بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : كيف لنا أن ننشد السمو والرفعه وقد قهر الألم الذات .

محمود الشاذلى
-

بصراحه .. أصبحنا نعيش حياه نكاد نفقد فيها القدرة على الفهم ، حيث أستشعر أن سياسة الجزر المنعزله طالت الجميع حتى الأحزاب ، بعض الساسه تنتابهم حاله من الإستعلاء على الشعب ليقينهم أن زمن الإراده الشعبيه لم يعد منطلقا للإتيان بنائب يعبر عن ضمير الشعب ، وقيادات على مستوى المسئوليه لكن من دونهم لاينطلقون فى لغة الخطاب من مضامين نهجهم ، اللواء احمد عبدالجواد أمين عام حزب مستقبل وطن كان رائعا وهو يؤكد على تغليب المصلحه العامه والتعاون مع جميع التيارات الوطنيه مؤكدا على أن تلك هى إستراتيجية الحزب ، مناشدا الناس فى المؤتمر الجماهيرى الذى عقده لدعم مرشحى الحزب بالشرقيه على المشاركه وإختيار من يرونه الأصلح فى تمثيلهم حتى ولو لم يكن مرشح حزب مستقبل وطن ، فى نفس الوقت نلمس نهجا مختلفا كان قد رسخه النائب ياسر عمر أمين حزب مستقبل وطن بأسيوط والذى زاملته بالبرلمان أذهلنى مضامينه خاصة عندما قال «إحنا دولة مش حزب واللي هيقف ضدنا مالوش حاجة عند الدولة» وكان يجب أن يحدث له تصويبا خاصة عندما أكد على أنه يرجع لعام 2020 ، ويؤكد على ماأكد عليه أمين عام الحزب لاأن يتمسك بمفرداته فى التعقيب عليه ، وأنه مؤتمر تنظيمى وليس مؤتمر شعبى ، وهنا لم يحالفه التوفيق فى هذا الطرح كمبرر ، المؤلم هو خلطه للأوراق عندما أكد فى تصريحات للمصرى اليوم أنه حتى الموت سيظل هو والحزب داعمين للدوله وذلك على خلفية ماأكد عليه بالفيديو المنسوب له ، دون إدراك انه لم يأتى بجديد لأن ماقال به ليس مقصورا عليه ، ولاعلى حزب مستقبل وطن الذى ينتمى إليه بل إنه نهج كل الوطنيين على كافة فئاتهم وإنتماءاتهم الحزبيه .

لعل ذلك ينبهنا إلى أن المجتمع يعيش الآن حاله من التنمر غير مسبوقه فى تاريخ مصر القديم والحديث والمعاصر ليس إنطلاقا من الصراع السياسى أو التنافس الحزبى ، أو الإنتخابات القادمه فحسب ، إنما هذا التنمر أصبح له آليات ومنطلقات ، تعاظمت جميعها حتى بات من الطبيعى أن يتجبر القوى على الضعيف ، والسفيه على الكريم ، ويصبح التطاول بين رفقاء العمل والجيران بسبب لعب الأطفال فى الشارع منهج حياه ينطلق من سوء الأخلاق ، بالمجمل يهزأ الإنسان من أخيه الإنسان ويعمل على سحق إرادته ، وإنحداره خاصة زميله فى العمل لتعلو قامته ، ويتبوأ مقعده ، فيكون النتيجه الدفع فى إتجاه إضعاف المكون المجتمعى ، وينعكس ذلك سلبا على الدوله من خلال تحطيم معنويات الناس ، وسحق إرادتهم ، ونشر الأكاذيب بينهم ، وتلك حالة نتيجتها مأساويه لأنها تهدر القيم ، وتقضى على المبادىء ، وتهمش الأخلاق ، حالة يتبناها الناس مع أنفسهم تأثرا بتنامى الصراعات ، وتزكية الخلافات فيما بينهم ، حاله لاعلاقة للحكومه وأجهزتها بها إلا التفاعل مع تداعياتها بعد أن باتت خطيره ، لأنها صراع مجتمعى مجتمعى ، صراع دامى الكاسب فيه خاسر .

بعيدا عن الشعارات .. ورصدا لواقع الحال .. مؤلم أن أقول الواقع مؤلم حتى قهر الألم الذات ، الأخلاق تدنت حتى باتت فى الحضيض ، فكيف لنا أن نبنى وطنا على أشلاء الأخلاق .. السلوك أصبح يتحكم فيه العدوانيه ، والشلليه ، والمنافع الشخصيه ، فكيف إذن نعلى قيم الحق ، والخير ، والجمال الذى ننشده فى كل مجريات حياتنا .. المؤامرات تحاك بين الناس بعضهم البعض تأثرا بالصراع الإنتخابى ، فكيف لنا أن ننشد السمو ، والرقى ، والرفعه .. القهر أصبح نبراس وجود ، وبات من يقهر أخاه محل خشية وإعتبار ، وماندركه من بلطجه وإعتداءات بالسنج والمطاوى إلا خير شاهد ، ويحسب لوزارة الداخليه وقادتها المحترمين الإستجابه الفوريه لكل مايتم طرحه من بلطجه وتفعيل القانون معهم وردعهم ، الأمر الذى معه أصبحنا نلمس إنحصارا للجريمه ، بعد سحق المجرمين ، والقضاء على دولة البلطجيه قبل أن يكون لهم دستورا ونظم وقاده وتشكيلات فى كل ربوع الوطن .

لكل العقلاء .. والمخلصين ، والوطنيين ، وأصحاب الفكر ، ومن لديهم رؤيه ، ومن يعشقون هذا الوطن الغالى ، كفى أحلاما ورديه ، كفى شعارات لولبيه ، كفى أمانى مستحيله ، الآن لابد وأن نتحدث حديث الصدق والصراحه والوضوح لعلنا ننقذ مايمكن إنقاذه ، خاصة بعد أن أصبح واقعنا مرير مرارة العلقم ، يتعين أن نسمع بعض ، ونقترب من بعض ، ونعظم الفضائل ، ونسحق المساخر ، لعلنا نستطيع إعادة ماإندحر من ثوابتنا المجتمعيه الأصيله ، وهذا ضرورى لأننى أتحدث عن مجتمع يتعرض لزلزال أخلاقى ، وإنهزام مجتمعى قد يعصف به عن آخره ، أنا أتحدث عن أمه مهدده بالفناء على أيدى أبنائها ، أنا أدق ناقوس الخطر لعلنا نصل إلى مخرج من هذا النفق المظلم الذى نقبع فى أعماقه .. أنا أشعر بالخجل وأنا أتحدث عن واقع مرير ، لوطن هو عشقى وعشق كل المخلصين ، وطن نتمنى له أن يكون فى عليين .

خلاصة القول .. المناخ العام كئيب فكيف له أن يكون حاضنه لتقدم ، ونبعا لإزدهار ، وحتى لايزايد أحدا على ماأطرحه ثقتى فى ربى بلا حدود أن ينجينا من هذا المأزق ، وأنه سبحانه سيلهم أصحاب القرار الرشد .. ثقتى فى الأجهزه المعنيه راسخه أنها قادره على سحق المجرمين العابثين .. ثقتى فى أن مصر عظيمه بحق ، وشعبها من خيرة الشعوب من ثوابتى فى الحياه ، لكن يبقى أن الأجهزه المشهود لها بالكفاءه والقوه ، يجب أن يكون التعاطى لها مع الجريمه والمجرمين بقوه أشد من ذلك بكثير ، بعد أن باتت مقدرات دولتنا العظيمه وممتلكات الناس مطمع للمجرمين .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .