بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفي محمود نفادي يكتب : حقيبة ياسمين صبري

الكاتب الصحفي محمود نفادي
-

لم اتعجب، مثلي مثل ملايين العرب والمسلمين، وانا اقرأ خبرا عن ياسمين صبري الفنانة المصرية، تحت عنوان "ياسمين صبرى تثير الجدل بحقيبه قيمتها 5 ملايين جنيه."
والحقيبة التي حملتها ياسمين، وكانت على متن طائرة خاصة بها، من العلامة الفرنسية الفاخرة "هيرمس"، باللون الاخضر وقيمتها الحقيقية 75 الف دولار، وهو ما يعادل 5 ملايين جنيه مصري.
وشركه "هيرمس" من الشركات الفرنسية العريقة التي تأسست عام 1837، وهي ومتخصصة في صناعة المنتجات الفاخرة (جدا).
وفي نفس الوقت، الذي كنت اتابع فيه الخبر عن حقيبة ياسمين، كانت الفضائيات العربية، مثل الجزيرة، والحدث اليوم، و"سكاى نيوز، بل والفضائيات الاجنبية، تنقل اخبارا وصورا دامية عن المعاناة التي تواجه الفلسطينيين في غزة، والاطفال وهم ينامون في العراء تحت الامطار والبرد القارس، وقذائف وصواريخ العدوان الاسرائيلي الغاشم عليهم، وهم لا يجدون البامبرز للاطفال الرضع واللبن لغيرهم من الاطفال، بل لا يجدون كسرة خبز يسدوا بها جوعهم.
وكنت اتخيل واتصور ان نجوم الفن في مصر والعالم العربي يفعلون مثل ما فعل نجوم الفن في هوليود دعما لاسرائيل عندما وقع 700 فنان امريكي وبريطاني وفرنسي وثيقة لدعم العدوان الاسرائيلي على غزة، وارسلوا التبرعات الى اسر الاسرائيليين الذين ماتوا في "طوفان الاقصى"، والآخرين الذين تم اسرهم بواسطة المقاومة الاسلامية "حماس".
فالست ياسمين، او ياسمين صبري، لان كلمة "الست" كانت تطلق على الست ام كلثوم، والكل يعلم ماذا قدمت ام كلثوم للفن المصري والعربي، وايضا ماذا قدمت من تبرعات للمجهود الحربي المصري عقب حرب 1967 خلال جولات خارجية قامت بها وأحيائها عددا من الحفلات التي تبرعت بعائدها من أجل إعادة بناء الجيش المصري واستعادة الأرض التي سطت عليها اسرائيل في الخامس من يونيو.
ولكن ياسمين صبري، ظهرت وهي تحمل حقيبة "هيرمس"الفرنسية تتزين وتفتخر بها، وهي لا تتوانى عن انتهاز أي فرصة لتستعرض فيها جمالها، بالطبع، وفساتينها واكسسواراتها "المليونية"، دون مراعاة حتى لأخواتها من المصريات اللاتي يعانين أشد المعاناة من أجل تدبير معيشتهن وتوفير اللوازم الأساسة لأفراد أسرهن في ظل الغلاء الطاحن الذي نشهده جميعا، ولم يفلت منه أحد.
وبدلا من ان تعلن ياسمين صبري بثمن حقيبة "هيرميس" لاطفال غزة لشراء البان لهم او حتى للاطفال الرضع، نجدها تظهر في الطائرة الخاصة بها، وهي تحمل هذه الحقيبة التي لا بد وأنها استفزت الملايين من المتابعين والمتابعات لرحلتها الميمونة بطائرة تكلف ملايين الجنيهات لتتحرك فقط على أرض المطار، فما بالك بتكلفة طيرانها التي تكفي آلاف الأسر وأطفالها لأيام طوال.
واذا كان من حق ياسمين صبري ان تحمل حقيبة سعرها 5 ملايين جنيه، فان من حق الشعب الفلسطيني المكلوم في غزة، وخاصة الاطفال ان يسألونها: ماذا قدمتِ لنا من تبرعات تنقذنا من المعاناة الانسانية التي نواجهها على ارض غزة؟!
فهنيئا لياسمين صبري بحقيبتها، و"هنيئا لشهداء فلسطين الذين اختارهم الله ليكونوا احياء عند ربهم يرزقون، ولأطفال غزة، الذين نقول لهم: "ان الله لن يترككم، ولن يتخلى عنكم."
وكما قال شاعرنا الراحل الكبير عبد الرحمن الأبنودي: "ولا بد من يوم معلوم تترد فيه المظالم.. أبيض على كل مظلوم.. أسود على كل ظالم."