الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : ترامب يشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة

أيُّ كابوس هذا الذي حلّ بالعالم حين عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض رئيسًا، لا ليصلح ما أفسده، بل ليقود البشرية من جديد نحو حافة الهاوية؟! تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي تكشف عن وجه قبيح لحاكم لا يرى في السياسة سوى لغة الغطرسة والابتزاز النووي، ولا يضع في حسبانه سوى حسابات انتخابية على جثث الأبرياء وخراب الدول.
فها هو ترامب، رئيس أقوى دولة في العالم، يعلن بفجاجة أنه كان على علم مُسبق بالضربة الإسرائيلية لإيران، مُلمحًا لتواطؤ أمريكي مفضوح في تصعيد دموي غير محسوب، والأخطر من ذلك، تصريحه الوقح بأن الهجوم لم يكن مفاجئًا، بل متوقعًا ضمن سيناريوهاته العدوانية، وكأن الشرق الأوسط مسرح عمليات خاص به، يُديره من مكتبه في واشنطن كما يُدير صفقاته التجارية المشبوهة.
رئيس دولة أم زعيم عصابة؟
من يقرأ تصريحات ترامب وهو يتوعد إيران بـ"قصف غير مسبوق"، ويدعوها إلى "استسلام غير مشروط"، يشعر أنه لا يتحدث عن سياسة دولية، بل عن حرب شوارع، يلوّح فيها بالحرق والسحق، ويُراهن على الدم والدمار كوسيلة ضغط دبلوماسي. أيُّ تهور هذا؟! وأيُّ جنون رسمي يدير به رئيس دولة العالم الأولى ملفات الشرق الأوسط؟!
ترامب ليس مجرد خطر على إيران.. بل على العالم بأسره
حين يخرج على الملأ ليقول إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي"، وإنه "سيدافع عن إسرائيل بكل ما يملك"، فهذه ليست مجرد تصريحات سياسية، بل إعلان صريح باستعداد الولايات المتحدة للانخراط في حرب شاملة – حرب قد تمتد من طهران إلى بيروت، ومن الخليج إلى المتوسط، ومن ثم إلى العواصم العالمية.
فهل نسي العالم مغامرات ترامب السابقة؟ هل نسي انسحابه من الاتفاق النووي، وتلويحه المستمر بالخيار العسكري، وتعامله مع القضايا الدولية بمنطق الصفقات؟!
الآن، وهو على رأس السلطة مجددًا، أصبح أكثر خطورة، وأكثر جنونًا، وأكثر تعطشًا لتحقيق نصر خارجي سريع يعيد به مجده الزائف قبل الانتخابات القادمة.
"أنقذوا ما تبقى من الإمبراطورية الفارسية".. هل هذا خطاب رئيس؟
عندما يتحدث ترامب عن إيران مستخدمًا لغة استعمارية عدوانية، ويقول إنها "يجب أن تبرم اتفاقًا قبل أن لا يبقى شيء"، فهو لا يهدد دولة فقط، بل يُهدد حضارة، وشعبًا، واستقرار منطقة بأكملها. إنه يختزل التاريخ والجغرافيا والسيادة في جملة مغرورة تُشبه تغريداته المريضة، ويتناسى أن الشعوب ليست أدوات في يده، ولا خرائط يخططها بقلمه على المائدة.
"لنجعل الشرق الأوسط عظيمًا من جديد".. لا، بل أنقذوه من جنون ترامب!
ما هذا الشعار الساخر الذي يروّجه ترامب؟! هل يتحول الشرق الأوسط إلى حقل تجارب لكل رئيس أمريكي يريد أن يثبت عضلاته؟! وهل العظمة تُستعاد بالحروب والمجازر، أم بالدبلوماسية والعدالة والتفاهم؟
ترامب اليوم لا يسير بالعالم نحو السلام، بل يدفعه دفعًا نحو محرقة عالمية ثالثة، ستأكل الأخضر واليابس، ولن تبقي من الحضارات إلا الرماد، إنه الخطر الحقيقي على الإنسانية، والعدو الأول للاستقرار الدولي.
أيها العرب.. إلى متى الصمت؟!
أيها العرب، ماذا تنتظرون بعد أن تبيّن لكم أن أمريكا وإسرائيل ليستا سوى وجهين لعملة واحدة؟! بلدٌ واحد بفكرٍ واحد، يحكمه منطق السطو، وهدفه اغتيال سيادة الدول، وإذلال الشعوب، وممارسة الابتزاز والبلطجة بأشكالها السياسية والعسكرية والاقتصادية.
لقد سقطت الأقنعة، وظهرت الحقيقة ناصعة: لا سلام مع من يرى فينا فرائس، ولا تحالف مع من يتغذى على دماء الأبرياء ويقتات على تفتيت أوطاننا.
فابتعدوا عن أمريكا.
نقولها بوضوح: ابتعدوا عن أمريكا، ولا تجعلوها مرجعًا لمواقفكم أو شريكًا في مستقبلكم، مدّوا أيديكم نحو الشرق حيث روسيا والصين، قوى صاعدة قد تمنح توازنًا لهذا الجنون العالمي الأمريكي الذي يقوده رئيس مهووس، أوقفوا كل أشكال العلاقات مع من يدعم الاحتلال والعدوان، فقد آن الأوان للاستفاقة!
تذكروا قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، تذكروا أن الاتحاد قوة، وأن الاستسلام للتبعية الغربية لن يجلب لنا سوى العار والدمار والعبودية، فلنوحد الصفوف، ولنعيد رسم طريقنا بأيدينا لا بأوامر قادمة من البيت الأبيض، حيث يُصاغ الدمار وتُوزع خرائط الفوضى بدمٍ بارد.