بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

النائب أحمد قورة يكتب : السيسي في الاتحاد الأفريقي .. يزرع الأمل الممكن

النائب أحمد قورة
-

في لحظة أفريقية فارقة، وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي لا ليقرأ من ورقةٍ دبلوماسية تقليدية، بل ليُقدّم رؤية شاملة لقارة تبحث عن ذاتها وسط زحام الأزمات الدولية وتناقضات المصالح، مؤكدًا أن "أفريقيا التي نريدها ليست حلماً،عبارة بسيطة في صياغتها، لكنها ثقيلة في دلالتها السياسية والاقتصادية.

لقد جاءت كلمة السيسي في القمة التنسيقية السابعة للاتحاد الأفريقي، كرئيس للجنة التوجيهية لوكالة "النيباد"، بمثابة بيان حال القارة، وتشريح دقيق لمعضلاتها، لكن الأهم أنها طرحت طريقًا واقعيًا للعبور، ليس من باب الشكوى، بل من نافذة الحلول.

مصر لا تتحدث عن أفريقيا.. بل من داخلها

منذ سنوات، ومصر تعيد ترتيب أوراق حضورها داخل القارة السمراء، ليس عبر الاستعراض السياسي، بل بالعمل المؤسسي والتنموي، وهو ما أكده الرئيس السيسي عندما تحدث عن مشروعات تم تنفيذها، وصناديق تمويل قيد الإنشاء، ومبادرات تتنفس بالفعل داخل دول أفريقية، من الصحة والتعليم إلى التحول الرقمي والبنية التحتية.

اللافت في كلمة الرئيس السيسى اليوم الاحد أنها لم تكن كخطابات الزعماء التي تعج بالتفاؤل الساذج، بل كانت مشحونة بالوقائع، مُدعّمة بالأرقام، واضحة في مرجعياتها، فحين تتحدث عن سد الفجوة التمويلية للقارة، وتطالب بتفعيل صندوق تنمية أفريقي، فأنت لا تُجمل الواقع، بل تعترف به لتغيّره.

القارة ليست فقيرة.. بل مُنهكة بالتبعية

رسالة مصر التي حملها السيسي إلى القادة الأفارقة كانت واضحة، أن القارة التي عانت طويلاً من الاستغلال، لا يمكن أن تتحرر اقتصاديًا إن ظلت تنتظر الفُتات من طاولات الدول الغنية - علينا والكلام هنا بمعناه لا بنصه – أن نمتلك أدوات تمويلنا، أن نُنتج، ونتبادل، ونزرع، ونصنع، ولا نكتفي بلعب دور المستهلك الأبدي.

كلمة السيسي هنا لم تكن مجرد عرض للإنجازات، بل كانت تقريعًا ناعمًا لحالة التردد التي تعاني منها المؤسسات الأفريقية، ودعوة لإقرار أدوات صنع القرار الاقتصادي الحقيقي، وعلى رأسها ذلك الصندوق التنموي الذي دعا السيسي لاستكمال دراسته وإطلاقه دون تأجيل.

بين الحلم والتطبيق.. هناك مصر

أكثر ما يميز الموقف المصري من قضايا أفريقيا أنه لا يقوم على خطاب العاطفة أو الشعارات، بل على مقاربة واقعية تقوم على ثلاثية واضحة هى بناء القدرات البشرية (من خلال مبادرات التعليم والصحة)، تأسيس البنية التحتية (بشراكات إقليمية ذكية)،والتفاعل مع التحديات العالمية (مثل تغير المناخ، والتحول الرقمي، والفقر متعدد الأبعاد).

حين تتحدث مصر عن "أجندة أفريقيا 2063"، فهي لا تعني بذلك خطة بعيدة الأجل فقط، بل تعتبرها التزامًا حاضرًا في كل مشروع ومبادرة، وهو ما كشف عنه الرئيس حين أعلن عن مبادرات تم تمويلها بالفعل، كمبادرة المنحة السكانية ومشروعات المهارات الأفريقية.

السيسي لا يبيع الوهم.. بل يزرع الأمل الممكن

في زمن تهرب فيه الدول من الالتزامات تحت غطاء "الظروف العالمية"، تخرج مصر – على لسان رئيسها – لتقول: نعم هناك أزمات، لكن هناك أيضًا فرص، نعم نعيش تحديات، لكننا نملك من الموارد والعقول والطاقات ما يجعلنا نتحول من قارة منكوبة إلى قارة منتجة.

الرئيس السيسي لم يغازل الحضور، بل حمّلهم مسؤولية جماعية، حين قال: "دعونا نستغل اجتماعنا اليوم لتجديد الالتزام بأجندتنا الأفريقية، ولدعم أنشطة النيباد، لتتجدد معها آمال شعوبنا"،إنها دعوة للتكاتف لا للتعاطف، للعمل لا للانتظار، وهي أهم ما تحتاجه أفريقيا في اللحظة الراهنة.

من القاهرة إلى العواصم الأفريقية.. صوتٌ واحد

كلمة السيسي أعادت التأكيد أن مصر لا ترى نفسها خارج أفريقيا، ولا فوقها، بل في قلبها وداخل شريانها التنموي،ولهذا السبب، لم تكن الكلمة مجرد واجب دبلوماسي، بل كانت وثيقة سياسية – تنموية، تقول بلغة رصينة: إن أفريقيا حين تتكلم بصدق، فإن صوتها مسموع، وحين تتحرك بإرادة، فلا حدود لأحلامها.