بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

مواقع وهمية وعمالة متخصصة.. قراءة فى أزمة إغلاق بيوت الثقافة

قصور الثقافة
شاهيناز عبد الكريم -

طفت على السطح مؤخرًا أزمة جديدة هزّت الوسط الثقافي المصري، وذلك بعد قرار إغلاق عدد من بيوت الثقافة في بعض المحافظات، ما تسبب في موجة كبيرة من الغضب، بدعوى افتقار الثقافة إلى مواقع بديلة تكون مصدرًا لنشر الوعي والتثقيف وتحقيق العدالة الثقافية المنشودة، خاصة في ظل قلة المواقع الثقافية في المحافظات التي تحتاج أساسًا إلى التوسع في هذه المنشآت لمعالجة الأمية الثقافية التي يعاني منها الكثيرون.

لكن أزمة إغلاق بيوت الثقافة قد تكون أعمق من هذه النظرة السطحية، فهي ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكم سنوات من الإهمال، عانت خلالها هذه المواقع من غياب التطوير، سواء على مستوى البنية التحتية أو الإمكانات التكنولوجية، وصولًا إلى مستوى المكان نفسه.

العراقيل التي تواجه مواقع قصور الثقافة متعددة، لكنها تتمحور في الغالب حول قلة الاعتمادات المالية، وصعوبة الوصول إلى الجمهور، وعدم ملاءمة المنتج الثقافي للواقع الحالي، بما لا يكفي لجذب المواطن أو التأثير فيه، وبالنظر إلى المواقع التي أُغلِقت مؤخرًا، فقد زادت تلك العراقيل بسبب غياب العمالة المتخصصة، وعدم توفر مبانٍ مستقلة لممارسة الأنشطة الثقافية، إذ تكتفي بعض المواقع بحجرات أو شقق مستأجرة لمجرد مزاولة النشاط، وفي الغالب يكون غير مؤثر.

هذه العراقيل كانت محلّ ذكر من وزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ في يناير الماضي، حيث أكد أن أبرز التحديات التي تواجه المواقع الثقافية التابعة للوزارة تتمثل في نقص العمالة المتخصصة، بالإضافة إلى وجود عجز في الكوادر البشرية المؤهلة لتشغيل المشروعات الثقافية والفنية بكفاءة وفعالية، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة. كما أشار إلى وجود قيود تتعلق بالمساحات والمواقع، إذ أن العديد من المكتبات وبيوت الثقافة عبارة عن شقق مستأجرة ذات مساحات محدودة، ما يعيق تنظيم الأنشطة واستقبال الجمهور.

وبالطبع، فإن إغلاق تلك المواقع ليس حلًا، ولكن الإبقاء عليها دون أنشطة حقيقية، أو دون توافر إمكانيات فعلية لإقامة أي نشاط على أرض الواقع، ليس حلًا أيضًا، ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى إيجاد حلول فعالة، عبر سنّ قوانين جديدة تتماشى مع مستجدات العصر وتطور احتياجات المواطن الثقافية، بما يدعم جهود تطوير الهيئة العامة لقصور الثقافة وتمكينها من أداء دورها على النحو الأمثل.

كذلك، فإن هذه المواقع تحتاج إلى تنفيذ استراتيجية جديدة، ويُفترض أن وزارة الثقافة، حسب تأكيدات الوزير خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ أيضا، قد شرعت في تطبيقها، من خلال وضع رؤى شاملة تهدف إلى تعظيم دور الهيئة العامة لقصور الثقافة وتحقيق أقصى استفادة من إمكانياتها. وقد شُكّلت لجنة عليا تضم نخبة من المتخصصين في مجالات الثقافة والاقتصاد والتنمية المجتمعية، وقدّمت هذه اللجنة عددًا من المقترحات والتوصيات لتطوير أداء الهيئة.