بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

عبدالرحمن سمير يكتب ... مواقف من حياة الإمام !

الكاتب : عبدالرحمن سمير
الكاتب -

كان يوم الجمعة يوما مميزا لنا جميعا كبارا وصغارا رجالا ونساء شبابا وشيوخا خاصة بعد صلاة الجمعة حيث نلتف جميعا حول شاشة التلفزيون المصري( القناة الأولى) منتظرين الحديث الأسبوعى لفضيلة الإمام المحدث محمد متولي الشعراوي برنامج (الخواطر الإيمانية ). كان حديثه وتفسيره لآيات القرآن الكريم غاية في الروعة والإبداع والتميز ورغم صغرنا إلا أننا كنا نترك اللعب واللهو من أجل أن نستمتع بحديثه الشيق الذي يجذبنا .نجلس متلهفين لسماعه منصتين لكلماته البديعة وعباراته السهلة البسيطة .يحسب للشيخ الإمام أنه جعل تفسير القرآن الكريم سهلا وبسيطا يفهمه الجميع الكبير والصغير المتعلم والجاهل المثقف والأمى جميع طبقات وفئات الشعب تستطيع فهم كلامه وتستوعب عباراته .كان للشيخ حضور طاغ وكاريزما ربانية حيث يتواجد يختفى الجميع أمام حضوره وحين يتكلم ينصت الكل مقرين بعلمه و تفوقه وتميزه .كان للشيخ الشعراوي مواقف جليلة تكشف عن شخصيته التى تحب الحق ولا تخشى فى الله لومة لائم. من هذه المواقف الدالة على تلك الشخصية المتفردة عندما سافر الشيخ الكريم إلى المملكة العربية السعودية فى بعثة الأزهر هناك وكان ملكها وقتئذ الملك الراحل سعود بن عبدالعزيز وأراد الملك ومعه فتوى من الشيوخ في المملكة بجواز نقل مقام سيدنا إبراهيم (عليه السلام )من مكانه توسعة للحرم المكي وراحة للحجاج والمعتمرين . أى عالم آخر كان سكت ولا يتكلم خاصة بعد موافقة علماء وشيوخ المملكة لكنه وجد أن واجبه يحتم عليه أن يتكلم ولا يخشى العواقب التى تنتظره فيقوم بإرسال رساله إلى الملك سعود يشرح له الموقف الشرعي والفقهى بالأدلة والبراهين وأنه لايجوز نقل مقام سيدنا إبراهيم (عليه السلام) من مكانه .وصلت الرسالة إلى الملك سعود وجمع العلماء والشيوخ ووافقوا على الأدلة والأسانيد التى ساقها شيخنا الجليل وبقى المقام في مكانه.وبعد تلك الحادثة أصبح للشيخ مكانة خاصة فى المملكة حتى أنه دُعی لإلقاء خطبة يوم عرفه وهو الوحيد الذى نال هذا الشرف من خارج المملكة. قصة أخرى اختلف عليها المحبون للشيخ والحاقدون عليه وهى صلاة الشكر التى أعقبت نكسة يونيو سنة 1967 التى أوضح الإمام أنها صلاة تكون فى السراء والضراء وفى الرخاء والشدة وفى النعم والنقم والمحن والابتلاء. المحبون له يرون أنه كان على الشيخ أن لا يتحدث علنا عن هذه الصلاة وإذا أراد أن يصلها فكان عليه عدم الجهر بها.أما الكارهون له فقد أخذوا عليه كيف يصلى شكرا لله على هزيمة مصر وخسارة سيناء .وهذه القصة تنم على ما تجيش به شخصية الشيخ الشعراوي فهو محب للحق جرئ فى قوله لا يخاف الا الله مؤمنا بقناعاته مدافعا عنها حتى وإن أُخذت عليه .موقف اخر اختلف في تفسيره المحبون والمبغضون له وهو كلماته للرئيس الراحل حسنی مبارك بعد محاولة اغتياله في اديس ابابا سنة 1995 .هذه الكلمات كل ٌ فهمها حسب حبه وكرهه للشيخ وايضا حسب حبه وكرهه للرئيس مبارك.ومازالت تلك الكلمات يرددها المصريون حتى وقتنا هذا حيث قال للرئيس مبارك (إذا كنت قدرنا فليوفقك الله وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل) وكان يضع يده على كتف مبارك .البعض فسر كلمات الشيخ للرئيس مبارك أنها مجاملة لحكم مبارك في مصر والبعض الآخر رأى فيها دعاء للرئيس بالتوفيق خاصة بعد تلك الحادثة وخطر ذلك على مصر وقتها ..كان الشيخ الجليل أعجوبة عصره فى تفسيره لكتاب الله وقد أفاض الله عليه حتى أصبح لا ينافسه أحد فى هذا الميدان وظل الفارس الشجاع يدافع عن قضايا أمته العربية والإسلامية حتى ترجل عن فرسه وفاضت روحه إلى بارئها فى 17يونيو 1998 .رحم الله الشيخ الشعراوي ونفعنا الله بعلمه .