بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب :حين يتكلم جبالي... تسقط أقنعة المتباكين باسم ”الغلابة”

الكاتب الصحفي صالح شلبي
-

مع بداية مناقشة مجلس النواب لقانون الإيجارات القديمة يوم الاثنين المقبل، تعود بعض الأصوات النشاز إلى المشهد، تلك التي لا تجيد سوى دغدغة مشاعر المواطنين، مستخدمة شعارات بالية منزوعة الدسم، مثل "الاستقرار الاجتماعي" و"حماية الفقراء وأصحاب المعاشات"، وكأن الملاك ليسوا من الفقراء، وكأن الورثة لا يستحقون العدل، وكأن العدالة تُصنع بالشعارات لا بالقوانين والدساتير.

جبالي... صوت القانون في وجه المتاجرين

لكن قبل أن تبدأ المزايدات الرخيصة على منصة البرلمان، وقبل أن تتسابق بعض الوجوه المعروفة إلى كاميرات الفضائيات لتصدير صورة كاذبة عن "الظلم المنتظر"، فإننا ننتظر من المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أن يخرج عن حياده الدستوري ليضع النقاط فوق الحروف، ويوضح — بصفته الأسطورة القانونية، والعالم الدستوري الذي يعرفه القاصي والداني — الحقيقة المجردة: أن قوانين الإيجارات القديمة ما هي إلا اعتداء صريح على الدستور، ووصمة عار تشريعية امتدت لعقود على جبين العدالة.

ننتظرة داخل القاعة بين مقاعد النواب

أنا على يقين تام، بل أراهن على أن الفقيه الدستوري الكبير، والعالم الجليل، المستشار الدكتور حنفي جبالي، لو ترك منصة رئاسة المجلس ونزل إلى القاعة ليدلي برأيه في هذا التشريع، الذي ينتظره ملايين المصريين، فسوف يحسم الجدل ويخرص ألسنة دعاة الشعارات الرنانة والمزايدات المعتادة داخل البرلمان من بعض النواب المعروفين بإحداث فتنة وهدم دولة القانون .

ولذلك، فإن الدعوة مخلصة وصادقة، نرجو من سيادة المستشار الجبالي – وهو صاحب البصمة الدستورية التي لا تُخطئ – أن يتدخل، وأن يستخدم علمه وخبرته وقيمته الدستورية ليقول كلمته في هذا القانون، خاصة أنه سبق وأكد أكثر من مرة حرصه الكامل على تحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين.

اليوم، دولة القانون واحترام أحكام المحكمة الدستورية العليا باتت في يد المستشار الدكتور حنفي جبالي. فإما أن ننتصر للدستور والعدالة، أو نترك الساحة للشعارات والصخب وندفع جميعًا الثمن لاحقًا.
المالك الذي تحوّل إلى مظلوم يُساوَم

جبالي، الذي تولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا، كان شاهدًا وقاضيًا في المعركة القانونية التي أنصفت الملاك بعد عقود من الظلم، وهو وحده القادر — بثقة العالم وبصيرة القاضي — على تفنيد المزاعم والشعارات التي يُراد بها باطل، وكشف كيف أن بعض النواب، ممن تخصصوا في التمثيل الخطابي، يحاولون تصوير المالك وكأنه جشع بلا قلب، رغم أن المالك نفسه — في كثير من الحالات — صار عالة على ورثته، يُساوم على حقه في السكن أو يُعرض عليه رشوة مقننة بمئات الآلاف من الجنيهات ليترك وحدته، بعدما أمضى عمره في قهر.

جبالى أسطورة قانونية عربية

نعم، إننا نطالب — بل نصرُّ — على أن يتحدث جبالي في أولى جلسات المناقشة، لا بصفته رئيسًا للبرلمان فقط، بل بصفته أحد عظماء الفقه الدستوري في الوطن العربي، رجل بحجم مكتبة قانونية متنقلة، أفنى عمره في دراسة نصوص العدالة، واعتلى أرفع منصات القضاء ليقول كلمته في الزمن الصعب، دون أن يهتز أو ينحني.

رجل يقرأه القضاة في المغرب ويستشهد به الخليجيون

جبالي ليس مجرد مسؤول، بل أيقونة قانونية، وأحد صُنّاع المدرسة القضائية الدستورية في العالم العربي، يعرفه القضاة في المغرب كما يعرفه فقهاء الجزائر، ويستشهد بأحكامه كبار فقهاء القانون في الخليج ومشارق الأمة ومغاربها. وها هو الآن، مطالب من الأمة التشريعية أن يُسمع صوته، ويوثق موقفه، قبل أن تُخدر العقول مجددًا بأغاني "الغلابة" و"الاستقرار"، وكأن الاستقرار لا يحتاج عدلًا، وكأن العدل لا يعرف إلا طريقًا واحدًا.

أرقام تكشف فداحة الظلم

أليس من العدل أن يحصل المالك على قيمة إيجارية عادلة تتناسب مع أسعار 2025؟ أليس من الظلم أن تكون هناك شقق إيجارها الشهري 5 جنيهات بينما سعر متر الأرض قد تجاوز عشرات الآلاف؟! وهل هناك دولة واحدة في العالم، ما زالت فيها عقود إيجار ممتدة لثلاثة أجيال إلا نحن؟!

هذه ليست معركة قانون فقط... بل معركة وعي

نقولها بوضوح: هذه ليست معركة قانون، بل معركة وعي. معركة بين من يؤمن بالدستور والعدل والكرامة، وبين من اعتاد ركوب الأمواج بالشعارات. وبين هؤلاء يقف جبالي، عملاقًا كما عهدناه، لا ينحاز إلا للحقيقة، ولا يُجيد إلا الإنصاف.

لمن يختار طريق الدستور فقط

نقول إذا كان بعض النواب قد اختاروا طريق العاطفة المزيفة، فإن الوطن بحاجة إلى من يختار طريق الدستور، وإذا كان البعض قد اعتاد بيع الكلام على الأرصفة، فإن مصر ما زالت تملك رجالًا من طرازالمستشار الدكتور حنفي جبالي، ممن يصنعون التاريخ بالحق، ويكتبونه بالعدل.