الكاتبة الصحفية مها الوكيل : تكتب لبوابة الدولة الاخبارية -أمراض القلوب
الأمراض التي تصيب القلوب هي أشد أنواع الأمراض فتكًا، إذ تقضي على نقائها وقربها من الله وكلما تعمقنا بها حولت قلوبنا إلى سواد، لذا يجب قبل أن نسعى لشفاء الأجساد أن نسعى إلى شفاء القلوب وتنقيتها مما يصيبها من أمراض، ولعل أشد وأسوء تلك الأمراض الحقد والحسد، وهو ما ينغص حياة أصحاب تلك القلوب المريضة، كما ينغص على من حولهم لذا نقي قلبك وطهره دائمًا واجعله صفحة بيضاء لا حقد ولا حسد
فإن أمراض القلوب من حقد وحسد قد تودي بصاحبها
للتهلكة، وسمعت تفسيراً لهذا الحديث: (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه
وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار) الحديث يفيد:
بأنه على الرغم من أنه عمل طيلة حياته عمل أهل الجنة، لكن ما جعله يختم حياته بعمل
أهل النار هو أن قلبه لم يكن صافيًا، بل كان مليئاً بأمراض القلوب من حقد وحسد.
من خير ما يفعله
الإنسان لتطهير قلبه من الحسد والغل والحقد على المؤمنين أن يتذكر المعاني المهمة التي
أرساها الشرع الحنيف في النفس المسلمة، ومن أهم ذلك إيمان الإنسان بقضاء الله تعالى
وقدره، وأن الإنسان لا يمكن أن يُصيب شيئًا لم يُقدره الله تعالى، كما أنه لا يمكن
أن يُصيبه شيء لم يكتبه الله تعالى له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (جفَّ القلم
بما أنت لاقٍ يا أبا هريرة )، أي كل ما ستلقاه أيها الإنسان قد كُتب وفُرغ منه.
فإذا تذكر الإنسان
هذه الحقيقة؛ وجد بعد ذلك أنه من الحمق والغباء أن يحقد على الآخرين بسبب أشياء نالوها
لم تصله، أو نحو ذلك من الأسباب.
هنا نقول إن إن الغل والحقد والحسد وما شابَهها من الصفات السوداء للنفس البشرية ،هي مصادر الشَّرِّ في المجتمع الإنساني. وهى في الوقت ذاته عوامل هدم وقضاء على الفرد والمجتمع معًا. فالفرد الحَقُود لا يعرف البناء بل طابَعه السلبيَّة ومحاولة تحطيم مَن هو أحسن منه وضعًا أو حالاً بعد أن يحطِّم نفسَه هو والمجتمع الذي يَشيع فيه خُلق الحِقد لا يعرف الوحدة ولا يصل يومًا ما إلى التماسُك. وكل ما له من عمل هو تبادُل التمزُّق حتى الفناء كمجتمع أو كأمّة ،خاصة وإن الغل والحسد مرضان من أمراض القلوب ،ومرض القلب من أصعب الأمراض علاجًا، ولذا وجب جهاد النفس فيها، وأسلم علاج لهذه الأمراض هو تصحيح الإيمان بالله والسير على نهجه ،والعمل على الوصول إلى درجة التقوى ،ونيل مقام المراقبة،فإن لم يخش المرء ربه،فإنه لا خير فيه ،ولا ينتظر منه شيء،بل لن يكون له دافع عن ترك المحرمات.
فالإيمان بقدر الله
تعالى، وأنه سبحانه وتعالى أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وأنه العليم الخبير، وأنه
أرحم بالواحد منا من نفسه.
العلم بهذه الحقائق
يورث الإنسان الرضا بما قدره الله تعالى له والمكان الذي أوصله إليه، فلا يجد في نفسه
بعد ذلك حقدًا ولا حسدًا على أحد من المؤمنين، ولن يغضب لكون الإنسان لم يفعل له شيئًا،
لأنه يُدرك أن ذلك بقضاء الله وقدره.
ولعل الدعاء إلى الله عز وجل، والتوكل عليه ، والرضى بالقضاء والقدر، تعد من أهم عوامل التخلص من تلك الافات الخطيرة ، علينا النظر إلى من هو أقل منك حالا، والإيمان بأن الإمساك عن الشر صدقة، والإيمان والرضا بالقضاءوهذة الاشياء هى علامة من علامات كمال الإيمان، فمن لم يكن كذلك فقد نقص إيمانه
.