوم به من أعمال نكراء ، حيث يشير أحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد متعاطى المخدرات فى مصر وصلت أعدادهم إلى نحو ١١ مليون مواطن ينفقون ٤٠٠ مليار جنيه سنويا على هذا البلاء ، ويبلغ عدد الشباب المتعاطون للمخدرات نحو ٨.٦ مليون شاب فى الفئة العمرية التى تتراوح بين ١٥ و ٣٠ سنة.
أمر آخر يشجع الشباب على إرتكاب كل الموبقات وهى الأفلام والمسلسلات الوضيعة التى تدفع الشباب إلى العنف والتطرف والرذيلة فضلاً عن بعض القائمين بأدوار مشبوهة فى هذه الأعمال السينمائية والدرامية التى غابت عنها الرقابة بالإضافة إلى بعض المطربين خاصة مطربى المهرجانات أصبحوا مثل أعلى لهؤلاء الشباب فتجدهم يرتكبون أعمال فاضحة فى حياتهم الشخصية وبالتالى يسعى الشباب أكثر حرصا على محاكاة مثل هذه العناصر الفاسدة التى على ما يبدو أنهم ينفذون مخطط أجنبى مشبوه لإفساد المجتمع والعمل على إنهياره.
ووسط هذه الدوامة المنحرفة تنعدم الأخلاق وتنتشر المواقف المخزية وبالتالى ينفرط عقد الفضيلة ويتحول المجتمع إلى غابة تتأهب فيها الوحوش لإلتهام الفريسة وأصبحت الفتاة لا تشعر بالأمن والأمان رغم أنه إحقاقا للحق أن أجهزة وزارة الداخلية يقع عليها عبء كبير فى عمليات التصدى لهذه العناصر المشبوهة التى تأتى بأعمال مخالفة للشرع والقانون فى الوقت الذى تتجاهل فيه وزارات أخرى لدورها المنوط بها فى توعية الشباب وتربيتهم بالشكل الذى يجعلهم ذخيرة للمستقبل.
ناقوس الخطر أيها السيدات والسادة يدق بكل قوة ينذر بحدوث كوارث مجتمعية لا حصر لها ولا ينبغى أن تكتفى الحكومة بالفرجة على هذه المواقف التى ستؤدى إلى إنهيار المجتمع الذى ظل طيلة كل السنين السابقة متمسكا بالفضيلة وحريصا على الآداب العامة والأخلاق والعادات والتقاليد التى كان يتسم بها المجتمع فى زمن كان فيه للعفة والشرف ثمن كبير.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى