بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

مجدي سبلة يكتب .. ( اين المجتمع المدني )

الكاتب الصحفى مجدى سبلة
-

نعلم أن الدولة أعلت شأن المجتمع المدني والقطاع الاهلي العام المنصرم 2022 لدرجة تم إعلان بأنه عام المجتمع المدني.

رغم هذه المساحة التى منحتها الدوله للمجتمع المدني الا أننا نلاحظ عدم استغلال لتلك المساحة وجائت استجابة المجتمع المدنى بطيئة ولم يقم بدورة برغم حاجة الدولة لهذا الدور في هذه الظروف الاقتصادية الحالية على الأقل في مقاومة غلاء الأسعار وجشع التجار والإمساك بيد محدودى الدخل في مواجهة الغلاء أو المطالبة بحلول تساعد الحكومة في العبور من هذه الازمات ، وملاحظتى كذلك تأتي من إننى على الأقل لم الاحظ منذ عامين خلال ،أقامتى في بلدى دمياط أى نشاط للمجتمع المدني الدمياطى الا القليل منهم و الذى يتم سراً وهي عادة القادرين الدمايطه بالرغم من أنها محافظة تعج بالأحزاب والنواب والجمعيات الأهلية والكيانات المدنية التى لو تم تفعيلها لساعدت جناحا مهما للحكومة لتحقيق جزء مهم من الهدف القومي المصري الأسمى المقرر في الدستور،وهو مشاركة المجتمع المدني في كل القطاعات .
دور المجتمع المدني يتجسد في الأشكال والتنظيمات المختلفة والتي تقف جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة العامة، وما يقوم به الأفراد أو القطاع الخاص من نشاط اقتصادي واجتماعي. ومن هنا تكمن أهمية المجتمع المدني كأحد الأعمدة الثلاثة الرئيسة التي تشكل نهضة المجتمعات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص فتعميق دوره وإسهاماته وحل المشكلات المرتبطة به والمعوقات التي تواجهه، من شأنها أن تحقق نقلات نوعية على أرض الواقع، كون المجتمع المدنى أقرب للمواطن وأقدر على التعرف على احتياجاته ومشكلاته، ودعم شبكات الحماية الاجتماعية له وتوطيد روابطها بشكل مستدام وفعال، وهو ما أثبتته التجارب الدولية في العديد من الدول حيث نجد الدول التي تعمل بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني تكون استجابتها وسياساتها أكثر فعالية واكثر سرعة من غيرها.
ووفقا لما تضمنته «رؤية مصر ٢٠٣٠» وأصوات الأحزاب السياسية والمجتمع المدني المعبِّر عن جماعات وروابط مختلفة، جميعها ترفع شعار أن تكون مصر دولة متطورة في أداءها مع المواطن ومع ذلك فإنه وفقًا للواقع العملي وسلوكيات البشر والتناول الإعلامي وحتى في المسلسلات التلفزيونية وفي القصص اليومية نجد ذلك التوتر ما بين الهدف الأسمى ومنابع مختلفة لشرعية التعامل في الحياة السياسية والاجتماعية خاصة الحزبية والنقابية والعمالية .
الكيانات المدنية التي تجسد المجتمع المدني أمر لا غنى عنه للأخذ بيد المجتمعات إلى الأمام.
ويُعد المجتمع الصناعي أكثر قدرة بكثير من المجتمع الزراعي، وهو أكثر قدرة على إقامة مجتمع حضري يستند إلى تنظيمات وليس عائلات ممتدة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن التكنولوجيات الحديثة تصنع رقيًّا سريعًا، وتساعد في التعرف على المجتمعات والتقاليد الاخرى، بما يسهم في توسيع نطاق الاختيار إلى بدائل واختيارات لا حد لها وهنا لا تضيع الثقافة والهوية الوطنية، وإنما توسع ما لديها من أوعية للتعبير والانتشار في أشكال منتظمة ومستدامه .
وفي ضوء ما تتجه إليه المشروعات الاجتماعية، مثل مشروع «حياة كريمة» في مصر الان فرصة كبيرة، لأن الحياة المدنية تنتقل من فكرة «ترييف» المدن إلى وتحضر الريف المصرى .
صحيح المجتمع المدني يستمد قوته من جذوره الأوروبية حيث ينشط هناك لأنها تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي ظهر خلالها التمييز بين المجتمع المدني والدولة. وخلال التسعينيات من القرن الماضي سعى العديد من السياسيين لإيجاد حلول لعدد من المشكلات التي تواجه البلدان النامية، ووجدوا في المجتمع المدني نوعًا من العلاج الشافي. ومن ناحية أخرى، أصبح هذا المصطلح ركيزة للبحث الأكاديمي بشأن التحولات الديمقراطية، وجزءًا مألوفًا من خطاب المؤسسات العالمية والمنظمات غير الحكومية والحكومات الغربية، وأصبح الطابع الأيديولوجي والآثار السياسية لهذه الأفكار أكثر وضوحًا بمرور الوقت، وساعد هذا التفكير في استمرار المحاولات المختلفة لبدء المجتمعات المدنية من «أعلى» في بلدان إفريقية مختلفة، على سبيل المثال، وفي الوقت ذاته، عمل على إضفاء الشرعية على الأفكار الغربية حول أنواع الهياكل السياسية والنظم الاقتصادية المناسبة للدول النامية.
وخلقت التكنولوجيا والجغرافيا السياسية والأسواق فرصًا وضغوطًا حفزت إنشاء منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، وأدى ذلك إلى ظهور نماذج مثيرة لتعبير المواطنين عن آرائهم واحتياجاتهم، وولَّد مشاركة متزايدة في عمليات الحوكمة العالمية. وعلى الرغم من محدودية الموارد مقارنة بالقطاع الخاص والحكومة، فقد نما تمويل أنشطة المجتمع المدني بشكل كبير، وفتحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مساحات للقوة والتأثير والارتباط بتشكيلات جديدة؛ مما أدى إلى نمو كبير في نشاط المجتمع المدني من خلال الإنترنت، وتمكين الشبكات التي يمكن بناؤها عبر الانقسامات الجغرافية والاجتماعية والمادية. وتسمح هذه الشبكات لأعداد أكبر من المواطنين بالتجمع والتصدي الجماعي للتحديات المجتمعية. هذا وقد أصبحت مجموعات المجتمع المدني أكثر ذكاءً من الناحية التقنية، لأنها تستخدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي وأشكالها المختلفة، مثل الفيديو ، لزيادة الوعي بقضاياها، وتشجيع التبرعات الخيرية.
ومن هنا تغيَّرت تعريفات المجتمع المدني على أنه يشمل أكثر بكثير من مجرد «قطاع» يهيمن عليه مجتمع المنظمات غير الحكومية، وأصبح يشمل اليوم نطاقًا أوسع وأكثر حيوية من المجموعات المنظمة وغير المنظمة، وهناك فىة من المجتمع
يجربون أشكالًا تنظيمية جديدة، سواء عبر الإنترنت أو خارجه. وقد أصبح المجتمع المدني ظاهرة عالمية؛ حيث يعمل المجتمع المدني العالمي في سياق التنمية العالمية، ومواجهة الأخطار التي يتعرض لها كوكب الأرض، سواء في مواجهة الأوبئة، أو مجالات الإنقاذ والإغاثة، أو حشد الطاقات لمواجهة الاحتباس الحراري.
وتعمل المجتمعات المدنية الغربية جنبًا إلى جنب مع المجتمعات المدنية الشريكة عبر قارات العالم، وتشكل معها مجتمعًا مدنيًّا يعمل على نطاق عالمي يتجاوز الحدود الوطنية.
يتميز المجتمع المدني بعدد من الخصائص، مثل قدرة المنظمات على التعاون والعمل معًا والمشاركة، وبالتالي، يختلف جوهر المجتمع المدني عن القطاعين الرئيسين الآخرين في المجتمع، العام والخاص، كما أن المجتمع المدني قادر على التكيف مع آمال واحتياجات ورغبات المواطنين، بالإضافة إلى التغيرات في البيئة المحيطة. ويؤدي عدم وجود واجبات أو وقوع مسؤوليات رسمية على عاتق المجتمع المدني إلى تسهيل الإصلاحات، وتعزيز قدرته على الاستجابة.
وهناك مجالًا للإبداع والابتكارات الجديدة في ظل المجتمع المدني حيث تُقدَّم الأنشطة والخدمات المنتجة للأعضاء والعملاء في إطار روح غير ربحية، كما أن أحد الأركان الأيديولوجية المهمة للمجتمع المدني هو الطبيعة الخيرية لأنشطته،وهناك سمة خاصة أخرى ترتبط بالمجتمع المدني تتمثل في الجمع بين الأشخاص العاديين والمهنيين.
كما أن دور المجتمع المدني يشمل رفع مستوى الوعي بقضايا المجتمع وتحدياته، وبناء القدرات من خلال توفير التعليم والتدريب، وتقديم الخدمات لتلبية الاحتياجات المجتمعية، ومختلف أنواع القضايا، مثل: التعليم والصحة والغذاء والإسكان والرياضة ورعاية المسنين.
كان لمصر السبق في تكوين أولى الجمعيات الأهلية تاريخيًّا داخل المنطقة العربية منذ عام 1821، والتي عُرِفت وقتها بالجمعية اليونانية بالإسكندرية، وبعدها توالى تأسيس الجمعيات حتى بلغ عددها ما يقرب من 60 ألف جمعية عام 2023 وهو العدد الأكبر داخل الدول العربية. ورغم هذا العدد الكبير من الجمعيات لكن العديد منها يكاد يفتقر إلى الحضور على أرض الواقع، أو غير مقنن، وهو ما دفع الدولة إلى التفرقة بين الجمعيات الأهلية النشطة والجمعيات الأهلية غير النشطة التي تُقدَّر بنصف هذا العدد وبالرغم من عراقة التجربة وعمقها، فإن المجتمع المدني
لا يلعب الدور المنوط به تأديته بشكل فعال ومستدام، فلا يوجد رقم محدد لإسهام قطاع المجتمع المدني في الدخل القومي أو الناتج المحلى الإجمالي. ورغم أن العديد من التقارير الدولية أشارت إلى أن هناك دلائل على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للقطاع الأهلي في مصر وغيرها من الدول النامية، فإنه «للأسف لا يتوافر تراكم معلوماتي وبيانات لها مصداقية تمكننا من تحديد هذا الإسهام» ووفقا لما ذكره الخبراء في العشرة سنوات الأخير عن «قياس الإسهام الاقتصادي والاجتماعي للمنظمات الأهلية للمجتمع .

كاتب المقال الكاتب الصحفى مجدى سبلة رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق