بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

دكتـورة رانــدا ابـراهيــم تكتب : واقع السياسات التعليمية في ألمانيا ومدى استفادة مصر من هذه التجربة

دكتـورة  رانــدا ابـراهيــم
-

العلم نور يضيء طريق الأمم نحو التقدم والرقي فهي حقيقة يعلمها الجميع ، فالدول المتقدمة في العالم كله لم تصل إلي ما وصلت إليه إلا عن طريق الاهتمام بالتعليم ، وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة له فالدولة لم تنمو اقتصادياً بدون تعليم جيد وان التعليم هو سبب نجاح التجربة الألمانية حيث توفر الحكومة الألمانية جزء من ميزانيتها على التعليم في تمويل التعليم التّقني والفني الذي يُعتبر عصب المانيا وقامت الحكومة بعمل نظام يمكِن الطلاب من التدريب العملي على أرض الواقع وهو أن تقوم الشركات المُتعاقدة مع الجهات المحلية على تمويل التدريبات في المواقع، وتقوم الحكومة أو الجهات المحلية بتمويل التعليم المدرسي، ويُعتبر أكثر من 70% من الطلاب الذين يدرسون في تلك المدارس يستخدمون تلك الطريقة ، وهناك شيء واحد فقط هو السيء في الموضوع ألا وهو أن هذا النظام يعتمد على اقتصاد البلد بحيث إذا انهار اقتصاد البلد ينهار ذلك النظام الذي تم تسميته بالنظام الثُنائي.

بالإضافة إلي أن التعليم التّقني هو الذي يشغل حوالي 75% من إجمالي التعليم في ألمانيا، فقوة إقتصاد المانيا نابع من الإهتمام الدائم بذلك التعليم. والرائع في الموضوع أن المانيا تعمل على تعليم طُلابها الحرف والتدريب الواقعي لسوق العمل بداية من الثانوية، وبذلك يترعرع الطالب في خلال 5-6 سنوات عنده قدرة على إدارة مشروعه الخاص، والعمل في وظائف مهنية تهدُف في الأساس لتطوير إقتصاد ألمانيا

المدراس أو المعاهد المهنية والتقنية في المانيا
1) المدرسة المهنية :

أهم ما يُميز تلك المدرسة هو وجود شيء رائع للغاية ألا وهو أن الطلاب بداخلها يستطيعون إختيار الحرفة المُناسبة لهم، التي يجدونها ملائمة لهم، و يمكثون في تلك المدرسة حوالي 9/11
ساعة اسبوعيا و ما يتعلمه التلاميذ في تلك المدرسة، نجد ميزة هنا أيضاً رائعة وهي أنه لا يقتصر تعليمهم فيها على الحرفة التي قاموا باختيارها مُسبقاً فقط، بل أنهم يتعلمون فيها اللغة الألمانية والتعاليم الدينية ، ويمارسون الرياضة لتقوية أبدانهم وأجسامهم. ويقوم الطلاب بدراسة تلك المواد التي سبق لنا ذكرها بجانب حرفتهم مرة واحدة في الأسبوع وبعد وصول الطالب بسن الثامنة عشر من عمره يتخرج من تلك المدرسة ويحصل على شهادة تُفيد بأنه قد انهى تعليمه بها، ومن هنا يمكنه أن يبدأ العمل كمهني مُتخصص في الحرفة التي تعلمها، وذلك بالطبع بعد أداء الإمتحان النهائي بعد نهاية التدريب.
2) المدرسة المهنية العليا في ألمانيا:

هي تُعتبر في الأساس مدرسة تكميلية أو مُكملة للمدرسة المهنية، وذلك لأن الطُلاب الذين يتخرجوا منها يقومون بالإشراف على العمال في المصانع، وهذا بالتأكيد ليس يعني أنهم يدرسون الإدارة فقط !
بل أنهم يقومون بدراسة أشياء كثيرة كأعمال الخشب والمعادن والبناء ، وغيرها من المِهَن حتى يكونوا مؤهلين للإشراف على العُمال، ويستمر الطالب في تلك المدرسة قُرابة العامين.

3) المدرسة الفنية في ألمانيا :
وفي تلك المدرسة يؤهلون الطُلاب المُلتحقون بها ليلتحقوا فيما بعد بالكليات التقنية المُناسبة لمجالهم، حيث هي تُعتبر مدرسة اعداد وتمهيد للكلية التقنية.

» وتم تقوية العَلاقة بين مراكز البحوث والجامعات وبين القطاع الخاص ، وبث قنوات تليفزيونية وإذاعية حكومية ، وتخصيص 60% من برامجها لتعليم القراءة والكتابة ، ومحو الأمية الوظيفية والمعلوماتية من خلال الاهتمام بالتعليم الفنى إن نجاح السياسات التعليمية في ألمانيا أدى إلى تحقيق الاقتصاد تراكمًا كبيرًا من رأس المال البشري الذي هو عمود التنمية وجوهرها.

علاوة علي اهتمام الحكومة الألمانية بالتعليم الفني لإنه هو الطريق لاكتساب الخبرات العلمية اللازمة للحياة العملية وسوق العمل ، والتعليم الفني هو الذي يمد الدولة بخريجين متخصصين فى المجالات الفنية التي يحتاجها القطاع الصناعي والزراعي والتجاري.

والتعليم الفني يلعب دورا هاما في تنمية البلاد لذلك يجب ان يحظى بمزيد من الاهتمام للحصول على عمالة متعلمة ومدربة. وان رسالة التعليم الفني هي إعداد الفني المتطور المناسب والمطلوب لسوق العمل الداخلي والخارجي في المجالات التجارية والزراعية والصناعية والفندقية .
ويعتبر طالب التعليم الفني من أهم الآليات التي تساهم في مواجهة البطالة ، وتحقيق وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد.

- ماذا نستفيد في مصر من التجربة ألمانيا ؟

أن نجاح أي نظام تعليمي يعتمد بدرجة كبيرة على التخطيط المرتكز على تطوير الطاقات البشرية وترقية ملكاتهم الفكرية ومهاراتهم الذهنية وخبراتهم العملية ، فهي القوة المفكرة والمبدعة والمنتجة بهم يبدأ التطوير وإليهم ينتهي التنفيذ .ولعل ما حققته ألمانيا من نمو اقتصادي وصناعي و اجتماعي مطرد يعكس بوضوح مدى استثمارها للعنصر البشري وتطوير قدراته ومهاراته لاستيعاب التقنيات الحديثة وعدم الوقوع في فخ المعضلات المتعلقة بإفرازاتها السالبة .فأصبحت بحق من الدول المتقدمة تعليمياً حيث تميز نظامها التعليمي بالانفتاح على النظم التعليمية المتطورة فاستفادت من تجاربه ، ولم يقف الأمر عند ذلك ، بل تعداه إلى التطلع إلى جعل ألمانيا عاصمة معلوماتية .

ويجدر بالقائمين على التربية والتعليم الفني في مصر الوقوف على هذه التجربة والاستفادة منها خاصة وأنها تتناسب مع واقعنا الاقتصادي والثقافي والاجتماعي ، وما نتطلع للوصول إليه من تعليمنا .

ومما يجب الاستفادة منه في هذا المجال ما يأتي :

1- تطوير المناهج التعليمية للتوافق مع متطلبات الألفية الجديدة وليكن تطويراً متكاملاً بما تعنيه كلمة التطوير وليس تغييراً جزئياً أو شكلياً .

2- المعلم حجر الزاوية في العملية التعليمية ،ولذا يجب إعادة النظر في برامج إعداده وتدريبه في ضوء متطلبات المرحلة القادمة .

3- تشجيع البحث العلمي ودعم الباحثين والاستفادة من نتائج البحوث والدراسات الميدانية في تطوير العملية التعليمية بكل عناصرها .

4- توثيق العلاقة بين المؤسسات التعليمية والوسائل الإعلامية وتوظيفها والاستفادة من تقنياتها بما يحقق أهداف التربية .

5- دعوة القطاع الخاص للمساهمة في تمويل البرامج التعليمية والنشاطات المدرسية المختلفة.

6- العناية بالبيئة المدرسية بكل مقوماتها .

7- إعادة النظر في برامج النشاط المدرسي وأساليب تنفيذه في المدارس والاستفادة من التجارب الرائدة في هذا المجال.

* وختاماً:
الاستفادة من تجارب الآخرين:
وإذا أردت العلم اذهب إلى اليه لو حتي كان في الصين وكانت الاستفادة كبيرة فيما يتعلق بأخلاقيات العمل والتطور التقني والتميز في المجال الصناعي إلى أن أصبحت الدولة الصناعية الأولى في العالم هي التي اهتمت بالتعليم الفني فالدولة لم تنم اقتصادياً بدون تعليم جيد وان التعليم هو سبب نجاح التجربة.