بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمد المصرى يكشف : كواليس استشهاد“ الفريق بدوى “و13 ضابطاً من أبطال حرب أكتوبر

-

من أهم الاستجوابات التى شهدتها قاعة مجلس الشعب فى تسعينيات القرن الماضى استجواب النائب الوفدى علوى حافظ عن طهارة حكم الرئيس مبارك فى مارس 1990 .. و كشف فيه عن تربح صديق مبارك «حسين سالم» من عمليات نقل شحنات السلاح الأمريكى لمصر.. وأنه قدم فواتير مزورة لوزارة الدفاع الأمريكية بعد أن تربح هو وعصابته 73 مليون دولار من دم الشعب المصرى.. دفعوا منها 3 ملايين دولار لخزانة المحكمة الأمريكية التى كانت تحاكمه بعد افتضاح أمره.

استجواب النائب علوى حافظ

وأن الجانب الأمريكى أرسل أوراق القضية إلى وزارة العدل المصرية، ولكنها دخلت أدراج الحكومة ولم تخرج ولم يحقق فيها! كما قال فارس المعارضة فى ذلك الوقت .. وأذكر أن النائب المخضرم كان يعتمد على عدد كبير من الأدلة والوثائق التى تدين النظام الأسبق فى شراء السلاح لمصر ونقله، و أن أحد رجال القوات المسلحة الشرفاء فى ذلك الوقت المشير أحمد بدوى حاول الوقوف أمام هذا التيار الخبيث المذموم كما قال علوى حافظ فى استجوابه.. ولكن لقى مصرعه قبل أن ينفذ سياسته ومعه «13» من أكفأ وأخلص ضباط القوات المسلحة فى ظروف غامضة! وقال علوى حافظ بكل انفعال فى الجلسة التى حرص جميع النواب على حضورها سواء من المعارضة أو الأغلبية وعشرات المحرريين البرلمانيين : إن كل المؤشرات تشير إلى أن هذه الصفقات وتلك الشركات التى كانت تؤسس كانت وراء هذه المأساة.. وبالطبع كان يقصد مأساة حادث المشير أحمد بدوى.. وطالب الحكومة بإعادة النظر فى قضية مصرع المشير وأبطال القوات المسلحة.

وقال بالحرف الواحد فى هذه الجلسة التاريخية التى كانت شاهدا عليها : إنه يشك أن عصابة شركة “ فور وينجز” التى تم تأسيسها انها كانت وراء هذا الاغتيال،ومرت السنون ولم تجر الحكومة أى تحقيقات حول مصرع أو اغتيال المشير أحمد بدوى أحد رجال مصر الشرفاء ولم نعرف الحقيقة رغم مرور كل هذه السنين!

وكان علوى حافظ يتحدث عن صديقه و زميله فى السلاح الفريق أحمد بدوى وزير الدفاع المصرى والقائد العام للقوات المسلحة وعن 13 شهيدا من خيرة رجال مصر فى قواتنا المسلحة الذين لقوا مصرعهم جميعا فى عصر يوم الأثنين

2 ما رس 1981 .

رحم الله الفريق أحمد بدوى ورفاقه الأبطال الذين دافعوا عن تراب مصرفى جميع الحروب التى خاضتها مصر من أجل كرامتها وعزتها .. وكان له دور باز فى حرب أكتوبر 1973 .. وعبر إلى سيناء مع قواته من موقع جنوب السويس ضمن فرقة الجيش الثالث .. وفى أثناء الثغرة التى قامت بها القوات الإسرائيلية اندفع بقواته إلى عمق سيناء لخلخة جيش العدو الإسرائيلى .. واكتسب أرضا ً ًجديدة واستطاع الصمود أمام الحصار الإسرائيلى لقواته فى شرق القناة فى مواجهة السويس .

وقد عين الرئيس السادات الفريق بدوى وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة المصرية فى 14 مايو 1980 وهو من مواليد 3 إبريل 1927 وتخرج فى الكلية الحربية عام 1848 ( دفعة 48 ) .

والحقيقة إن حادث استشهاد الفريق بدوى ورفاقة الــ 13 ضابطا قد أحزن الشعب المصرى كله فى ذلك الوقت بعد أن تحطمت طائرتهم العسكرية الهليكوبتر ( روسية الصنع ) عندما ارتطمت فى أحد الأسلاك الكهربائية فى المهبط الذى تم إعداده فى ملعب للكرة كساحة لهبوط طائرات الهليكوبتر فى قيادة قطاع سيوة الذى نزل فيها الفريق أحمد بدوى ورفاقه قادمين من منطقة سيدى برانى فى بداية جولة تفتشية للمنطقة الغربية العسكرية .

وقد إجتمع الفريق بدوى مع قائد قطاع سيوة وضباط وجنود المنطقة وتناول معهم الغذاء .. ثم توجه الجميع إلى مهبط الطائرة التى ستنقلهم إلى مرسى مطروح فى الساعة الرابعة والربع وكان على رأس مودعيه العميد اركان حرب صلاح الدين سليمان حجازى قائد قطاع سيوة

واذكر أن " مجلة أكتوبر " فى عددها الذى صدر فى 8 مارس 1981 ( رقم 228 ) قد وصفت الحادث وصفا دقيقاً . وقام المصوران سعد ياسين ومحمد سامى بالانفراد بتصوير حطام الطائرة المنكوبة فى سيوة .

والقى الفريق الصحفى المتميز لمجلة اكتوبر الضوء على حياة كل الشهداء الذين لقوا حتفهم فى الحادث فى طائرة واحدة .. وفى وقت واحد وهو الذى أثار العديد من الشائعات والأقاويل من بعض الأنظمة العربية أن الحادث مدبر !.

وقالت مجلة اكتوبر فى تحقيقها الصحفى بعنوان :

" وداعا أيها الأبطال " .. يد القدر كانت أسرع "

إن الطائرة المنكوبة أغلقت أبوابها بعد أن صعد الفريق بدوى ورفاقه إليها .. واختار أن يجلس فى أول مكان بجوار باب الطائرة ..وبجواره جلس اللواء على فايق صبور قائد المنطقة الغربية .. وفى تمام الرابعة و20 دقيقة أغلق باب الطائرة ودارت محركاتها .. وفى نفي اللحظة أشار الفريق بدوى إلى سكرتيره المقدم حازم محفوظ الذى كان يجلس فى مؤخرة الطائرة يطلب مذكرة يقرؤها خلال الرحلة .

وأمام المودعين كانت الطائرة تتحرك إلى الأمام لحوالي 30 مترا .. وبدأت الطائرة ترتفع عن الأرض وهذا النوع من الطائرات الهيكوبتر لابد فى اقلاعها من التحرك للأمام فترة بدلامن صعودها عمودية مباشرة .. وفجأة إرتطم ذيل الطائرة الخلفى بأحد أسلاك الكهرباء .. وتناثر حطام ريِشة المروحة الخلفية .

وأشارت مجلة اكتوبر إلى أن الكثيرين أكدوا أن عاصفة رملية هبت فجأة جعلت الطائرة تنحرف عن مسارها ويصطدم ذيلها بسلك الكهرباء .. وفى ثوان اختل توازن الطائرة بعد أن فقدت المروحة الذيلية التى تمكنها من تحديد اتجاهها.. ورأى

الجميع الطائرة تندفع بسرعة الى أحد أعمدة الكهرباء الحديدية الموجودة فى الساحة .. وبعد أن ارتطمت الطائرة بالعمود سقطت على الفور على ارض المطار .. فالطائرة سقطت على جنبها الأيمن وبابها إلى أعلى .. وهشمت الصدمة نوافذ كابينة القيادة الزجاجية .. فأتاحت لطاقم القيادة النجاة.. نفس الصدمة نتج عنها تهشم مؤخرة الطائرة اضعف المناطق .. فأتاحت أيضا للمقدم حازم محفوظ سكرتير وزير الدفاع ان ينجو .. واندفع كل الجنود والضباط الذين كانوا فى وداع الفريق بدوى ومعهم مضخات الإطفاء فى محاولة للسيطرة على النيران التى اشتعلت فى الطائرة من اثر اصطدامها بالأرض .. ولكن فجأة اشتعلت النيران فى مستودعات وقود الطائرة الموجودة داخل كابينة الركاب .. وهذا النوع من الطائرات مصمم بخلاف سائر طائرات الهليكوبتر بحيث تكون مستودعات الوقود داخل كابينةالركاب .. وانفجرت الطائرة بعد أن وصلت النيران إلى مستودعات الوقود سريع الإشتعال.. وفقدت مصر 14 من خيرة ابنائها .

و أذكر أن الكاتب الكبير الأستاذ أنيس منصور – رحمه الله – رئيس تحرير مجلة اكتوبر فى ذلك الوقت .. كتب مقالا فى نفس العدد بعنوان “ لا كانوا من المماليك ولا نحن فى عصر محمد على “ ينفى فيه حدوث أى مؤامرة لقتل هؤلاء الرجال من القوات المسلحة كما ادعت سوريا فى ذلك الوقت التى قالت انه من المستحيل أن يركب هذا العدد من القادة معا دون أن نكون قد تأمرنا على حشرهم فى هذه القلعة أو الطائرة التى لا تقلع . لقد حدث ذلك مرة واحدة فى تاريخ مصر أيام محمدعلى عندما دعا المماليك الى وليمة وذبحهم فى القلعة سنة 1811 .لقد كان اجنبيا يذبح الأجانب .

ومنذ ذلك الحين لم يحتج أ حد من حكام مصر إلى مثل هذه المذبحة .. فليس هذا الأسلوب العنيف الأجرامى مصريا . إنما قد أحياه البعث السورى وجعله تقليدا قوميا ولا نحسدهم عليه ولسنا فى حاجة إلى أن نسترده منهم .

إن الوزير هو الذى أصر على ذلك ، ورأى فى ركوب طائرة كوماندو مزيدا من التكاليف لا ضرورة له .

مع انها تكاليف مالية تافهة ، ولكنها كلفت مصر ما لا يمكن شراؤه بالمال : أبطالها .

ولكنها إرادة الله شاءت أن تمتحن مصر فى رجالها وصفوة قادتها ، ولكى يعلو السلم العسكرى بصف جديد من الأبطال المحاربين المخترقين لخط بارليف ، وتمضى الحياة مثل عربات فى قطار واحد أو قطرات على وجه واحد : قطرة دم وقطرة عرق وقطرة دمع .. ويموت الأبنا ء شهيدا بعد شهيد ليطول عمر مصر .. وكأن الموت الذى على رقاب العباد شىء عجيب وكأنه لا يصح لمصرى ان يموت.

ويتساءل الأستاذ أنيس : فهل هذا الحادث إهمال ؟

ويجيب على لسان الرئيس السادات : نعم هنال رائحة إهمال .

فهناك " قرارات مستديمة " سابقة بألا يركب هذا العدد الكبير من القادة فى طائرة واحدة . وهذا معروف لدى كل رجال القوات الجوية

ولكن المثل القديم يقول " لا يغنى حذر من قدر " أى لا ينفع الحذر مع القدر . ولو شاء هؤلاء القادة ان ينتحروا معا ، لكان خيانة لمصر ، لانهم تأمروا على تخريبها ، وذلك بأن يحذفوا من رصيدها هذا العدد الكبيرمن الأبطال ! ولكننا لانتهم القدر . إنما نحنى رؤسنا لإرادة الله ، ونرفعها مرة اخرى لإرادة الحياة وانطلاقة التاريخ ، ولنسخر من الشامتين .

ويرى الاستاذ انيس إن الطائرة التى ركبوها فهى سبب البلاء . أو هى مطية الموت لقد اختار الموت أسوأ أنواع المواصلات . فكان بطء هذه الطائرة وبلادتها وتخلفها اسرع وسيلة الى الآخرة ..إنها طائرة قديمة . ومحركتها ضعيفة لا تقوى على رفع جسمها إلى أعلى بسرعة ، ولذلك تحتاج إلى أن تمشى طويلا على الأرض وبعد ذلك ترتفع .

وقال إن الوقود الإضافى فهو فى داخل الطائرة . وقد ركبها الرئيس السادات كثيرا .. وكان فى كل مرة يمد يده ليدخن ترتفع الأيدى حوله تحذر من ذلك لأنه قد اسند ظهره الى خزان الوقود .

و أختتم الأستاذ انيس مقاله بقوله :

إن الله قد وهب مصر الخصوبة فى إنجاب الأبطال و قد منحها الصبر على فقدهم .. والرسول عليه السلام يصف أهل مصر بأنهم : " خير اجناد الأرض " أى أنهم اطيب من دافع عن أطيب أرض "

أما أبطال مصر الذين استشهدوا معه فهم :

1 اللواء صلاح قاسم رئيس أركان المنطقة العسكرية الغربية

2 اللواء على فايق صبور قائد المنطقة الغربية

3 اللواء جلال الدين سرى رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة

4 اللواء أحمد فواد على مدير إداره الإشارة

5 اللواء محمد عطيه منصور رئيس هيئة الإمداد والتموين

6 اللواء محمد حشمت جادو رئيس هيئة التدريب

7 اللواء محمد أحمد المغربي نائب رئيس هيئة التنظيم والإدارة

8 اللواء فوزى محمد الدسوقى مدير إداره الأشغال العسكرية والإبرار

9 اللواء محمد حسن فهمى مدير إدارة المياة

10 عميد أركان حرب محمد السعدى عمار مدير هيئة عمليات القوات المسلحة

11 عميد أركان حرب محمد أحمد وهبى من هيئة العمليات بوزارة الدفاع

12 عقيد مازن مشرف من هيئة العمليات

13 عقيد أركان حرب ماجد مندور من هيئة العمليات.

رحم الله شهداء مصر الذين ضحوا بأرواحم من أجل تراب مصر .. وأسكنهم الفردوس الأعلى وادخلهم جنة النعيم ..مع النبيين والصديقين .