لسّه عايشين» هذه معاناة الممرضات فى غزة
داخل ممر صغير بإحدى مدارس قطاع غزة، لا تتجاوز مساحته المترين، ترتدى نهاد مسعود البالطو الأبيض وتقف بكل حيوية ونشاط لتداوى جرحًا غائرًا في قدم طفل أصيب بحروق شديدة في غارة جوية للاحتلال الإسرائيلى، تتنقل بخفة بين الجرحى المكتظين، بينما تبدو على وجهها علامات الإرهاق، فهى لم تغفُ منذ 24 ساعة، وتعيش على كسرة الخبز وحبات من الزيتون.
ابتسامة «نهاد» تعلو وجهها وهى تداوى الجرحى، بينما على الجانب الآخر، يحاول ابنها «شادى» أن يطمئن عليها برسالة مقتضبة «كيف حالك أمى.. هل أنت على قيد الحياة؟»، لتجيبه: «والله لسه عايشين»، وتنحى هاتفها جانبًا لتستأنف عملها في هدوء تام وكأنها في سباق مع الوقت.
على مدار 40 يومًا ماضية تنقلت «نهاد» 5 مرات إلى أماكن مختلفة في غزة للهروب من قصف العدوان الإسرائيلى، لكنها دومًا غير آمنة، فالأمر فظيع بالقطاع، حسب وصفها،
مضيفه :«نعيش أوضاعًا صعبة تغيب فيها جميع مقومات الحياة الإنسانية».
واستكملت «نهاد»: «لا يتوقف صوت القصف الإسرائيلى.. الغارات الجوية طوال 24 ساعة، فهم يقصفون كل مكان حتى المستشفيات والأماكن التي يتواجد فيها المصابون، يرتجف الأطفال ونحاول تهدئتهم ونشغلهم بأشياء أخرى لكنها لا تنسيهم الخوف».
طوال 72 ساعة متواصلة لم تتمكن «لارا»، ممرضة بقطاع غزة، من أخذ قسط من الراحة يمكّنها من رؤية أسرتها، حيث انقطعت المكالمات بينهم بعد قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة، ولم تفارقها صورة عائلتها لحظة واحدة، لتفاجأ باستشهاد شقيقها الأصغر في غارة جوية.
في ليلة 10 من نوفمبر الجارى، استقبل المجمع الطبى أعدادًا كبيرة من المصابين والشهداء، حيث هرولت «لارا» على سيارة الإسعاف وسط الزحام لنقل الشهداء إلى ثلاجة الموتى، لتفاجأ بشقيقها الأصغر شهيدًا، وتتعالى صرخاتها لتغلب صوت القصف الإسرائيلى.
وفى ظل المهمة الصعبة التي تقودها الممرضات في قطاع غزة، وسط غياب المستلزمات الطبية، وهو ما دفع إيمان بركات، الممرضة المتقاعدة منذ 5 أعوام، إلى العودة للعمل مرّة أخرى وأداء واجبها المهنى والإنسانى، مردفة: «لا وقت للتهاون أو الانهيار، فنحن في حالة حرب، إما النصر أو الاستشهاد».