بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

عبدالرحمن سمير يكتب....اعقلها وتوكل !

عبدالرحمن سمير
-

هناك اتهام بلا دليل إلى الإسلام أنه دين التواكل والتكاسل ودين النقل وليس العقل ولو تنبه اصحاب هذا الاتهام الباطل إلى أبسط مقولة قالها النبى (صلى الله عليه وسلم) فيها جوامع الكلم واختصارا لكل الردود على كلام هؤلاء المغرضين .تلك المقولة (اعقلها وتوكل)عندما جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) وكان معه دابته فقال للنبى اتركها واتوكل على الله اى ادخل المسجد لأصلى واترك دابتى حرة طليقة والله يحفظها ويحميها فيرد عليه النبى الكريم اعقلها وتوكل اى أربطها حتى لا تهرب الدابة وتوكل على الله.وفى هذا درس عظيم لو أخذنا به فى حياتنا لتغير الكثير من أوجه الحياة لنا جميعا .وهى فكرة إعمال العقل والتفكير والتدبر.فالدين الإسلامى هو دين العقل والتفكير بجانب الإيمان بالله .الرسول فى هذا الموقف يّعلم هذا الأعرابي فكرة التّوكل على الله وليس التواكل على الله .وهناك فرق شاسع بينهما .والكثيرون يخلطون بين التوكل على الله والأخذ بالاسباب وترك الباقى على رب الاسباب ومدبرها وبين التواكل و التكاسل وعدم اعمال العقل والتفكير.فى أثناء دراستى للثانوية العامة وكان ذلك فى أوائل تسعينات القرن الماضي كان لى صديق معى فى الثانوية العامة شعبة ادبى .وكانت الامتحانات عقب شهر رمضان الكريم فانشغل هذا الصديق بالصلاة والاعتكاف والذكر طيلة شهر رمضان تاركا المذاكرة وتحصيل دروسه بحجة أن الله أمرنا بالعبادة وان الإنسان خلقه الله لعبادته وكان يذكر دائما قوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )وظل زميلى هذا معتكفا فى المسجد لا يخرج منه وجاء وقت الامتحان ولم تنزل المعلومات عليه من السماء ويرسب فى الامتحان ويقوم بإعادة الثانوية العامة مرة أخرى.صديقى هذا لصغر سنه وتحجر تفكيره لم يفهم الدين والعقيدة الصحيحة فالإسلام دين العبادة والعمل وإعمال العقل وليس العبادة فقط دون الأخذ بأسباب العلم والتقدم وان من أسباب النجاح المذاكرة والجد والاجتهاد وليس التواكل وترك العمل .كان عمربن الخطاب يقول( إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ) وهذا توجيه منه (رضى الله عنه )إلى ضرورة السعى والعمل وإعمال العقل والتفكير.يجب أن تكون قراراتنا نابعة من العقل حتى نستطيع أن نحقق انجازات فى الحياة فالنجاح لا يتحقق بالتكاسل أو التواكل على الله . فالله أمرنا بالعمل والسعى والاجتهاد والمثابرة والصبر فقال تعالى (قل سيروا فى الارض) وقوله تعالى لمريم العذراء عند ميلاد السيد المسيح عليه السلام (وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) وليس كلامى هذا معناه ترك العبادات والقرب من الله والدعاء لله تعالى .فكلنا محتاجون إلى عونه ومدده لكن الله أمرنا بالعقل والتفكير والسعى لطلب الرزق وما تأخرنا عن ركب الحضارة والتقدم الا عندما تركنا العقل والتفكير واتجهنا إلى التواكل والتكاسل .يجب أن نعقلها دائما ثم نتوكل على الله فى كل امور حياتنا وبذلك تكون النتائج منطقية وناجحة فالمقدمات المنطقية القائمة على العقل والتفكير تؤدى إلى النتائج المرجوة .وقد تسيدت الأمة الإسلامية والعربية وابهرت الحضارة الإسلامية العالم فى القرون الوسطى عندما أخذنا بأسباب العلم والمعرفة وظلت كتب الفارابي وابن ماجه وابن سينا والخوارزمى والبيرونى وغيرهم من علماء المسلمين تدرس في أوربا حتى وقت قريب . فتذكر اعقلها وتوكل.