بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محـمود الشاذلـى يكتب : الإنتخابات البرلمانيه والأسئله الحائره .

محمود الشاذلى
-

بعيدا عن أجواء الإنتخابات البرلمانيه التي سيبدأ التفاعل معها خلال أيام ، داعيا الله تعالى بالتوفيق لمن سيخوض تلك الإنتخابات ، وأن يلهم قادة الأحزاب الصواب في أن يكون منطلق ترشيحاتهم نائبا يولد من رحم الشعب لأن ذلك سيعيد التلاحم الشعبى الذى أصبحنا نفتقده بجد بعد محاولات أصحاب الملايين ، والبهوات الإستحواذ على مقاعد البرلمان وطز في كل فئات الشعب ، نعــم .. نحن الآن وقبل أي وقت مضى أصبحنا في أشد الحاجه لتلاحم شعبى حقيقى ينطلق من ثقه يعمقها الواقع ، خاصة ونحن نواجه إستفزازات الصهاينه على الحدود ، لكى يتحقق ذلك يتعين أن نعى الدرس الذى أعطاه الشعب للجميع في إنتخابات مجلس الشيوخ الذى بلغت نسبة التصويت فيها 7% ، عمق ذلك إختفاء 99% من الذين فازوا في تلك الانتخابات رغم أنهم لم يحلفوا اليمين بعد ، ولم ندرك واحدا منهم جلس وسط الناس على المصطبه يستمع لمشاكلهم ويتعايش همومهم ، ولسان حالهم يقول للناس من أنتم ؟ وهذا طبيعى لأنهم لم تكن الإراده الشعبيه منطلقا لإختياراتهم ، فهل سيتم تصويب ذلك في إنتخابات مجلس النواب بترشيح أصحاب الشعبيه الحقيقيه ، أم أن الناس سيكفرون بالحياه السياسيه ، والمجتمعيه تأثرا بالسير على خطى ترشيحات الشيوخ .

مرجع ذلك أننى في الآونه الأخيره كثيرا مايحاصرنى أهلى من بسطاء الناس الذى أفخر بأننى جزء من نسيجهم المجتمعى ، وذلك بأسئلتهم الحياتيه البسيطه التى تبتعد عن التكلف ولايكتنفها الكلمات الفخيمه لعل أبرزها .. لماذا لم يعد يقتنع الناس بأى حديث لأناس كثر خاصة المشايخ والساسه وقادة الأحزاب ، وكذلك النواب حتى ولو كانت كلماتهم رائعه ؟ لماذا لم يعد يتفاعل الناس مع أى دعوه للمساهمه فى أعمال الخير أو مساعدة الناس ؟ لماذا فقد الناس الهمه فى تقديم الخير ؟ كانت الإجابه واضحه وصريحه .. لأن الناس كل الناس شعروا أنه ليس لهم إلا رحمة رب العالمين سبحانه ، بعد ظاهرة فرض النواب القادمين بالبراشوت على أناس لايعرفون أي شيىء عن احوالهم ، وكثرة الكلام ، وتنامى الشعارات وفقط ، دون مردود إيجابى يلمسونه فى حياتهم اليوميه ، وبوضوح دون أن يتفاعل أصحاب الشعارات ، والكلام المعسول ، بجعله واقعا حقيقيا فى حياة الناس ، يضاف إلى ذلك غياب القدوه ، وشعور الناس أن كثر من الذين يصدرون هذا النهج ، ماهم إلا بشر يعيشون منفصلين عن واقع الحياه .

أتصورأن تقديم يد المساعده وفورا للمحتاجين خاصة فى هذه الأيام الصعبه الذى تنامى فيها الغلاء أفضل ملايين المرات من خطبه على المنابر عن فضائل الأعمال ، أو حديث لسياسى أو نائب عن الطبقه الكادحه ، بل وأكثر تأثيرا عند الفقراء من أروع العبارات ، وأعذب الكلمات التى لامردود عليها سوى مصمصة الشفاه ، أتصور أن مساعدة المرضى من المعدمين حقا له وجوه عده فقد يكون بعلبة دواء ، أو بثمن أشعه ، أو بالتنازل عن قيمة تحليل كما يفعل دائما الكرام من الأطباء الذين يتمتعون بقدر كبير من الإنسانيه ، أو علاج مريض فقير دون تقاضى مليما واحدا كما يفعل دائما أطباء أفاضل أعظم ملايين المرات من الكلام عن أى إنجاز طبى حتى ولو حقيقى ، وأيضا إن إنصاف مظلوم مقهور لايجد من يدافع عنه لفقره الشديد ، وتغول جار ظالم عليه ، أو تعرضه للظلم من رئيسه فى العمل ، أكثر تأثيرا عنده من الحديث عن العدل والعداله ولو فى الإسلام ، إن جبر خاطر المنكسرين نفسيا ، وتطييب خاطرهم بالطيب من الكلام ، وإسداء النصيحه الصادقه ، والخالصه ، والفاعله ، واليقينيه ، للحيارى لايقل ثوابها عند رب العالمين من العبادات ، وأن التناغم مع هموم الناس أفضل ملايين المرات من ذكر المشايخ المآثر والقصص التى ترقق القلوب ، ليدرك الجميع أن الباب الوحيد لقلوب الناس ليس بالكلام إنما بالأعمال الطيبه الصالحه التى يلمسها البسطاء ورقيقى الحال والفقراء فى حياتهم اليوميه .

الحق أقول إن عدم الإقتراب في العموم من الطبقه المتوسطه التي باتت معدمه ، خاصة فى هذا التوقيت بالذات أمر يفتقد للحكمه ، ولايتحلى بالإنسانيه ، يتعاظم ذلك ماسبق وأن شهده الواقع المجتمعى في الفتره الأخيره من لغط كبير وحاله من الجدل السوفسطائى مرجع ذلك توقف الدعم الخيرى والمتمثل في أموال ، أو أجهزه طبيه كان يقدمها أهل الخير لمستشفيات حكوميه كثيره ، لعل من إيجابيات هذا الجدل اليقين بذكاء المواطن الذى توقف عن التبرعات نظرا لأن الخدمة الطبيه أصبحت في تلك المستشفيات بمقابل مادى قد يكون أكبر من الذى تتقاضاه مستشفيات خاصه ، وبالتالي من الطبيعى أن تتوقف التبرعات ، يزيد على ذلك الإنتباه إلى القرارات الغير مدروسه والتي يتم إصدارها بعفويه مما يخلف كوارث كثيره ، بل وتفرض حاله من السلبيه على واقعنا الحياتى .

لست ضد أي إجراءات تتخذها الحكومه لتجاوز معاناتنا الإقتصاديه ، شريطة أن تكون بعيده عن الفقراء والبسطاء والمهمشين ، وأرباب المعاشات ، أتصور أنه من الطبيعى أن تفرض الحكومه الضرائب على سكان الفيلات والقصور في الكمباونتات ، ومن يذهبون للمصيف بالساحل الشمالى أو شرم الشيخ والغردقه والأقصر وأسوان صيفا وشتاءا ، وهؤلاء الفنانين الذين يفتخرون بما يتقاضونه من ملايين كأجر في الأفلام والمسلسلات ، وفرض ضريبه إضافيه على من يسكن فيلا قيمتها 50 مليون جنيه ، أو شقه قيمتها 4 مليون جنيه ، أو لديه سياره بمليونين من الجنيهات ، أو شاليه بملايين الجنيهات ، وأن يتنازل النواب عما يحصلون عليه من البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ وجعله عملا تطوعيا بلا أي مقابل مادى خاصة بعد أن أصبح البرلمان مبتغى الباحثين عن الوجاهة الإجتماعيه ، لذا غالبيتهم العظمى من رجال الأعمال ويتبرعون بالملايين ، وينفقون مثلهم من ملايين ليحصلوا على عضوية البرلمان ، وتحويل تلك الأموال إلى ميزانية الدوله لتخفيف العبأ على المواطن الفقير ، ووقف نهج إلغاء الدعم على من تصل فاتورة الكهرباء قيمه معينه خاصة وأن رفع الفاتوره مرجعه زياده متلاحقه فى فى قيمة تعريفة الكهرباء .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .