بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

جماعة الدم ٦.. تحقيق حلم الوصول إلى حكم مصر يبدأ بإغتيال ” عبدالناصر ”

الكاتب الصحفي عبد الناصر محمد
محمود شاكر -

تواصل بوابة " الدولة الإخبارية " اليوم نشر حلقة جديدة من كتاب جماعة الدم للكاتب الصحفى عبد الناصر محمد والذى يتم عرضه حاليا على أرفف جناح دار المعارف وهو الكتاب الذى تم صدوره عن طريق الشركة العالمية للنشر والتوزيع برئاسة الكاتب الصحفى هشام جاد.


يقول عبد الناصر محمد فى كتابه أنه بعد أن نفذت مؤامرة حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ ظنت جماعه الإخوان أن حلم الجلوس على عرش مصر بات قريب المنال، وأن تنفيذ جريمة الحريق بهذا الإتقان سوف يجعل المستعمر البريطاني يرد الجميل، وينفذ وعده السابق وهو الإطاحة بالملك على أن تحل محله جماعة الإخوان غير مدركين أنهم مجرد دمية تباع و تشترى في يد أباطرة الاحتلال . مكثت الجماعة بضع شهور تنتظر القرار الانجليزي بالاستغناء عن خدمات الملك فاروق، وتمهيد الطريق للإخوان للوصول إلى سدة الحكم، ولكن كانت مفاجأة الجيش في فجر يوم الأربعاء ٢٣ يوليو، بالقيام بثورة أطاحت بالملك، ولكن ليس لمصلحة الإخوان ولكن لمصلحة الوطن.
وبدا منذ الوهلة الأولى أن جمال عبد الناصر هو الرجل الأول في هذه الثورة، رغم تولي محمد نجيب رئاسة الجمهورية فيما بعد ، و أدرك الإخوان أن حركة يوليو قد تكون خطوة جديدة في طريق الوصول إلى مقر الرئاسة، وذلك من خلال التقرب من هؤلاء العساكر والحصول أولا على نصيب كبير في الإدارة، في الوقت الذي كان فيه عبد الناصر يدرك تماما أساليبهم ، و لذلك رفض أي مطلب لهم، خاصة فيما تعلق بتولي وزارات هامة في حكومة الثورة. اشتعلت نيران الغضب في صدور الإخوان، ومارسوا دورهم التقليدي في أعمال التخريب والإرهاب؛ مما جعل الرئيس محمد نجيب يصدر قراراً بحل الجماعة في فبراير ١٩٥٤، وتم القبض كذلك على عدد كبير من عناصر الإخوان يتزعمهم المستشار حسن الهضيبي المرشد العام للجماعة.
وصل إلى يقين جميع قيادات الجماعة أن هذه القرارات التي أعلنها الرئيس محمد نجيب هي من صنع البكباشي جمال عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في نفس الوقت آنذاك ، وبعد عدة شهور تم إطلاق سراح جميع الإخوان والذين قرروا سرعة اتخاذ قرارات لبحث كيفية الصعود إلى عرش مصر، واستقر الأمر على ضرورة إزالة عبد الناصر من طريقهم وذلك عن طريق اغتياله. وكانت البداية بأن عقدت قيادات الجماعة برئاسة حسن الهضيبى، وبحضور يوسف طلعت المسئول عن التنظيم الخاص في هذه الفترة، وقد تم ضم الكاتب الماسوني سيد قطب، والذي أسندت إليه نقطة البداية للإطاحة بنظام العسكر - لاحظ بداية ترديد كلمة العسكر في ذلك الوقت - حيث يقوم سيد قطب بكتابة المقالات المحرضة ضد الثورة ورجالها ، فضلا عن التشكيك فيما يقوم به عبد الناصر من مفاوضات مع الإنجليز عن الجلاء، بل والأدهى أنهم كانت يرددون أن جلاء الإنجليز ليس في مصلحة مصر، وسوف يستغرق وقتا طويلا لتنفيذه ، كما أنه سوف تظل هناك قواعد عسكرية إنجليزية في منطقة القنال.
ورغم كل الشائعات التي يرددها الإخوان وكل اللقاءات السرية مع قيادات الاحتلال إلا أن عبد الناصر استطاع في ١٩ يوليو ١٩٥٤ توقيع اتفاقية الجلاء مع الإنجليز ، على أن يخرج آخر جندي بريطاني من مصر يوم ١٩ يونيو ١٩٥٦ ، ولا شك أن توقيع الاتفاقية نزل كالصاعقة فوق رأس الإخوان الذين قرروا سرعة العمل على تنفيذ جريمة اغتيال عبد الناصر في أقرب فرصة قبل أن تزداد شعبيته أكثر من هذا الحد.
مشهد آخر :
عقدت قيادات الإخوان لقاءات سرية مع جنرالات المستعمر البريطاني، حيث طالبوهم بعدم قبول فكرة الجلاء، وبالفعل أعطى الإنجليز وعدا للإخوان، أو تظاهروا بذلك، بعدم تنفيذ فكرة الجلاء إلى أن يتمكن الإخوان من السيطرة على البلاد، مؤكدين أهمية الإسراع في تنفيذ هذا المخطط، ووقع اختيار الجماعة المشبوهة علي المحامي هنداوي دوير ليكون قائدا لخلية اغتيال جمال عبد الناصر، وهو أحد قيادات التنظيم الخاص، ويعمل بمكتب القطب الإخواني الكبير المحامي عبد القادر عودة . بدوره اختار هنداوي دوير عنصر من العناصر البارزة في التنظيم الخاص، والذي يعد من أبرز القناصين في جيش الإخوان ، وهو محمود عبد اللطيف عضو التنظيم الخاص من خلية إمبابة، بالإضافة إلى محمد علي نصيرى من عناصر التنظيم الخاص بمحافظة الشرقية.
و في محاولة للتمويه و الخداع والتنصل من المسئولية تمت الاستعانة باثنين من خارج الجماعة ممن يكرهون جمال عبد الناصر، ويرفضون سياسته، للانضمام إلى خلية اغتيال جمال عبد الناصر، وهما خليفة عطوة، وأنور حافظ، وهما من محافظه الشرقية أيضا. قبل تنفيذ المهمة التقت فرقه الدم بالهضيبي فى فيلا حسن صبري بالإسكندرية، حيث كان يختبأ بها عقب عودته من خارج البلاد، فقد كان يخشى أن يتم القبض عليه، وحتى يكون بعيد عن الأنظار في حالة فشل محاوله اغتيال جمال عبد الناصر .
الجريمة :
خرجت الإسكندرية عن بكرة أبيها للاحتفال بالعيد الثاني للثورة، وللاحتفال أيضا بتوقيع معاهدة جلاء الإنجليز عن مصر، والتي وقعها جمال عبد الناصر يوم ١٩ يوليو ١٩٥٤ ، وفي تمام الساعة السابعة من مساء هذا اليوم، وفي ميدان المنشية، وأمام أكثر من ٢٥٠ ألف مواطن بدأ رجال الثورة مراسم الاحتفال وسط هذه الحشود المؤيدة لثورة يوليو ورجالها الأحرار . وفي نفس التوقيت ارتدى كل من خليفة عطوة و أنور حافظ ملابس الحرس الوطني، وصعدا أعلى المنصة، وحضر محمود عبد اللطيف و كان بحوزته مسدس من نوع " برواننج " ألماني ، و ارتدى محمد علي نصيري حزاماً ناسفاً ، و في تمام الساعة السابعة وخمسون دقيقة، وأثناء خطاب عبد الناصر أمام الجماهير الحاشدة قام محمود عبد اللطيف بتوجيه ٨ رصاصات نحو جمال عبد الناصر ورجال الثورة و ضيوف الاحتفال، ولكن العناية الإلهية أنقذت جمال عبد الناصر، والذي لم يصب بأي أذى، وقد تم القبض علي أعضاء هذه الخلية المشبوهة بالكامل .
جرائم أخرى :

لم تكن حادثة المنشية هي الوحيدة التي حاول فيها الإخوان اغتيال عبد الناصر، فقد كانت هناك وقائع عديدة، فقد ذكرت زينب الغزالي أحد أبرز جيل الأوائل في هذه الجماعة، أن الإخوان حاولوا اغتيال عبد الناصر حوالي ١٩ مرة ، وكان أبرزها بعد حادث المنشية محاولة اغتياله من خلال أحد العناصر الإخوانية بالحرس الجمهوري، وهو من يدعى إسماعيل الفيومي الذي كان مسئولا عن برج المراقبة بالحرس الجمهوري، وكان ينوي قنص الزعيم عبد الناصر لولا ضبطه في إطار خلية كبرى كانت تنوى أيضا تفجير القناطر الخيرية، ومحطات السكك الحديدية، والعديد من المنشئات العامة، وذلك عام ١٩٦٥ ولكن العناية الإلهية واصلت حمايتها لمصر وزعيمها.