كيف تجمع بين العمل بالأسباب واليقين بالله؟.. عالم بالأوقاف يجيب

قال الدكتور أسامة فخري الجندي، عالم بوزارة الأوقاف، إن الثقة بالله سبحانه وتعالى ليست سذاجة أو تواكلاً، بل هي وعي عميق بأن وراء الأسباب مسبّبًا حقيقيًا، وأن حركة القلب تسبق حركة الجوارح، مشيرًا إلى أن القلب المرتبط بالله يضيء الطريق للإنسان ويوجهه نحو الصواب.
وأوضح الدكتور الجندي، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، أن الثقة بالله تعني علاقة معمورة بالهداية والقلب، مؤكدًا أن من يؤمن بالله يملك يقينًا بأن "مع العسر يسرا"، وأن هذا اليقين لا يمنع الإنسان من بذل الجهد واتباع الأسباب، لكنه يمنحه الطمأنينة بأن النتائج بيد الله عز وجل.
وأشار إلى مثال هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث خطّ أكثر من 14 خطة دقيقة قبل تنفيذ الهجرة، فاعتمد على الأسباب بوعي كامل، وفي الوقت نفسه وضع ثقته الكاملة في الله الذي لن تنفعل الأمور إلا بمشيئته.
وأضاف أن هذه الثقة منحت النبي ومعه الصحابة قدرة عظيمة على مواجهة المخاطر، حتى في المواقف الصعبة مثل متابعة أثر المشركين أثناء الهجرة.
وأضاف الجندي أن الثقة بالله تتجلى أيضًا في موقف سيدنا موسى عليه السلام أمام فرعون وجيشه، حيث قال لقومه: "كلا، إن معي ربي سيهدين"، مشيرًا إلى أن الثقة الصادقة تولّد قدرة على مواجهة المستحيلات بثبات ويقين.
كما أشار إلى غزوة بدر، حيث كان عدد المشركين ثلاثة أضعاف المسلمين، ومع ذلك ظل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع الدعاء إلى الله ويثق بنصره، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: "كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك"، مؤكّدًا أن الثقة بالله تمنح الإنسان قوة روحية وعزيمة لا يوقفها عدد الأعداء أو صعوبة الظروف.
ونوه بأن الثقة بالله تمزج بين العمل بالأسباب واليقين بالنتيجة، وهي سمة إيمانية تزرع الطمأنينة في القلب، وتؤكد أن النصر والنجاح بيد الله سبحانه وتعالى، وأن من يتوكل عليه حق التوكل يملك القدرة على مواجهة أصعب التحديات بثقة وإيمان.