بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : برنامج تكافل وكرامه والعبث اللاإنسانى .

محمود الشاذلى
-

منذ أيام إنتابتنى حاله من الذهول على خلفية ماإكتشفته بشأن معاش تكافل وكرامه ، حيث تلقيت شكاوى عديده من بسطاء رقيقى الحال ، معدمين ، من بلدتى بسيون جميعهم بحق الله يعيشون بالستر ، مضمون الشكاوى قطع معاش تكافل وكرامه عنهم ، ووجدتهم مصدومين ، حتى أصبحت الوجوه عابسه ، مكفهره ، والنفوس إعتراها الحزن ، وخيم عليها القهر ، الكآبه علت الوجوه إلا ماندر ، السعاده غادرت حياة هؤلاء الناس وتأبى أن تعود ، بعد مايلمسونه وعن يقين فى واقع الحياه .

كان من الطبيعى دراسة مضامين تلك الشكاوى ، وبحث آليات لحلها ، وكانت الفاجعه عندما إكتشفت أن هذا المعاش الذى يتم وقفه على إستحياء هزيل إلى الدرجه التى كان يتعين معها أن يشعر بالخجل هذا المسئول الذى حدد قيمته والذى يختلف من فرد لآخر ، ومن أسرة لأخرى ، وفق وزارة التضامن ، بالنسبة لأساس الأسرة التي لديها 3 أطفال في الدعم تكون القيمة 467 جنيهاً ، والأسرة التي لديها طفلين في الدعم تكون القيمة 518 جنيهاً ، وذلك بالنسبة لشرائح الدعم النقدي لبرنامج «تكافل» ، وبالنسبة لقيمة دعم «تكافل» للأطفال ، للطفل تحت سن 6 سنوات تكون 75 جنيهاً والتلميذ بالمرحلة الابتدائية تكون 100 جنيه ، والتلميذ بالمرحلة الإعدادية 125 جنيهاً والتلميذ بالمرحلة الثانوية 175 جنيهاً والطالب بمرحلة التعليم الجامعي 300 جنيهاً ، أما بالنسبة لشرائح الدعم النقدي لبرنامج «كرامة»، لذوي الإعاقة 707 جنيهاً والمُسن من 65 فأكثر 707 جنيهات واليتيم 564 جنيهاً والفتاة التي بلغت سن الـ 50 دون زواج 564 جنيهاً والأرملة أو المطلقة أو المهجورة التي لم تُنجب 564 جنيهاً . بالمجمل كل اسرة تتقاضى كل أسرة معاش شهري من 620 إلى 740 جنيهًا .

حتى لايساء الفهم ، ويظن مغرض أننى أهاجم برنامج تكافل وكرامه ، أو ألقى عليه الغيوم ، يجدر التأكيد على أننى لاأختلف على الإطلاق مع نهج برنامـج تكافل وكرامـة ، بل إنه لاشك برنامج يجسد إنسانيه حقيقيه ، ويعمق البعد الإجتماعى ، ويعمل على إحداث توازن مجتمعى للفئات الأكثر فقرا ، بل إن فلسفته جاءت لترسيخ التكافل الإجتماعى بعد الفجوه المجتمعيه الكبيره التى أصبحنا نلمسها والتى ساهمت فى تلاشى الطبقه المتوسطه ، حيث أصبح من بالمجتمع ينتمون لطبقتين المعدمه وهم غالبية الشعب ، والميسورين وهم القله القليله ، مما أدى إلى إحداث خلل جسيم فى المكون المجتمعى ، تطلب سرعة التدخل بحلول عمليه لترسخ توازن مجتمعى حقيقى ينشده الناس جميعا .

أتفق تماما مع برنامـج تكافل وكرامه الـذي أطلقـتـه وزارة التضامـن الإجتماعـي تحـت مظـلة تطويــر شــبكات الأمـان الإجتماعــي والذى يقوم على التحويـلات النقديــة المشروطـة والتى ضمت الطفل يتيم الابوين ، مهجور العائل ، إبن المطلقه اذا تزوجت ، إبن المسجون أو المسجونه ، كريم النسب ، والمرأه المعيله ، المطلقه ، والأرمله ، المهجوره ، والمنفصله ، والزوجه نزيلة مراكز الاصلاح ، وأيضا نفس الفئات بدون أبناء المسن أكبر من 65 سنه الأسرالمعاله ، أسرة المجند ، والأسره فقيره .

بمنتهى الموضوعيه تنتابنى حاله من الحزن الشديد تأثرا بأحوال هؤلاء البسطاء ، رقيقى الحال ، الذين يتقاضون معاش لايرقى قيمته ثمن تذكرة حفل يتم إقامتها بالساحل الشمالى ، ولابنزين سياره فى يوم واحد لأحد الميسورين ، ومع ذلك يتم العبث به وإيقافه ، بل إننى كنت أتصور أن يكون مضمون هذا المقال المطالبه بمضاعفة هذا المعاش الهزيل أضعافا مضاعفه ، لاالإعتراض على وقفه رغم قيمته الهزيله والمضحكه المبكيه ، ولاأعرف أى ضمير هذا لدى مسئول يمارس هذا العبث اللاإنسانى ، ومن غير المقبول أن يتم الإحتجاج بعدم وجود موارد أو ميزانيه ، لأنه يمكن ببساطه شديده فى تقديرى تحويل قيمة الضريبه العقاريه المستحقه على فيلات فى كمباوند واحد بالقاهره ، وتخصيصها لكل تلك الفئات المعدمه على مستوى الجمهوريه ، وبالقطع ستكفيهم وتفيض ، ولاأتصور ان مالك فيلا واحده تبلغ قيمتها مايقرب من مائة مليون جنيه قد يعترض على فرض تلك الضريبه وتخصيصها لهؤلاء الفقراء المعدمين ، بل إنهم سيكونوا أول الداعمين فى الخير إنطلاقا من هذا التكافل الإجتماعى الحقيقى ، مرجع ذلك أننى أعرف بعض ساكنى تلك الفيلات وهم شخصيات أهل خير ، جميعا جديرين بالإحترام والتقدير ، ونماذج مجتمعيه معطاءه ، ولم يكونوا من سكان تلك الأماكن إلا بعد رحله طويله من الجهد والعرق والكفاح ، بل إنهم قد يساهمون بما هو أكثر لدعم هذا الهدف النبيل لو إستقر يقينهم أن تلك المبالغ ستخصص بجد ، لتلك الفئات المجتمعيه من أهالينا الطيبين رقيقى الحال .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .