د. رانيا ابو الخير: تكتب لبوابة الدولة الاخبارية .. مصر والمائة مليون نسمة: فرص أم تحديات؟
مع
اعلان مصر عن مولدتها التى اتممت المائة مليون نسمة نكون قد دخلنا نادى
المائة مليون من حيث عدد السكان، وهو مؤشر قد يراه البعض أنه يحقق انجازا
فى مجال الزيادة السكانية بدخولنا هذا النادى الذى يضم دول عدة، وذلك تحت
دعاوى أن المولود يأتى برزقه. ولكن هذه
الدعاوى او الاقوال قد تبدو محقة فى ظاهرها ولكنها باطلة فى جوهرها إذا
اردنا تدقيقها بشكل علمى ومنهجى. وهنا مربط الفرس فى كثير من قضايانا
الحياتية التى نطلق بصددها مقولات تبدو ايجابية إلا انها لا تتناسب مع
طبيعة الواقعة او الموقف الذى تقال فيه.
ومن دون الدخول فى تفاصيل او مناقشات مستفيضة حول صحة هذه المقولة من
عدمه او محاولة تأصيلها فقها، يظل التساؤل الذى يجب ان يجيب عنه كل فرد
يقدم على انجاب المزيد من الاطفال هل هو قادر على كفالتهم وتوفير مقومات
الحياة الاساسية لهم بدءا من مسكن صحى وملبس صحى
ومأكل صحى وتعليم جيد؟ هذا هو محور النقاش الذى يجب ان يدور فى ذهن كل فرد
وكل اسرة ترى فى الانجاب الكبير إما مصدرا للعزوة او مصدرا للرزق، دون ان
تنظر إلى سلبيات قرارها ليس فقط على مستوى هذا الطفل وحقوقه التى تنتهك،
وإنما على مستوى صحة الابوين ذاتهما، فالام تبذل
جهود غير عادية فى رعاية الطفل، ولا يقل المجهود الذى يبذله الاب فى توفير
مقومات واحتياجات هذا الطفل عن مجهود الام، وهو ما يجعلهما فى دوامة من
العمل ليلا ونهارا لتلبية احتياجات اطفالهم المتزايدة يوما بعد يوم مع كل
ميلاد لطفل جديد. كل هذا على مستوى الاسرة التى
هى لبنة المجتمع واساسه، والتى يجب ادراك افرادها انهم يبنون مجتمع
المستقبل الذى لا يحتاج إلى الكم وإنما الى الكيف، لا يحتاج هذا المستقبل
إلى اعداد من المواطنين الذين ينتظرون الاخرين لمعاونتهم وتقديم المساعدة
لهم، وإنما يحتاج المستقبل إلى افراد قادرين على قراءة
تحدياته وتلبية احتياجاته للمشاركة فى صنعه وهذا لن يتأتى إلا بالتربية
السليمة والتعليم الصحيح الذى يكسب هؤلاء الاطفال القدرات والامكانات
القادرة على التعامل مع لغاته وآلياته وإلا نكون قد تركنا اطفالنا فى مهب
الرياح تعصف بهم فى معتركات الحياة ما بين تشرد تارة
وعمالة رخيصة ومذلة تارة اخرى والوقوع فى براثن جماعات التطرف والارهاب
تارة ثالثة، فهل هذا هو المستقبل الذى نأمله لاولادنا؟ ارى ان الاجابة على
هذا السؤال هى مربط الفرص فى النظر إلى الزيادة السكانية فى مصر بأنها لا
يمكن ان تكون فرصة وإنما هو تحدى نصنعه بأيدينا
لا يقل خطورة عن التحديات التى يتربص بها اعداؤنا.