بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

المستشار محمد سليم يكتب .. عن مهنة المحاماة أتحدث

المستشار محمد سليم
-

عندما يسألنى العديد من المقربين منى لماذا أخترت مهنة المحاماة ، ووصولك للعالمية من خلال دفاعك أمام العديد من المحاكم الاوربية ، والأمريكية والعربية ،عن عدد غير قليل من المصريين ونجاحك في الحصول على البراءة ، وإفتتاحك للمكتب العالمى للمحاماة والاستشارات القانونية والذى يضم العديد من المستشارين الذين يمثلون العديد من الدول العربية والاوربية ؟

كان ردى سريعاً نابع من أيمانى الشديد بتلك المهنة التي لعبت أدوارا مهمة وبارزة فى مسيرة الحياة الوطنية فى مصر، وكان لها علامات بارزة وفارقة فى الحركة الوطنية المصرية ورسم الخريطة السياسية والتشريعية لمصر على مدار العقود الماضية، و دورا أساسيا فى حركة النضال ضد الاستعمار والاحتلال بمصر والوطن العربى، وحروبا ضارية للدفاع عن حقوق وحريات الشعوب.

لذلك وهبت حياتى لتلك المهنة التي خرج منها الزعماء ومنهم على سبيل المثال لا الحصر سعد زغلول: «محامى الاستقلال» زعيم مصرى وقائد ثورة 1919، وأحد الزعماء التاريخيين، و مصطفى النحاس باشا "المحامى "وعبدالعزيز فهمى، مكرم عبيد، نصير العمال هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، عبدالرحمن الرافعى، ومحمد صبرى أبوعلم، صاحب قانون «استقلال القضاء»، وأحمد لطفى السيد ، وويصا واصف ، والراحل الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب والدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب ، والدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب و عبد العزيز الشوربجى ومفيدة عبدالرحمن، ومنى ذو الفقار، وأحمد الخواجة، وسامح عاشور،ورجائى عطية

هنا نجد إن المحاماة رسالة سامية ومهنة عظيمة، ولا ينجح فيها إلا المؤمن بها العاشق لها ، فهى رسالة النبل والشرف والأمانة، أن تكون محامياً تعنى أن تدفع من حياتك وعمرك وصحتك دفاعاً عن موكلك وحقه وحريته وشرفه وسمعته، أن تعمل محامياً تعنى أن تكون مطلعاً على كل المهن وصاحب رؤية أشمل لمعنى الحياة مؤمناً بقيم الحق والعدل والحرية والمساواة والإنصاف، تعرف الخط الفاصل بين كل منهم، بل وتبدع فى ذلك بتطبيق القانون.

وهنا أتذكر أقوال المحامي " أمين طاهر البديوي "، والملقب بأسد نصير المظلومين والمدافع عنهم 'بإن مهنة المحاماة من أرفع وأشق المهن على الإطلاق حيث أن المحامون هم المبدعون والمتحدثون بلسان العدالة على مر التاريخ ويشاركون السلطة القضائية مهمتها في تحقيق العدل وإحقاق الحق في هذا المجتمع ولذلك كان لزاماً على المحامي أن يكون على قدر المسئوليه مدركا لقيم الحق والعدل

أقول إن المحامون وهم يحملون أمانة الرسالة؛ يحتضنون في ضمائرهم معاناة وآلام وهموم موكّليهم لأنهم فرسانٌ للحق والعدالة، والمحاماة فى أصلها رسالة تطوعية لرد الحقوق أو استرجاعها أو تحديدها منذ البدء لذلك سمى ما يتقاضاه المحامى أتعاباً وليس أجراً، والأصل الفلسفى لذلك أن الدفاع عن قيم الحق والعدل والحرية والمساواة وردها لأصحابها لا يقدر بمال، لكن أيضاً لا بد للمحامى أن يعيش فكان حل المعادلة أن يكون له مقابل أتعاب.

ولأن المحاماة رسالة وليست كأى مهنة فكان لها أيضاً تقاليدها بين أصحابها، فتجد أن المحامى الكبير صاحب المكتب يتحدث عن زميله الذى يصغره بأنه زميلى بالمكتب يعاوننى ويعمل معى، وأيضاً من تقاليد المحاماة وواجباتها أن كل زميل مبتدئ بالمحاماة له على زملائه الذين سبقوه نقل علم المحاماة من حيث القيم والمبادئ وتطبيق القانون.

ونجد أن المحامى لكى يمارس مهنة المحاماة لا بد أن يحلف قسمها «أقسم بالله العظيم أن أمارس أعمال المحاماة بالشرف والأمانة والاستقلال وأن أحافظ على سر مهنة المحاماة وتقاليدها وأن أحترم الدستور والقانون»، وجاء ذلك القسم لأن المحامى لا سلطان عليه فى ذلك إلا ضميره وإيمانه بحق وكيله الذى ائتمنه على حقه وحريته وجاء من هنا المثل الشهير «لا تستطيع أن تكذب على طبيبك ومحاميك»، لأنك لن تجد من يحمل لواء حقك بل ويؤمن به ليكون استعادته هو قضيته يبذل فداء لذلك كل ما يستطيع من جهد وعناء بل وإبداع.

ومن هنا إجتمع الكثيرون بأن المحامي يجب أن تكون لديه المكنات السامية ، والقدرات العالية ، لأن يكون أديباً بارعاً ، ومفكراً متميزاً ، وفيلسوفاً قادراً ، وحصيفاً ناطقاً ، وسياسياً متزناً ، ومبدعاً متفرداً ، وسباقاً جاهزاً، ومبتكراً حاذقاً . وفراسة سريعة بادئة ، كون مهنة المحاماة هي الوحيدة التي تقتضى ممتهنها تلك الآليات والإمكانيات من الصفات الحسنة والحميدة والنادرة ، أما قواعد وأساسيات ممارساتها فتعود لضوابط الدين والقانون والعادات والتقاليد والأعراف المتعارف عليها من قبل المجتمعات المختلفة

من هنا فإن مهنة المحاماة مهنة ضرورية لدى المجتمعات المختلفة والتي وجدت أصلاً لنصرة العدالة وبيان الحق وإنصاف طرفا النزاع والفصل بينهما وفق القانون الساري والمتبع في أي دولة وبما يرضي وجه الله تعالى وبرضاء كافة الأطراف بالوقت الذي فيه يكون للمحامي دوراً مهماً وأساسياً لدحض الباطل وإزاحة الظلم عن المظلومين والأبرياء ممن لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم أمام القضاء لاسيما وأن المحامي يكون اليد والساعد الأيمن للقاضي في مساعدته لبيان الحق وملابسات الأمور المتعلقة بقضية موكله للنطق بالحكم العادل والمنصف لكلا أطراف النزاع

وأخير فإن مهنة المحاماة مهنة سامية توجب إحترامها وتقديرها من قبل الجميع وأن المحامين هم منارات شاهقة مضيئة وشمعات متلألئة في بنيان المجتمعات والدول وهم الذين قد آلوا على أنفسهم بأن يسيروا بخطىً ثابتة للدفاع عن الحق والعدل وإنصاف المظلومين في الأرض وهم من يحذرون الآخرون من الإنزالاق في قاع الخطر والسقوط إلى الهاوية لتجنيبهم براثن ومآسي الظلم والطغيان ، وهم من يأخذون بأيدي أصحاب الحقوق والمظلومين ومن هم بحاجة للدفاع عنهم إلى ميدان العدل والإنصاف منتصرين لحقوقهم ومجاهدين بأقصى طاقاتهم وقدراتهم من إحقاق الحق وإنصاف العدل وإزهاق الباطل فلهم منا كل إحترام وتقدير .

كاتب المقال المستشار محمد سليم البرلمانى السابق ورئيس المكتب العالمى للمحاماة والاستشارات القانونية