الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : نعــم .. غريبه هى الحياه وغريب أمر الناس فيها .

دائما أنزع نفسى من الأجواء السياسيه ، والمشكلات المجتمعيه ، والتناطحات السياسيه ، والكتابه التي باتت تحمل شجن وأحزان تأثرا بواقع الحال ، أخلد إلى نفسى أستجمع كيانى ، وألوذ بذاتى لعلنى ألملم شتات فكرى ، في حياه هي أعظم مدرسه يمكن أن يتعلم فيها الإنسان ، وكأننى أريد أن تتوقف عقارب الساعه عند الماضى الجميل أشخاصا وكيان ، ولاتتحرك بعد أن تنامى الهزل ، وتأثر الذات حيث تيبست المشاعر ، وأصاب الإحساس التبلد حتى بات من الطبيعى أن يتعجب القريبين من أحوالنا ، حتى نحن أصبحنا نتعجب من أنفسنا عندما نستشعر السعاده ، ونتعايش أجواء الفرحه ، ونجد من يطبطب على قلوبنا ، ويحتوى كياننا ، وكأن تبلد الإحساس بات من المسلمات ، وإنعدام المشاعر بات منهج حياه ، من أجل ذلك كان جبر الخاطر الممزوج بالإحترام من أفضل العلاقات الإنسانيه بين بنى البشر ، من أجل ذلك كان لنا فى أحداث الحياه الكثير من العبر التى يريد بها رب العالمين سبحانه أن ننتبه إلى أهمية الإحترام فى حياتنا ، وجعله منهج حياه ، ونبراس وجود ، وتعظيم مسلكنا مع الناس إنطلاقا من أداء محترم ، وسلوك قويم ، وتعاملا كريما ، وتعايشا حقيقيا نابعا من محبه .
يقينا .. مهمة النائب الدستوريه الرقابه على أعمال الحكومه ، والتشريع لصالح الشعب ، ومناقشة الميزانيه ، هذا بإختصار شديد ، لكن نظرا لأننا لسنا فى وضع يجعل المواطن يحصل على حقه ، ومن السهوله مقابلة المسئولين ، بات من الطبيعى ان يتحمل النائب أمر تقديم الخدمه لابناء الوطن ، والدفاع عن حقوقهم ، والتصدى لمن يظلمهم برفع الظلم عنهم ، هذا النهج جعلنى ذات يوم أفكر فى الإستقاله من عضوية البرلمان خاصة وأن موقعى الصحفى وجدت أنه أقوى مجتمعيا من كونى نائبا بالبرلمان ، وذلك تأثرا بالهزل الذى أواجهه ، والمؤامرات التى تحاك لإضعاف شعبيتى إنطلاقا من الشائعات بأن من نال الخدمه الأغنياء ، وذلك بعد إستطاعتى تعيين عشرة آلاف خريج بقطاع البترول ، وألفين بالمحكمه والبيئه ، والكهرباء ، وقطاع الإستثمار ، والتربيه والتعليم ، وكان التعيين فى ذلك الوقت متاحا للنواب ، لكننى كصحفى متخصص فى شئون البترول نالنى الكثير من تلك الخدمات ، لكن أستاذى النائب المحترم المهندس ممدوح طايل نصحنى بالثبات وألا أهتز وقد كان ، وكان بإمكانى النيل من الذين فعلوا ذلك لكننى لم أفعل بفضل الله ، رغم أننى واجهتهم وحتى من معهم صاحب الحصانه ، وجميعهم باتوا فى طى النسيان أحياءا وأموات ، وظللت بفضل الله شامخا ، المأساه أنه حتى عهد قريب جعلنى البعض هدف لإبعادى عن الترشح وأى زخم مجتمعى ، وذلك وفق خطه مرسومه لتشويهى لدى أجهزة الأمن عندما وجدونى متمسكا بخدمة الناس ، وذلك خشية أن أعود للبرلمان عبر حزب الأغلبيه ، وحدث كذلك لكثر من القامات السياسيه ، لكن الحمد لله ظلت رؤوسنا مرفوعه ، وهاماتنا شامخه ولحكمه قدرها رب العالمين سبحانه أن نال هؤلاء ماحاولوا إلصاقه بى وذلك لأخطاء قاتله إرتكبوها تأثرا بالغرور الذى تملكهم ، وباتوا هم فى طى النسيان يتحاشاهم الجميع ويفرون منهم ، كما يفر الإنسان من الذى طاله مرض معدى فتاك ، فى الوقت الذى يتابعون فيه تتملكهم الحسره المناشدات لى بالترشح ، والمفاوضات أن أخوض الإنتخابات ، وكأن الله تعالى أراد بذلك أن أنتبه لما غفلت عنه بفعل الإنشغال بالحياه أن الله تعالى هو الحق المبين .
ترسخ ذلك فى وجدانى عندما أتى شخص ينشد خدمه لدى أحد النواب ، فأراد أن يكون هجومه على شخصى عربون محبه للنائب وطريقا للحصول على تلك الخدمه ، لدرجة أنه إتصل بى وتحدث معى فى أمر وقبل أن أشاركه النقاش وجدته يوجه لى كلمات عنيفه تحمل حقدا غير مسبوق ، أتبع ذلك ماكتبه على صفحته بالفيس بوك من تجاوز بحقى ، وعبثا حاولت التواصل معه ، ومعرفة السبب لكل هذا الهجوم والتوضيح ، رغم أننى لاأنوى الترشح للإنتخابات البرلمانيه القادمه لكنه لم يستمع لى حتى لايفقد مايبتغيه من خدمه وماوصلنى بعد ذلك أنه جعل شهودا على مافعل ليدعموا موقفه عند النائب ، هؤلاء الذين إختلف معهم بعد ذلك وأزالوا عنه ملاية الستر ، بعد مدة طويله فوجئت بإتصاله يطلب مساعدة فى أمر ، وأسبق ذلك قصيدة مديح بحقى معددا مواقفى المشرفه ، وماقدمته من عطاء هو الأوحد في تاريخ نواب بلدتى بسيون ، خاصة فيما يتعلق بمحطة مياه الشرب ، والصرف الصحى لبعض القرى ، والتعيينات ، فلم أتمالك نفسى مؤكدا له عدم التأخر عن مساعدته رغم مافعله بحقى ، وماسبب لى من آلام نفسيه خاصة وأن مطلبه له علاقه بالمرض ، وأن خدمة أسيادى من المرضى نعمه من رب العالمين ، فسقط فى يده أننى لم أنسى إتصاله بى الذى مر عليه سنوات ، فإعتراه الصمت الرهيب ، ورفعا للحرج أكدت له أن خدمته وغيره واجبا طالما أستطيع ذلك ، كما أن هذا واجبى الذى لايمكن لى أن أقصر فيه لأننى إنسان لايمكن أن أتقاعس عن خدمة مريض ، وأن هذا لله وفى الله ، والدليل على ذلك أننى أقدم هذا العطاء دون أن أرشح نفسى .
حقا .. غريبه هى الحياه وغريب أمر الناس فيها ، ناصبنى العداء لالشيىء اللهم إلا لأننى قدمت خدمه جليله لإبن شقيقه وكان لايتمنى ذلك حتى لايعلو على أبنائه ، الغريب أن شقيقه الذى نال الخدمه لم يقل له عيب إختشى على سنك ، وآخر قضى نصف عمره الذى إقترب الآن من الثمانين عاما فى صراع مع أشقائه وإلى اليوم بسبب ملكية محلين ، ولم يعد يعرفه أحدا ببلدتى اللهم إلا من تبقى من أبناء جيله ومن يلونه ، لأنه منذ ثلاثين عاما أجبر على الرحيل من بلدتنا للإقامه فى مدينة الحمام بمطروح ، وذات يوم طلب نصرتى على أشقائه فرفضت فأخذ يزعم أننى ناصرت أحد المختلفين معه المأساه أنه مازال يذكر ذلك حتى اليوم ، ولعل له عذره لأنه فقد الإتزان والتركيز لوصوله لسن الشيخوخه ، تلك الوقائع عظمت كارثية المناخ العام وتردى الثقافه ، والتى جعلت الإبتعاد عن الترشح فى الإنتخابات نعمه كبيره ، والقبول بنهج دفع الأحزاب ببعض الأشخاص والعمل على إنجاحهم ، وماقبول هؤلاء لهذا النهج إلا لإدراكهم أن الولاء لمن أتى بهم أرحم مليون مره من الولاء لفئة المتنطعين الذين أهدروا قيمة البرلمان وكل العمل السياسى ، والضحيه كل شرفاء الوطن الذين مع ذلك لايمكن إعفائهم من المسئوليه فى تنامى هذا المناخ السيئ ، وعليهم أن يدفعوا الضريبه لأنه لم يتصدى أحدا منهم لهؤلاء المجرمين ، ولم يصوبوا مسلكهم ، الذى كان أحيانا على هوى البعض منهم ، فتقزم كل شيىء بالوطن له علاقه بالسياسه والنيابه .
تلك الواقائع عمقت لدى اللجوء إلى الله تعالى فى كل امر لأنه سبحانه يعلم صدق مبتغايا ، والعمل على أن نتحلى بالإحترام ، حتى مع المختلفين معنا سياسيا ، أو مجتمعيا ، إنطلاقا من منهج أخلاقى ، وبعد دينى ، وواجب إجتماعى . وإدراك اهمية أن يتوقف الجميع عن قلة الأدب ، والتجاوز فى حق بعضهم البعض ، لأن الأيام كاشفه وحتما ستجمع الجميع ، وحتما سيحتاج كل منا للٱخر ، ولو بدعوه طيبه بظاهر الغيب ، يزيد على ذلك لايجب أن يكون منطلق نهجنا فى الحياة قلة الأدب ، والتدنى ، والإنحطاط ، ونجعلهم إرثا بغيضا يتوارثه الأجيال .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .