أحذروا الوقوع فى عشق تلك المرأة
أنثى العنكبوت هى أخطر النساء، الغاية عندها أن تمنى عاشقها طويلاً، ثم لا تعطيه إلا قدراً ضئيلاً من الحب، وأن ترهقه وتقلقه كثيراً، ثم لا تُطَمئِنه إلا لتعود فتتنكر له، وأن تعذبه طويلاً على ألا تهبه نعمة السعادة الكاملة أبداً، والواقع أن لذة الحب عندها لا تنبع من لذة التآلف والتفاهم والمشاركة، بل من رغبة المحاورة والتعذيب! إنها تنشد لذة التعذيب في الحب جاهدة! وهذه اللذة تغري الرجل بها وتضاعف رغبته فيها وتدفعه وإن كان ضعيفـاً إلى الهوس أو الجنون أو الانتحار تخلصاً من مكرها وتلونها وغدرها، إنها تتعمد إثارة الغيرة في قلب رجلها بشتى الفنون فتقبل عليه كالحمل ثم تروغ منه كالثعلب، ثم تتبدد أمامه كالحلم أو تتصل به كالظل، فتثور ثائرة الرجل ويزداد بها تعلقـاً حتى يغلبها أو تغلبه آخر المطاف.
تلك المرأة التي هي أشبه "بأنثى العنكبوت الاسود " تلتف على ضحيتها فتعصرة تحت كلمة تستخدممها وهى الحياء وتستهلك قواه بإغوائها له، ثم سرعان ما تلدغه لتقضي عليه بعدما تنتهي منه
الفرق بين الحياء والادعاء
الحياء لا يعني برودة القلب، ولا يعني غياب المشاعر؛ فالمشاعر تحكمنا رغماً
عنا، والقلوب ليس لنا عليها سلطان، وإنما يظهر الحياء في تقييد السلوكيات، وذلك لا
يكون إلا عند المقدرة.
فلننظر لقصة موسى -عليه السلام- فالمرأة جاءته تمشي على استحياء ولكنها رغم
حيائها لم تنكر، ولم تكذب، ولم تخالف مشاعرها، إنما قالت بوضوح لا يقطعه شك استأجره
فإن خير من استأجرت القوي الأمين.
وقد يتعجب البعض كيف لامرأة تتمتع بالحياء أن تصرح بهذه المشاعر بكل قوة وحسم
بهذا الشكل، ذلك هو الحياء الحقيقي الطبيعي وليس المتصنع الذي نراه الآن، فرغم أن والدها
شيخ كبير، وهي تمتلك حرية الحركة، واستطاعت أن تعود لسيدنا موسى وحدها دون أختها في
المرة الثانية، فإنها لم تنتهز الفرصة أو تخون الأمانة، إنها جاءته تمشي على استحياء،
وفي الوقت نفسه لم يمنعها حياؤها من وضوح مشاعرها والتصريح بها، ولم تبخس الرجل حقه
فقد رأته قوياً أميناً.
ما التمنع فهو تصنع ولا علاقة له بالحياء، إنه لعبة المرأة اللعوب كما ذكرنا.
إنها على العكس من المرأة ذات الحياء تتعمد الإغواء في سلوكياتها، ولكنها تخفي
مشاعرها ولا تصرح بها ولا تظهرها لأحد كائناً مَن كان، بل ربما يذهب بها الفجور إلى
ما هو أبعد فتجدها تصرح بعكس مشاعرها الحقيقية! فتبخس الرجل حقه، وتنكر عليه تمتعه
بأي خصال طيبة، في الوقت نفسه الذي تقوم هي فيه بإغوائه ونسج خيوط العنكبوت حوله وربما
حول غيره أيضاً!
وهي مما ينطبق عليهم القول: "يتمنعن وهن الراغبات"، فذلك الامتناع
ليس مرده الحياء أبداً، إنما مرده العجز الذي قد يكون له أسباب كثيرة جداً: كعدم الثقة
في النفس، أو في الآخرين، أو التعرض لجراح سابقة وخذلان، أو لبرود جنسي، أو لنرجسية
مرضية تجعل المرأة ترى نفسها تستحق الأفضل، أو لعقد نفسية، أو ربما عدم نضج للمشاعر،
فهي لا تزال تنتظر الأمير الفارس الذي سيحارب المجرة كلها من أجل أن يحصل منها على
نظرة أو ابتسامة! وتُخفي تلك الأسباب الحقيقية تحت شعار جذاب أصبح شائعاً الآن وهو
"المرأة القوية" أو ما يعرف strong independent woman
إن استراتيجية المرأة العنكبوتية، تتلخص في "شوق ولا تدوق"؛ فهي لا
يمكن أن تدخل على قلبك الطمأنينة، إنها تلهب مشاعرك وتجعلك دائماً في حالة قلق وتوتر
وشك لا تدري أحقـاً تحبك أم لا، أهنالك رجل آخر في حياتها أم لا، إنها تتلوى كالأفعى
فلا تتمكن من الإمساك بها، وتظل تسحبك إلى جحرها حتى تعجز عن الخروج، وتصبح مستسلماً
لعشقها، ذلك العشق المسموم الذي ما إن نفذ سمه إلى قلبك أصبح كالسرطان يسري في جسدك
حتى يقضي عليك ويهلكك تماماً.