طه حسين وشباب الثقافة.. علاقته بالأجيال التالية ولقاؤه التليفزيوني مع الكتّاب
لم يكن طه حسين منعزلا أبدا عن عالمه، فإن كان قد حرم نعمة البصر فقد تسلح الرجل بالبصيرة، حتى أنه اعتبرها نوره الذى ينير له الطريق وقد أنار له ذلك النور طريقه نحو فكرة التواصل مع الكتاب الجدد وكذلك مع أبناء عصره، فلم يعتزل الحياة آخذا من كونه ضريرا سبيلا إلى العيش في عالم الفكر بل اهتم بلقاء الأدباء الشباب وحرص على التواصل معهم.
ومن ذلك اللقاء الشهير الذى جمعه بعدد من الكتاب ومنهم نجيب محفوظ وأنيس منصور ومحمود أمين العلم وكامل زهيرى وغيرهم من نخبة المثقفين والمفكرين الكبار، وخلال ذلك اللقاء الذي أذيع تليفزيونيا وما زال موجودا حتى الآن في مكتبة ماسبيرو وفيه وضح اطلاعه الكبير على الثقافة الغربية وعالم الروايات، فحين سأله نجيب محفوظ عن الكاتبين جان بول سارتر وألبير كامو قال إن فارقا بين الكاتبين هو أن الأول يكتب الكتابة الواقعية غير أن الثاني يميل إلى الكتابة الفلسفية واصفا ما يكتبه كامو بالثرثرة معبرا عن رأيه بشجاعة في كاتب فائز بجائزة نوبل لكن قيمة ما قاله هو فهمه العميق لطبيعة كتابة كل من الكاتبين معبرا عن انحيازه إلى كتابة سارتر الى رآها واقعية.
ودار حوار في اللقاء التليفزيونى الذى أدارته المذيعة ليلى رستم حول قضايا مهمة مثل اللغة العربية ومدى إمكانية استخدامها في الحياة وفى الأدب، وقد قال عميد الأدب العربى، موجها حديثه إلى الأديب الكبير الراحل يوسف السباعي: "لا تخف فلا أحد يستطيع أن يتهمك بالشيوعية، لا أنت ولا كثير من إخواننا الذين يتحدثون بالعامية الصرف، وأحيانا مزيج من العامية والفصحى، لأنك تكتب بمزج من لهجتين في أكثر الكتب".
وسأله كامل زهيري، عن مدى التباين بين اللهجتين فرد عليه طه حسين، قائلا إنها ليست مزيفة إطلاقا، لأن الفصحى هي الطريقة الوحيدة إلى تحقيق الوحدة بين الدول العربية.
وعن قضية الالتزام الأدبى قال إن الالتزام ليس معناه مناقضة الحرية ولكن معناه أن يكون التزام بالحرية والفكر السليم.
وقد سأله كامل زهيرى :أحسست أنكم تدافعون عن المذهب الديكارتى وأنكم إنما استخلصتهم هذا المنهج العقلى وطبقتم هذا المنجم في ميادين العديدة فما هي علاقتكم بهذا المنهج؟، وهنا قال طه حسين: علاقتى بهذا المذهب أننى قرأت كتب ديكارت ودرست فلسفة ديكارت مع خيرة أساتذة السوربون في وقت دراستى هناك ومن ثم فإننى بلا شك مقتنع بهدا المنهج.
وتابع قائلا: إن الإنسان يصيب ويخطئ حتى في اتباعه المناهج العقلية.
وسأل نجيب محفوظ عن القصة الفلسفية معبرا عن وجهة نظره في أن الرواية الفلسفية لا تنبض بنفس الحرارة التي تنبض بها الرواية الفلسفية.